411 حالة وفاة في أسبوع وتوقعات بارتفاعها

411 حالة وفاة في أسبوع وتوقعات بارتفاعها

411 حالة وفاة خلال أسبوع واحد. المسار الوبائي المتسارع في الارتفاع يُبرر خوف المعنيين في اللجوء إلى تمديد الإقفال أسبوعين إضافيين قابلين للتجديد في حال لم تنخفض الإصابات. حالات الدخول إلى العناية الفائقة ارتفعت من 655 حالة (تاريخ 14 كانون الثاني) إلى 864 حالة، أي بزيادة 209 حالات خلال أسبوع واحد. الوتيرة المتزايدة صعوداً لا تتوقف عند هذا الحد، فقد سَجلت نسبةُ إيجابيةِ الفحوصات خلال الـ14 يوماً ارتفاعاً أيضاً وسجلت اليوم 21.2% بعد أن بلغت الأسبوع الماضي 17.6%.

مرعبةٌ الأرقام ومرعبة الحالة الصحية التي وصلنا إليها. 2151 مجموع ال#وفيات في #لبنان منذ بداية الجائحة. عدد الوفيات القابل للارتفاع في كل يوم مؤشر مقلق،

والتحذير من زيادته في الأسبوعين المقبلين أخطر. ويبدو لافتاً تصدر قضاء بعبدا قائمة عدد الوفيات تليه بيروت ومن ثم المتن وزحلة وبعلبك.

مصدر في وزارة الصحة يؤكد أن “المستشفيات الخاصة زادت حوإلى 200 سرير في العناية الفائقة في غضون أسبوع تقريباً، ليصبح العدد الإجمالي لعدد الأسرّة المتوفراة في القطاع الخاص حوإلى 600 سريراً. لكن ما يجري اليوم مع هذا القطاع أنه يريد تصفية حساباته مع الدولة وتحصيل مستحقاته في ظل أزمة وبائية تتطلب تعاوناً من مختلف الجهات لاحتواء هذه الكارثة الصحية. وتَعتبر الوزارة أنها لا تتحمل مسؤولية الخلافات السابقة والتأخيرات في دفع المستحقات، ومع ذلك لقد تم التحويل ٢٤٠مليار ليرة عن عام 2020 والتي تعود إلى مستحقات العام 2019، و ٦٩.٣ مليار ليرة في عام 2021.

الخلاصة أن المستشفيات الخاصة لديها أكثر من 2500 سرير للعناية الفائقة، وما قدمته لغاية الساعة ما يقارب الـ600 سرير فقط. اليوم بدأت هذه المستشفيات باستقبال المرضى والاضطرار إلى فتح غرف لقسم ال#كورونا نتيجة الإجراءات الجديدة التي أصدرها الوزير بحق كل مستشفى مخالف أو رافض. وبعد أن كان لبنان مستشفى الشرق الأوسط، أصبح بعض مستشفياته يستقبل المريض الذي يدفع مالاً وليس كحالة إنسانية بحاجة للرعاية.

متى تتحرك ضمائركم؟

هذا الكلام يثني عليه أيضاً رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي من خلال تغريدة له في 16 كانون الثاني قائلاً: “على الرغم من العقوبات التي قررت وزارة الصحة فرضها على بعض المستشفيات الخاصة التي لم تفتح أقسام كورونا. البعض منها لم يلتزم بعد لأسباب ما زالت غير مقنعة…. لهؤلاء، متى تتحرك ضمائركم وأنتم تعلمون أننا وصلنا إلى مرحلة كارثية تحتاج إلى المسؤولية الوطنية منا جميعاً”.

بات معلوماً أن وزارة الصحة كانت ضد فتح البلد في الأعياد، إلا أن القرار اتُخذ ولم يعد يجدي البكاء على الأطلال، ونحن اليوم في الكارثة.

أما بالنسبة إلى المستشفيات الحكومية، فمن اصل 25 مستشفى هناك أكثر من 15 يستقبل مرضى كورونا ويعالجهم. في المقابل هناك 4 مستشفيات حكومية ومن بينها مستشفى قبرشمون الذي أُحيل إلى القضاء نتيجة توقيع عريضة لعدم استقبال مرضى كورونا. ويجب ان يُحاسب كل مسؤول قصّر في واجباته.

كذلك، أحيل مستشفى ضهر الباشق – قسم السجن إلى التفتيش نتيجة تأخره في التجهيز بالرغم من تحويل مبلغ قدره 750 مليون ليرة منذ الصيف. أما مستشفى حاصبيا الذي حُوِّل له 200 مليون ليرة لم يجهز بعد سوى غرفة او غرفتين لمرضى كورونا.

