“أنا مش كافر”… غطى وجهه ولم يتفوّه “بآخ”.. اللحظات الأخيرة لعلي قبل انتحاره كما رواها شهود

“أنا مش كافر”… غطى وجهه ولم يتفوّه “بآخ”.. اللحظات الأخيرة لعلي قبل انتحاره كما رواها شهود

كتبت إيلده الغصين في صحيفة “الأخبار” تحت عنوان ” علي الهقّ… شهيد الإبعاد والإفقار: أنا مش كافر”: “التحق علي الهق (1959-2020) أمس، بموكب شهداء منظومة القهر. قرّر الانسحاب من مواجهة الذلّ اليومي، كما فعل سامر حبلي في اليوم نفسه للمصادفة. مثلما فعَل، قبلهما، جورج زريق وناجي الفليطي وداني أبي حيدر واللاجئ السوري بسّام حلاق… وقد تطول اللائحة. والمفارقة الموجعة، أنّ جميعهم آباء تركوا أبناء يواجهون وحدهم قدر العيش في هذا البلد. هؤلاء اختاروا مُجبرين شكل رحيلهم. غير أنّ المشترك بينهم أنّهم لم يطيقوا احتمال الذلّ أكثر، وغادروا قبل أن يشاهدوا من سيسقط بعدهم على مذبح النظام. حمَلوا معهم أوجاعاً نفسيّةً وجسديّةً ومعنويّةً، لا يمكن أحداً إدراكها أو تكهّن ثقلها عليهم. كانوا أكثر نقاءً من كلّ ما يُقال، أو سيُقال، بعد رحيلهم. وفي قصّة علي، تحديداً، الذي أبى إلا أن يغطّي وجهه ويترك سجلاً عدليّاً نظيفاً مرفقاً بعبارة “أنا مش كافر”، شاهداً على جثمانه… قد نفهمُ الخوف من جَلْدِ المجتمع

اختار علي شارع الحمرا النابض بالحياة مسرحاً لمقتلته، في مدخل مبنى يضمّ مسرحَين ومقاهي وشهود عيان كثراً. قرابة العاشرة قبل الظهر، سمع الموجودون صوت الطلقة الناريّة التي اخترقَت رأسه واستقرَّت في زجاج السلّم المؤدّي إلى الطبقة الأولى في المبنى التجاري. “كان يجلس على كرسيّ، أجلس عليه عادةً عند مدخل المبنى، فيما لحظة الحادثة كنت جالساً في المقهى المجاور. حين سمعتُ الطلقة، التفتُّ نحو مصدرها، وإذا به يسقط على الأرض، وكان قد غطّى وجهه بمنشفة. حرص في لحظات نزاعه على أن لا يتفوّه بكلمة “آخ”، لم يقل شيئاً، شاهدناه يشدّ المنشفةً لتغطّي رأسه، ثمّ فتح ذراعيه واستسلم. كان هاتفه في حوض الزهور قرب الكرتونة التي حملت علم لبنان وسجلّه العدلي وعبارة أنا مش كافر. وصل الإسعاف بعد دقائق. فيما بقي الجثمان حتى الواحدة والنصف بعد الظهر، ممدّداً بوجود الأدلّة الجنائيّة”. هذه شهادة رواها بالغصّة والدموع، أحد شهود العيان ممن يعملون في حراسة المبنى، وتتقاطع مع شهادات موظّفين آخرين أكّدوا أنه لم يقل شيئاً”.