تحالف مشبوه بين الاقتصاد والكورونا ضد اللبنانيين

تحالف مشبوه بين الاقتصاد والكورونا ضد اللبنانيين

لا شيء يعلو هذه الايام فوق الكورونا، المرض العابر للقارات أنسى لبنان همومه ومآسيه الاقتصادية والمالية، فنسي اللبنانيون ثورة 17 تشرين وتظاهرات الرينغ ومصرف لبنان، وان أموالهم محجوزة في البنوك، وان هناك طبقة سياسية فاسدة نهبت البلاد وقضت على الأخضر وعلى اليابس فيه.

لم يعد يهمهم ان رئيس الحكومة حسان دياب اعلن بلادهم مديونة وعاجزة عن دفع سداد اليوروبوند، اللبنانيون لا يخيفهم اليوم إلا ذلك المرض الذي تسلل الى حياتهم اليومية وفي غمرة مشاكلهم وانهياراتهم.

شيئا فشيا يتطور خطر الكورونا لبنانياً، من مرحلة الإحتواء انتقل لبنان الى الانتشار ودخل عملياً المرحلة الأخطر، بعد تسجيل إصابات لبنانية مئة بالمئة انتقلت اليها العدوى من الداخل وليس من خلال السفر، وصار مؤشر كورونا لبنانياً يسجل أكثر من عشرة إصابات يومياً، فهل قلة الوعي والاستهتار لدى الرأي العام التي أوصلت لبنان الى مستوى البلد الموبوء. وماذا عن مسؤولية الدولة؟

لا مجال للنقاش أن الكورونا انتقل من مرحلة الحالات المعروفة المصدر الى حالات لا يمكن تحديد مصادرها، بسسب تسييب المرض، حيث كان يفترض حصول الحجز الاحترازي لمدة شهر على الوافدين الى لبنان عبر المطار والمعابر البرية لإحتواء الفايروس ومنعه من الانتشار، واعتماد التجربة الصينية بعزل المرض.

فمدينة ووهان الصينية صارعت خمسين يوماً ولا تزال حتى اليوم، برغم العدد المتبقي (36 إصابة) في مدينة مقفلة، فيما اللبنانيون استهتروا بداية بالمرض وراحوا يصفونه بإنفلونزا عادية و"بتمرق".

الخطيئة الأكبر تقع على عاتق الدولة التي استمرت باستقبال الطائرات من بلدان موبوءة، ولم تغلق مجالها الجوي او تعلن الطوارىء الصحية، اما الشعب اللبناني فيعتبر نفسه قادراً على هزيمة المرض، فهو تأقلم مع الحروب وغياب الدولة وقطع الكهرباء والازمات الاقتصادية وتلوث البيئة، ويظن أنه قادر ان يهزم المرض، لكن الواقع ان هذا الوباء لا يشبه الحروب الأخرى لأنه عدو مخفي ومقاومته فقط بالاختباء للاحتواء.

الوباء الذي "دوّخ" الصين العظيمة وأخلى مدناً ايطالية وحاضرة الفاتيكان ويجتاح أوروبا واميركا، لا يزال التعاطي معه لبنانياً برأي الكثيرين دون مستوى المسؤولية على المستويين الشعبي والرسمي.

"متأخرون" استفاق اللبنانيون على "هول" كورونا. ما لم تفعله الدولة في الأيام الأولى لدخول الوباء من إجراءات تتعلق بالعمل في القطاع العام والدوائر وإغلاق المؤسسات والملاهي والأندية ومراكز التسوق، صار أمراً واقعاً بعد التطور الدراماتيكي لحالة الكورونا.

مؤخراً لا يكتفي اللبنانيون بتحذيرات لا ترتقي الى مستوى الخطر المميت لكورونا، ارتفاع حالات المصابين والفيديوات التي تناقلتها وسائل التواصل عن سقوط مصابين على الأرض، ألزم اللبنانيين تطبيق الحجر على أنفسهم هلعاً. التعاطي صار مختلفاً فالشوارع لا تضج بالحياة، الخروج هو للضرورات فقط المتعلقة بالعمل والتسوق، "شبهة" الكورونا أقفلت مجلس النواب اللبناني وعلقت جلسات اللجان حتى يوم الاثنين للتعقيم ومواجهة الفيروس.

رئيس الحكومة اعتبر ان لبنان من أوائل البلدان التي اتخذت الاحتياطات للكورونا، كما اعتبر عدد من الوزراء ان لبنان نموذج في التعامل الجيد مع الأزمة. التصريح أثار تساؤلات هل تعيش الحكومة على كوكب آخر غير الأرض؟ التصاعد بالإصابات على شكل 30 بالمئة يوميا يؤكد ان إجراءات الحكومة تشبه خطوة السلحفاة لمرض ينتشر بسرعة الضوء.