ويوضح المصدر أنه “لا يمكن لأحد أن يقول إننا اضطررنا إلى انتزاع جهاز تنفس عن مريض لوضعه على آخر، لأننا اشترينا 340 جهاز تنفس على نفق وزارة الصحة في شهري آذار ونيسان وقد تم توزيع الدفعة الأخيرة منذ أسبوع تقريباً. بالإضافة إلى الأجهزة التي كانت موجودة سابقاً سواء في المستشفيات الحكومية والخاصة وبعض الجهات التي اشترت أيضاً أجهزة التنفس. ومع ذلك، بلغت الحاجة إلى هذه الأجهزة حوالى 250 حتى الساعة ولم نصل إلى استنزاف كل الأجهزة المتوافرة.

إلا أن الحاجة الأساسية تكمن في الدخول إلى العناية الفائقة، حيث يحتاج المريض من أسبوع إلى 3 أسابيع للخروج منها، ما يعني أن الأعداد تتزايد والضغط أيضاً

على قسم العناية ولا قدرة على استيعاب المزيد في ظل عدم توافر أقسام للعناية الفائقة في كل المستشفيات اللبنانية.

لبنان في وضع سيّئ

 مدير مستشفى الحريري الجامعي الدكتور فراس الأبيض، كشف اليوم في تغريداته أنه “وفقاً لمعايير منظمة الصحة العالمية في تقييم المرحلة الوبائية، يقع لبنان حاليًا في المستوى الرابع (وهو الاسوأ). وباء خارج عن السيطرة مع قدرة محدودة للنظام الصحي، ما يتطلب تدابير مكثفة لتجنب ارتفاع الطلب على الخدمات الصحية وبالتالي زيادة معدلات الاعتلال والوفيات بشكل كبير.

أحد المؤشرات الرئيسية لانتشار الفيروس في المجتمع هي النسبة المئوية للفحوصات الايجابية في اليوم. يشير تصاعد النسبة المئوية للفحوصات الإيجابية إلى انتشار أسوأ في المجتمع.

كيف يشرح الطب هذه الزيادة المطردة في عدد الوفيات؟ وما الذي ينتظرنا في الأسابيع المقبلة؟

برأي رئيس قسم الأمراض الجرثومية في مستشفى “اوتيل ديو” الدكتور جاك شقير أنه “في عملية حسابية سريعة، يمكن أن نفهم مسار الوفيات وارتفاعه، لأنه من أصل 5000 إصابة يومية يتوفى حوالى 50 شخصاً اذا كانت النسبة 1%، و100 وفاة اذا ارتفعت نسبة الوفيات إلى 2%. بعلم الحسابات تعتبر منطقية لكن على ارض الواقع هي قاسية وموجعة أن نخسر 60 و100 شخص يومياً بسبب الفيروس. وبالرغم من كل التحذيرات وتوصياتنا الطبية لعدم الوصول إلى هذه المرحلة إلا أننا لم نلقَ آذاناً صاغية ولم يلتزم كثيرون بالإجراءات الوقائية.

لم يعِ الناس مخاطر ما نعيشه اليوم، وصلنا إلى كارثة صحية بعدما بلغت بعض المستشفيات قدرتها الاستيعابية القصوى، وعدم توفر أسرة في غرف العناية الفائقة وأجهزة التنفس الإصطناعي، وما زال قسم كبير من المواطنين يحتفلون ويقومون بزيارات ويسهرون عند بعضهم وكأن شيئاً لم يكن.

يتخوف شقير من كارثة صحية أكبر نتيجة عدم التزام بعض الناس واستهتارهم، “البلد جنون وما رح يمشي الحال اذا ضلينا هيك”. هل على كل منزل أن يخسر شخصاً حتى نعرف خطورة وضعنا الصحي؟! يتوفى بعض المرضى نتيجة أزمات قلبية، والبعض الآخر نتيجة تأخرهم في الحصول على العلاج إما لتعذر متابعة حالتهم مع طبيب أو بسبب تأجيل الاستشارة باعتبار أنه مجرد رشح عادي.

ليس أمامنا حلول سوى التزام الناس وعدم الانجرار وراء بعض التفاهات حول الفيروس لأن الفيروس يقتل.

الأسباب المسؤولة عن الوفاة

أما بالنسبة إلى أسباب الوفيات، تُعتبر الالتهابات الرئوية، وفق ما شرح رئيس قسم الأمراض الجرثومية، الأكثر خطورة والتي تُسبب الوفاة بفيروس كورونا. وتضرر الرئة وانخفاض الاوكسجين هما المسببان لدخول المريض إلى المستشفى. المشكلة إذاً في ضيق التنفس الذي يكون نتيجة إما التهاب في الرئة أو جلطات. وعليه يُعتبر ضيق التنفس والالتهاب الرئوي والجلطات من الأسباب الأساسية للوفاة.

