كل مواطن خفير لحماية مشروع الليطاني

كل مواطن خفير لحماية مشروع الليطاني

كتبت ايمان عبد العال في “نداء الوطن”:

في خمسينات القرن الماضي، كان هناك رجال آمنوا بالوطن وعملوا جاهدين لنهضته وازدهاره، منهم المهندس إبراهيم عبد العال، الذي كرّس حياته لإيصال المياه والكهرباء لجميع المناطق اللبنانية. أعدّ الدراسات لإنجاز المشاريع الكبرى التي تنمّي الوطن، منها مشروع الليطاني.

قال عبد العال “إنّ نهر الليطاني هو العرق الحيوي للبلاد، وبواسطته تُحلّ جميع القضايا الكبرى المائية لثلث الجمهورية اللبنانية”. لم يشهد عبد العال تنفيذ مشروعه على الليطاني، فأيادي الغدر خطفته باكراً.

قرأنا أخيراً أنّ المصلحة الوطنية لنهر الليطاني (التي أسّسها عبد العال بتنظيمها الرائع) تُعلن عن إنتاج قياسي لمعامل الطاقة الكهرومائية، ممّا يُبرهن الجدوى الإقتصادية لهذا المشروع الحيوي للإقتصاد اللبناني.

إلا أنّنا لم نُحافظ على هذا المشروع بإتمام جميع المشاريع الملحقة على نهر الليطاني، كما أنه تمّ تلويث مياه النهر ليصبح للأسف عاملاً مُهدّداً للصحّة العامة.

وأخيراً، قرأنا أيضاً في الإعلام عناوين مُقلقة قائلة إنّ بحيرة القرعون تهدّد لبنان بعد المرفأ!! إثر مخاوف مصلحة الليطاني من تهديدات إرهابية مُحتملة يمكن أن تطاول السدّ.

من البديهي أن تتمّ حماية المنشآت الإستراتيجية في البلاد، فما بالك بسدّ القرعون؟ نعتبر أنّه من واجب المصلحة الوطنية لنهر الليطاني السهرعلى حماية السدّ. إن تحليل مخاطر سيناريوات انهيار السدود أصبحت معتمدة، وقد أنجزت على نهر الليطاني في مشروع للوكالة الأميركية للتنمية، كما أنجزت لاحقاً في دراسات سدّ بسري.


ولكن، يا حبّذا لو أنّ هذه المسألة الإستراتيجية عولجت بين المؤسّسات والإدارات المختصة، من دون اللجوء لتحويلها مادة، تجعل الشعب اللبناني يشعر مرّة أخرى بالهلع والخوف والتهديد بالكوارث، خصوصاً بربطها مباشرة بالإنفجار الكارثي بالمرفأ.


مع العلم أن السدّ متين جداً، عرض أساساته 165 متراً وعلوّه 65 متراً وطوله 100كلم، وعرض قمّته 6 أمتار، كما أن جسر السدّ مكوّن من صخور ضخمة، وقد شُيّد لاحتمال هزّات أرضية بنسبة 9 درجات على مقياس ريختر.

أما التهديد المباشر الحالي للنهر فهو التلوّث الذي أضرّ بمياهه العذبة، فكيف تعتمد المصلحة إنجاز مشروع 800 م ونقل المياه إلى أقصى الجنوب، هذا غير التكاليف المادية التي تمّ إنفاقها حتى الآن لإنجاز المرحلة الأولى من هذا المشروع الضخم، ولم نتوصّل بعد لرفع التلوث. أين المصلحة من متابعة تنفيذ القانون البرنامج الذي صدر عن مجلس النواب من أجل إنشاء محطات المعالجة على كامل حوض الليطاني، إضافة إلى تنفيذ شبكات الصرف الصحّي في جميع بلدات وقرى الحوض؟ وهنا يجب اللجوء إلى الإعلام بكثافة لإجبار الإدارات المختصّة على إنجاز محطات معالجة المياه الآسنة ومراقبة المعامل لعدم رمي الملوّثات الكيماوية قبل معالجتها، وانجاز المسألة الملحّة لمعالجة النفايات الصلبة، ووقف الإستغلال العشوائي للمياه الجوفية في حوض النهر. فنيترات الأمونيوم في المرفأ يوازي البكتيريا التي تسمّم المياه العذبة في النهر والبحيرة.

هذا إلى جانب استكمال المشاريع المائية التي لم تُنجز بعد على هذا النهر العظيم، ليستفيد الناس منه، في الشرب والري والحياة الكريمة، كما كان مُخطّطاً له بالأساس.

في الخلاصة، لا تقتصر مسؤولية وحماية السدّ على المصلحة الوطنية لنهر الليطاني كإدارة، بل تشمل المسؤولية الدولة بكلّ إداراتها ومؤسساتها، كما تشمل المواطنين جميعاً على حوض النهر، ليصبح كل مواطن خفيراً على هذا النهر الحيوي.

ونحن نحتمي بجيشنا، حامي الوطن، على السهر لحماية هذا المشروع ليل نهار.

فلنحافظ جميعاً برموش أعيننا على هذا المورد الحيوي الذي حبانا الله اياه.