الحل الجنوبي ينتظر هوكشتاين

الحل الجنوبي ينتظر هوكشتاين

اللبناني على هذه الورقة قد تؤسس الى وضع ورقة فرنسية جديدة بناءً على تلك الملاحظات. ولكن حتى لو صح الأمر، ماذا عن الجانب الإسرائيلي، فهل سيتمكن الفرنسيون من صياغة ورقة حل تلزم اسرائيل بالالتزام الكلي بالقرار 1701؟

سابعاً، النقاش في المجالس السياسية، خلص الى انّ الفرنسيين سجّلوا موقفاً في اللحظة الحرجة وعبّروا عن رغبتهم في الشراكة في الحل السياسي، ورسالتهم هذه ليست الى الاسرائيليين واللبنانيين، بقدر ما هي للاميركيين.

ثامناً، الحل السياسي لمنطقة الحدود الجنوبية معقّد، وكل تقديرات الخبراء والمتابعين تجمع على أنّ أقصى ما يمكن بلوغه في تلك المنطقة هو العودة من دون اعلان الى ما كان عليه الوضع قبل 7 تشرين الاول. واما الحل المستدام فهو بيد الاميركيين، ومن هنا، فإنّ المرحلة هي مرحلة انتظار لما سيطرحونه عبر هوكشتاين، حيث انّهم وحدهم، إن ارادوا ذلك، يملكون قدرة الضغط الجدّي على اسرائيل، للسير بمسار الحلول بدءاً من غزة وصولاً الى إلزامها بالتطبيق الكامل للقرار 1701 على جبهة جنوب لبنان. ومعلوم انّ لبنان الرسمي اكّد التزامه بهذا القرار، بل عبّر عبر رئيس مجلس النواب نبيه بري عن الاستعداد الكلي للمساعدة على تطبيقه.

وفي الاطار ذاته، قالت مصادر ديبلوماسية متابعة لمساعي التهدئة في الجنوب، “انّ ملاحظات او ردّ لبنان على الورقة الفرنسية يؤكّد اولاً تمسّك لبنان بتنفيذ القرار 1701، لكن من جانبي الحدود وليس من جانب لبنان فقط ووقف الخروقات الاسرائيلية، ولكن اسرائيل ما زالت تطلب تراجع قوات المقاومة الى خلف الخط الحدودي، وهو ما رفضه لبنان وأعادت فرنسا صياغة هذا الشرط الاسرائيلي من الورقة بعبارة “اعادة تموضع المجموعات المسلّحة”، بما يعني انّها تشمل كل الفصائل المسلحة في الجنوب وليس “حزب الله” فقط.

ولفتت المصادر الى انّ لبنان اعلن التزامه بالتطبيق الكامل والشامل للقرار 1701، وهذا القرار ينص على “الغاء المظاهر المسلّحة” بمعنى عدم إظهار سلاح المقاومة، ولا يعني ترك الجنوبيين لقراهم، ويمكن معالجة هذه النقطة عبر التشاور الدبلوماسي.

اما بشأن شرط لبنان وقف الحرب في غزة والاعتداءات الاسرائيلية قبل تطبيق الاتفاق، فقالت المصادر: “لقد اخذت فرنسا وحتى اميركا هذا الامر في الاعتبار، ولذلك لم يحضر آموس هوكشتاين الى لبنان، لانّه لا يمكن التفاوض وتطبيق اي اتفاق قبل وقف حرب غزة”.

اضافت المصادر: “لقد اخذ الجانب الفرنسي الملاحظات اللبنانية كما الملاحظات الاسرائيلية على الورقة، وسيتمّ تنقيحها بناءً لهذه الملاحظات وإعداد صيغة اخرى ليتوافق عليها الاطراف اذا أمكن. لكن إعداد الصيغة الجديدة سيستغرق بعض الوقت وربما قرابة الشهر!”.

