أيها القاضي المحترم… ربحتَ نفسَك: د. عدنان منصور

أن يستقيل قاضٍ صاحب ضمير وطني حيّ، أو يُكرَه على الاستقالة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ويبقى الفاسد والمفسِد في مكانه… أن تُقبل استقالة قاض شريف بفارغ صبر، وبسرعة دون التريّث والطلب إليه البقاء في منصبه، وتبقى ملفات الفاسدين مخبّأة، نائمة نوم أهل الكهف في الأدراج، مُصانة، مُحصّنة، لا يُفرج عنها، رغم كلّ ما تحمله من مصائب وكوارث مالية، ونقدية، ومعيشية، ألحقت الأذى باللبنانيين، وقضت على مستقبل شعب بأكمله…

 

أن يبتعد قاضٍ نزيه، أصدر حكماً باسم الشعب، يحرص في حيثياته القانونية على سيادة وطن وكرامة شعب، ويبقى على الساحة، طابور من العملاء، والمنتفعين، والمأجورين، الواقفين على أبواب المندوب السامي، إما خوفاً، أو جُبناً، أو رهبة، أو طمعاً بدور أو بمنصب، يطمحون إليه، ينعمه عليهم سيدهم… أن نتصرّف حيال الشرفاء تصرّف الذئاب، وأمام الطغاة تصرّف النعاج، ونخفي رؤوسنا في الرمال، فهذا يدلّ على مدى الانهيار الأخلاقي والسياسي، والمهني الذي وصلنا إليه، ومدى تحلّل السلوك، والأداء والمفاهيم الوطنية، الذي نشاهده بأمّ العين.

محمد مازح، أيها القاضي المحترم… لقد ربحت نفسك، وتخلّيت عن وظيفتك… ربحت وطنك وشعبك، ولفظت منصباً حتى لا يكبّل قناعاتك، وقناعات كلّ الوطنيين الأحرار. فالحكم الذي أصدرته سيظلّ في ذاكرة الوطن، يردّده اللبنانيون، والأوساط السياسية والقانونية، والقضائية، في كلّ مرة، يحاول فيها مسؤول أجنبي على أرضنا، مهما كان موقعه، وعلا شأنه، التطاول على سيادة بلدنا وكرامة شعبه.


(البناء)