دار الفتوى ترسم خطاً أحمرَ: لا تبحثوا عن بديل للحريري

دار الفتوى ترسم خطاً أحمرَ: لا تبحثوا عن بديل للحريري

لأيام عاش سمير الخطيب رئيساً للحكومة قبل ان ينزله الشعب عن كرسي الرئاسة الثالثة، التي لم تكن مكتوبة له اصلاً، لكن ليس ما حصل في الشارع من انتج انسحاب الخطيب بل مجموعة عوامل دفعت الاخير في هذا الاتجاه.

دار الفتوى لعبت الدور الأساسي في تسوية الاخراج اللائق للموضوع. فموقف دار الفتوى أعاد خلط الأوراق المتعلقة بعملية التكليف، واصاب عدة أهداف بطلقة سياسية واحدة، أحرقت اولا ورقة تكليف الخطيب على مشارف الاستشارات، وأعيد سعد الحريري الى صلب المعادلة على قاعدة "الحريري او لا أحد".

أعادت دار الفتوى تعويم زعيم "المستقبل" ومنحته التكليف الديني الشرعي ضد الاتهامات والحملة التي تعرض لها تياره ونصّبَته اللاعب الاساسي على الساحة السنية، بعد ان تعمّقت ازمة التكليف واشتد الحصار على سعد الحريري.

ما توافر للحريري لم يحصل عليه الخطيب. فالاخير لم يتوافر له الدعم الذي يؤهله لبلوغ نهائيات الاستشارات من مرجعيات الطائفة الدينية والسياسية، فتُرِكَ لمصيره بطريقة مدروسة ومنسقة. اما سعد الحريري فحظي بتغطية لا مثيل لها دفعت قيادات سنية في الطائفة لرفع الصوت، فنائب طرابلس فيصل كرامي رأى في موقف دار الفتوى ضربة لاتفاق الطائف ووصف المفتي دريان انه اصبح مفتي سعد الحريري وبأن الحريري لا يمثل كل سنة لبنان. وهكذا كان موقف اغلب اعضاء "اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين".

بالنسبة الى بيت الوسط فإن موقف دار الفتوى يأتي في سياق يتماشى مع طبيعة الاحداث ومع تركيبة النظام الطائفية، اللذين يفسحان المجال لتدخل المرجعيات الدينية في الشؤون السياسية. الأمر يُشبه ما كان يجري في بكركي في مرحلة الفراغ الرئاسي عندما كان يحاول سيد الصرح جمع الزعماء الموارنة ويدعوهم للاتفاق والتشاور في موضوع رئاسة الجمهورية.

تدخل دار الفتوى صب في خانة دعم حظوظ الرئيس المستقيل وتعزيز اوراقه للتفاوض في التأليف بعد التشكيل، مما سيربك رئيس الجمهورية والوزير في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل، فرئيس الجمهورية اضطر لتأجيل الاستشارات النيابية اسبوعاً، و"التيار الوطني الحر" صار وجها لوجه امام أمر واقع مختلف، حيث بات يواجه عملية ابتزاز سياسي في موضوع التفاوض على التأليف لمواجهة الفيتو الذي يضعه الحريري على دخول باسيل الى الحكومة المقبلة.

تدخل دار الفتوى كما تقول اوساط سياسية اتى بعد الاشتباه بسعي رئاسة الجمهورية لعقد الاستشارات يوم الاثنين الماضي ومنع قطع الطرقات على النواب لحصول الاستشارات. من هنا تم اعتبار موقف الحريري المنسق مع مرجعية الطائفة الدينية بأنه يُشبه الانقلاب على الاستشارات، وان مواقف دار الفتوى والجبهة السنّية التي ضمت رؤساء الحكومة السابقين والعائلات البيروتية ساهمت في قلب المعادلة وتثبيت الحريري في معركة التكليف، وشد عصبه لاحقا في عملية التأليف. الرسالة الأهم "ان سعد الحريري خط أحمر وممر إلزامي للعبور الى الحكومة لا تفتشوا عن مرشح آخر". 

مروى غاوي