واوضحت المصادر، أنّ فرنسا لم تكن تنتظر رداً إيجابياً او سلبياً على الورقة الفرنسية التي جرى تعديلها مرتين، لأنّها ليست ضمن مسار مفاوضات بل مسار مشاورات لتعطي فرصة تقدّم لحل ديبلوماسي بدل الحل العسكري. كما انّ فرنسا ارادت الحصول على موقف رسمي لبناني لا مواقف كلامية عبر الاعلام او في الاجتماعات.


الداخل: ارباك

في موازاة ذلك، تتبدّى صورة داخلية مربكة، فكلّ الملفات في إجازة مفتوحة وليس في أفقها وميض انفراج، بل غرق كامل في حقل واسع من الحفر العميقة؛ فالحفرة الرئاسية ابتعلت كل محاولات ردمها، واللجنة الخماسية أدخلت نفسها في استراحة مفتوحة، وملف الحوار الرئاسي رُكن على رف الشروط والتعقيدات، واما الحفرة السياسية تتناحر في اعماقها مكونات تتنقل في مزايداتها ومهاتراتها بين ملف وآخر، وها هي اليوم تقّدم أبشع صور النفاق في ملف النازحين السوريين، وجلسة مجلس النواب الاربعاء المقبل لمناقشة ما استجد حيال هذا الملف ومبلغ المليار يورو المقرّر كمساعدة للبنان، محطة لاشتباك سياسي وعراضات معمّقة للانقسامات والاصطفافات. وتوازيها الحفرة الاقتصادية والمالية التي يقترب لبنان من الارتطام في اعمق درك، وها هو يقترب من تصنيف سلبي إضافي، واما الحفرة الأمنية فتتوسع وتشتد مخاطرها في الفوضى المستشرية في الداخل، وكذلك في التوترات المتزايدة على امتداد الحدود الجنوبية.

وكان الوضع في الجنوب الى جانب ملف النازحين، محل بحث بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ووفد “كتلة اللقاء الديموقراطي” برئاسة النائب تيمور جنبلاط، حيث نوقشت الافكار والمقترحات المتعلقة بهما، لا سيما ما سيطرح في الجلسة النيابية العامة المقرّرة يوم الاربعاء المقبل في 15 من الشهر الحالي.

وقال عضو الكتلة النائب الدكتور بلال عبد الله لـ”الجمهورية”: “ناقشنا مع الرئيس بري ضرورة إيجاد مقاربة عقلانية وموضوعية لملف النزوح بعيداً من الشعبوية والعنصرية، لأنّ موضوع النزوح يضغط بكل ثقله على الوضع اللبناني سياسياً واقتصادياً وامنياً واجتماعياً. وعليه يجب صياغة موقف وطني موحّد للضغط على المجتمع الدولي والمفوضية الاوروبية، وفي الوقت ذاته على السلطات السورية للمساهمة في معالجة جذرية للملف”.

واضاف عبد الله: “اما بخصوص الجلسة العامة فنحن ايّدنا دعوة رئيس الحكومة لها وموقف الرئيس بري بالدعوة لعقدها، بهدف ان تتسلّح الحكومة بموقف وطني واحد يشكّل خريطة طريق للحل”. ورجح ان تخرج الجلسة بتوصية نيابية جامعة للحكومة وتطرحه الحكومة في مؤتمر بروكسل نهاية هذا الشهر.

واشار الى “أننا تطرّقنا الى الورقة الفرنسية وردّ لبنان عليها، ولم نطلّع على الردّ بالتفصيل، لكنه ينطلق من تقيّد لبنان بتطبيق القرار 1701 من الجانبين اللبناني والفلسطيني المحتل، وبطلب ضمانات من راعيي مساعي التهدئة الفرنسي والاميركي، بإلزام اسرائيل بوقف انتهاكاتها للاجواء والحدود اللبنانية براً وبحراً ووقف التعديات على القرى”.


المصدر: الجمهورية