ماء الجنوب: محمد البندر

ماء الجنوب: محمد البندر

لكَ الماء أعلى من شطوط فراته

ليبني على الرمضاء جسر مشاته


لك الصيف يهذي في الأزقة رافعاً

الى غبش الرؤيا مرايا ذواته


ويمشي على الجدران يرسم ظله

من الجمر كي يقفو مسير حفاته


لك الماء يظمى كالحسين وجرحه

ينزّ خيولا تفتدى بثباته


ونهر ذوي القربى يعض ضفافه

ويجري من الكفين نبع صلاته


ويدنو من الاشلاء يجمع وصلها

ليصبح ملحا في دموع بناته


من الخشبِ، المسمار، ينبتُ موجعاً

بوجه السما كي تهتدي بعظاته


وتستنجد الصلبان بالروح علها

تضيء سراج الله في خلواته


لك الأرض تحكي عن جنوب ترابنا

به الورد يسقي الضوء من بتلاته


لك الأرض في قلب الجنوب تمخضت

وانجب منها الله روح دعاته


واخرج من بطن الجبال مسيحها

وفي عرس قانا أشرقت بهداته


وانجب من صلب الشهيد كواكبا

إذا الموت نادى أمسكوا برفاته


وساروا به خلف التلال يدلهم

الى جهة الليمون عصرُ حياته


وإن أومأوا نحو المغيب تدحرجت

شموس تعيد الضوء من ظلماته


وإن أطلقوا صلت بنادق مجدهم

لتجمع جند الليل في ثكناته


وفي أرضنا كل الجهات توحدت

وفي كل درب نهتدي بجهاته.