لن يكون لبيروت نفس اخير: رنيم عثمان

لن يكون لبيروت نفس اخير: رنيم عثمان

٤-٨-٢٠٢٠ الساعة السادسة مساءاً. التاريخ الذي لن ينساه الشعب اللبناني

فهو اليوم و التوقيت المتداول على ألسنة الشعب اللبناني بشكل خاص و شعوب العالم بشكل عام،...

انه اليوم المشؤوم.

فقد وقع إنفجار ضخم اعتبر الأكبر بعد انفجار هيروشيما في اليابان ... و قد أودى بحياة ما يقارب ال ١٥٤ شهيد، وحصد حوالي ٥٠٠٠ جريح، ووثلاثة الاف مشرد، و أعداد غير معروفة من المفقودين مما يرجح فرضية إرتفاع عدد الشهجاء.

وُصف المشهد بالكارثي كما تراءى للكثير مشاهد من مجزرة قانا أمام أعينهم ، فتم نقل الجرحى بشتّى الطرق على المستشفيات التي سرعان ما غصّت بالضحايا من جرحى و شهداء ما حث المواطنين على اللجوء إلى خارج بيروت وصولاً لمستشفيات جبيل،صيدا،..الخ.. حتى على الدارجات النارية! و قد أُعلن نهار الأربعاء و الخميس و اليوم الجمعة على أنهم أيام حداد رسمية، بالإضافة إلى فرض حالة طوارئ في بيروت لمدار أسبوعين.


تفيد المعلومات أن وقوع الحادثة سبقها حريق واسع داخل المرفأ و دخان كثيف متصاعد خارجه و انفجار صغير لا يُذكر، ليولد من رحمه الإنفجار الذي زفّ بيروت باللون الأسود بعد ٣٠ ثانية، سحابة على شكل فطر و عاصفة أدّت إلى تدمير الأبنية القريبة منها و البعيدة في أحياء العاصمة. كما أفاد خبراء الزلازل في مركز المسح الجيولوجي في الولايات المتحدة الأمريكية أن قوة الإنفجار قد عادلت هزة أرضية بدرجة ٣.٣ على مقياس ريختر، ما جعل بعض من سكان جزيرة قبرص التي تقع شرقي البحر المتوسط (على بُعد ٢٤٠ كم من بيروت) بالشعور بالإنفجار الذي إعتقدوا أنه زلزال كما زعموا.


و قد أفادت التحقيقات للآن أن السبب في عزائنا هذا هو ٢٧٥٠ طناً من نترات الأمونيا كانت قد خُزّنت بطريقة غير آمنة و لا صحة لها البتّة في المستودع داخل المرفأ لنحو ست سنوات، فأعلنت الحكومة اللبنانية وضع عدد من المسؤولين عن مرفأ بيروت الذين تُوكّل لهم مهام الإشراف على التخزين و التأمين منذ عام ٢٠١٤ قيد الإقامة الجبرية و جُمّدت حساباتهم لحين ظهور نتائج التحقيق الجاري و قد أسندت المهمة إلى الجيش اللبناني. و قال مجلس الدفاع اللبناني الأعلى أن المسؤولين عن الإنفجار أو الإهمال سيواجهون أقسى عقوبة محتملة، فهل يكتفي المواطن هذه المرة بتراهات و وعود كاذبة من أفواههم كالعادة؟


و قد يصبح لبنان في موقف حرج تجاه أبنائه، فهو يعاني من أزمات عدة إجتماعية مالية و إقتصادية منها ما يجعله مستورِداً للحبوب و المساعدات، تلك التي خُزّنت بمستودعات المرفأ و لم تعد موجودة الآن... ما يغذّي إحتمال نقص الأغذية لدى الشعب. و من هذا السياق أعلن عون أن الحكومة سوف تفرج عن ١٠٠ مليار ليرة أي حوالي ٦٦ مليون دولار تمويلاً للطوارئ. كما ساهمت العديد من البلاد في تقديم المساعدات الطبية منها أم الغذائية ك روسيا و إيران الخ...


"بيروت تحترق ولا ترفع الأعلام البيضاء" كان هذا عنوان معروف لعدد شجاع من جريدة السفير في ٥ آب في ١٩٨٢ و ها نحن نحييه اليوم من جديد. لم تمت بيروت، فشعب لبنان العنيد من جميع مناطقه الذي نظّم من نفسه مجموعات تُعنى بالتنظيف و المساعدات و المواد الغذائية و الملابس.. لم يسمح لها بالتوقف عن النفس، كما عرض الكثير و الكثير من الفنادق و أصحاب المنازل الخالية و الممتلئة غرف و مساكن مؤقتة للمتضررين. "لم و لن يكون لبيروت نفس أخير".

بقلم الزميلة في موقع