بيت جدتي الدافئ. ميسم حمزة

بيت جدتي الدافئ. ميسم حمزة

بيت جدتي الدافئ. ميسم حمزة


صحيح انهم يقولون، ان من يكتب القصص يضع مشاعره فيها، من خلال لمسته في اختيار الكلمات التي تصف ابطال الرواية، ولكنني اليوم سأكتب عن المنزل الذي بقي دافئا الى ان فارقت هي الحياة، سأكتب عن منزل جدتي ، الذي شكل مصدرا للفرح والسرور ومكانا لتجاوز كل حزن وضيق لسنوات طويلة..

المنزل، الذي وإن مررت بجانبه رسمت على وجهك الابتسامة والاحساس بالامان الذي لا يمكن وصفه مهما حاولت، وكيف لا وهذا المنزل هو رفيق الذكريات الجميلة فيه عاشت سيدة جعلت هذا المنزل عبارة عن ملجئ لكل من تضيق به الحياة ، ومكان لكل من يحتاج الى الراحة والهدوء وصاحبته كانت القاضي الذي جعلت منزلها محكمة لحل المشاكل الاسرية والسرية، ومكان للاجتماعات العائلية التي تقوم على العاطفة والمحبة ...


ضحكاتها في كل مكان، وحنيتها في القلب باقية مهما مر الزمان، لا يمكن نسيانها، كان النور يَشعُّ من وجهها حينما تنظر إليها، فهي تتعدَّى الثمانين من عمرها، ولكنها ام واخت وطفلة وصديقة وبلسم لكل الجراح التي قد تسكن القلب دون استئذان

جميع غرف منزلها الصغير متاحة، تدخله لتجدها جالسة في غرفة الجلوس، فتستقبلك بتلك الابتسامة والضحكة، وتسبقك في فتح يديها لتغمرك بحب وعاطفة ، وتبدأ بطرح الاسئلة التي لا تنتهي لتجعلك تخرج كل ما في داخلك لا ارادياً... 

الثلاجة تُفتح وتُغلق أكثر من أي شيء أخر ، حتى ولو لم تكن جائع، فلا يمكنك الا ان تتفقد ما حضرته تلك العزيزة، لتأكل منه لان طعمه مختلف ولا مثيل له 

وحتى التلفاز فهو حكايه أُخرى... مفتوح كل الوقت ... والمسلسل هو نفسه تحضره كلما دخلت المنزل، كأنه واجب مدرسي، وتجدها تخبرك كل ما يجري في المسلسل الذي اصبح راسخا في ذاكرتها ..

اليوم... اصبح المرور من جانب هذا المنزل الذي فيه سكن القلب وعاشت فيه الروح محرماً، اليوم مات المنزل كما ماتت جدتي، فقد اصبح مظلما لا روح فيه..

رحلت هي واخذت كل جمال الاشياء معها... لتبقى الذكرى التي لن تفارق الحياة ..