مؤتمر الحوار الوطني في بعبدا ما له وعليه‎‎لا بدّ من عقد مؤتمر ‏تأسيسي: عمر عبد القادر غندور*

 لم يسبق لأي مؤتمر او اجتماع ان تعرّض لمثل هذا التجاذب كما يتعرّض له المؤتمر الوطني الذي دعا اليه رئيس الجمهورية اليوم الخميس، في ضوء مقاطعته من العديد من القوى الوازنة، والأسباب كثيرة، ولسنا هنا في معرض الحديث عنها.

 

وفي ضوء الحالة اللبنانية المأزومة على كل صعيد هناك من يعتبر انّ عقد المؤتمر كان بحاجة الى المزيد من التحضير، والبعض الآخر يقول بحاجة البلد الى عقد المؤتمر، ومن يقول أيضاً انّ المنظمين لم يجسّوا نبض الأحزاب والأفراد قبل توجيه الدعوة.

وعلى الرغم من الجهد الخارق الذي يبذله الرئيس نبيه بري لإقناع المتردّدين بالحضور، فقد جاء موقف رؤساء الوزراء السابقين، على لسان الرئيس فؤاد السنيورة ناسفاً لأيّ توافق مع العهد ومع رئيس الحكومة، وتجاوز في مضمونه الموقف من الدعوة الرئاسية الى شرح الوضع السياسي والممارسات والتخبّط المتزايد في البحث عن المعالجات المجدية للخروج من الأزمة المالية معدّداً أزمات الكهرباء والإشكالات في ملف معمل سلعاتا الى تجميد التشكيلات القضائية الى المحاصصة في التعيينات الإدارية والمالية الى مهزلة الأرقام المالية الى علاقات لبنان بالمحيط العربي، وادّعى انّ المؤتمر فقد مبرّر انعقاده لعدم ميثاقيته. في حين انّ عضو فريق اللقاء التشاوري نائب طرابلس فيصل كرامي يقول انّ الميثاقية السنية مؤمّنة بوجود رئيس الحكومة أياً كان هذا الرئيس والشعب وحده هو الذي يمنح الميثاقية.

ومن الظلم تحميل العهد وهذه الحكومة مسؤولية هذا الكمّ الهائل من الممارسات والموبقات المتراكمة في ضوء التعثر في المعالجات، فلا شك انّ المؤتمر تلقى صفعة قوية بغياب شريحة واسعة أساسية بين المكونات اللبنانية وهذا ليس في صالح انعقاد المؤتمر، مع تأكيد الاحترام لجميع القوى الحاضرة في المؤتمر في الوقت الذي ينصبّ فيه همّ المواطن حول كيف يواجه مصاعبه الحياتية وتحليق سعر صرف الدولار حتى تخطى الستة آلاف ليرة وهو ما يسبب المزيد من  انهيار قيمة الليرة وعجزها  عن مواجهة الغلاء المتصاعد، ولا نعتقد انّ مؤتمر بعبدا اليوم يشغل حيّزاً من تفكير اللبنانيين رغم انّ انعقاد هذا المؤتمر أفضل من عدم انعقاده.

وفي رأينا انّ العنوان الذي أطلقه منظمو المؤتمر للنظر في الأحداث التي شهدتها بيروت وطرابلس، لم يكن موفقاً لأنه يستهدف معالجة التداعيات وليس الأسباب التي أدّت الى هذه الأحداث، في الوقت الذي يتسع فيه الخندق الفاصل بين الشعب والدولة عمقاً وعرضاً، ومع ذلك تقتضي المصلحة الوطنية حضور الجميع للإدلاء بمواقفهم بوضوح وهو هدف تقتضيه الحالة المأزومة.

الشعب اليوم كلّ الشعب لم يعد يؤمن ولا يصدق ولا يرتجي خيراً من كلّ هذه الطبقة السياسية، ولبنان بحاجة الى مؤتمر تأسيسي بين جميع مكوناته،  يتبنى إلغاء الطائفية السياسية وإقفال دكاكينها وإقرار قانون انتخابي عصري خارج القيد الطائفي وجعل لبنان دائرة انتخابية واحدة لتعزيز الانتماء الوطني اللامناطقي على ان يكون المعيار النزاهة والعلم والكفاءة وإنشاء مجلس حكماء من جميع الطوائف وحسب ما قرّر اتفاق الطائف، وتكفينا تجربة «دولة الاستقلال» التي ما كانت دولة، حتى وصلنا الى ما نحن عليه من بأس وانهيار وجوع يطرق الابواب .

وقد يكون مسار الأمور في غير ما نتمنّى لا سيما انّ تصاعد الصدام السياسي هو المرشح في الفترة الحالية والمقبلة، ولكن ذلك لا يلغي حقنا في ان نحلم.

*رئيس اللقاء الاسلامي الوحدوي

(البناء)