لذلك ننصح الأشخاص الذين هم فوق الـ65 أو الذين يعانون من أمراض مزمنة ومشاكل صحية سابقة مثل قصور كلى، والذين يعانون من البدانة، عدم التأخر في طلب العلاج واستشارة الطبيب فور إصابته ومتابعتهم. اما العارض الأساسي الذي يجب عدم إهماله هو ضيق التنفس واللهاث والتنفس السريع، ويجب على المريض التوجه فوراً إلى المستشفى”.

ويتوجه بنصيحة لإنقاذنا: “إذا لم يلتزم الناس سنغرق ونغرق ونغرق. ما نعيشه في لبنان تختبره كل الدول، ولكن الالتزام عند بعضها جعلها تتفادى الوقوع في سيناريو كارثي. ليس علينا أن ننتظر الدولة لتطبق القرارات والاجراءات، فهذه صحتنا وحياة عائلتنا، ولن يخاف أحد عليها أكثر منا”.

في حين يتحدث رئيس قسم العناية الفائقة والأمراض الصدرية في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور بيار بو خليل قائلاً: “نعرف طبياً أن مريض كورونا لا تتدهور صحته او يعاني من مضاعفات إلا بعد اليوم العاشر او الثاني عشر وبالتالي نحصد الوفيات نتيجة الأصابات المرتفعة بعد أسبوعين من تسجيل الحالات. وللأسف نتوقع زيادة في عدد الوفيات في الأسبوعين المقبلين، وفي بقائها على وتيرة عالية، ولن نشهد انخفاضاً في عدد الوفيات إلا بعد اسبوع او أسبوعين من انخفاض عدد الإصابات اليومية.

وبما أن عدد الإصابات ما زال مرتفعاً من المتوقع أن نُسجل اعداد وفيات أعلى من تلك التي نُسجلها اليوم (أي أعلى من 60 حالة وفاة).

ويؤكد بو خليل أننا “اليوم نشاهد حالات مختلفة وأسباب متعددة للوفاة ولكن اكثر الحالات شيوعاً هي المضاعفات التي تصيب الجهاز التنفسي وهبوط الأوكسجين والذي يؤثر على مختلف أعضاء الجسم. بالإضافة إلى الجلطات القلبية المباشرة ومن ثم الجلطات الأخرى الناتجة أيضاً من الإصابة بالفيروس ومضاعفاته.

وعن فقدان السيطرة على الوباء، يشير إلى أننا “في مرحلة متقدمة من انتشار الفيروس وحتى ننجح في السيطرة عليه نحتاج اولاً إلى ترشيد ذكي واستراتيجي لفترة الإغلاق، فعندما يكون الاغلاق غير مدروس يكون التفلت واقعاً لا مفرّ منه عاجلاً ام آجلاً. وفي المقابل على المواطنين عدم التذاكي على قرار الإقفال والإلتزام بالحجر عوض اختلاق ذرائع للتفلت من البقاء في المنزل واستكمال زياراتهم وجلساتهم عند الأصدقاء والعائلة.

ندفع ثمن الهرج والمرج

لم تلجأ الدولة سوى إلى الإقفال كحل لمواجهة كورونا، ولم تبحث في حلول أخرى، ويبدو أن زيادة القدرة الإستيعابية في المستشفيات لن تحدث فرقاً كبيراً بسبب محدودية المشاركة في هذه المعركة، وأمام هذا الواقع، نتوقع الوصول إلى أيام صعبة جداً خلال الشهر المقبل. فما تقوم به بعض المستشفيات اليوم نتيجة الضغوطات كان يجب أن يحصل في الأشهر الأولى من ظهور الفيروس في لبنان، والإجراءات المتخذة في المطار اليوم كان يجب اعتمادها عندما كانت الحالات الوافدة الإيجابية في شهري أيار وحزيران أعلى بكثير مما تُسجله اليوم. وما شهدناه في موسم الأعياد وفتح البلد والمطاعم والملاهي و”الهرج والمرج” ندفع ثمنه في هذه المرحلة”.

ويختم قائلاً: “الوقاية خير من ألف علاج. على كل شخص أن يختار بين ارتداء الكمامة أو وضع الأوكسجين، أن يبقى في المنزل ولا يركض باحثاً عن سرير في مستشفى، وألا يخرج اليوم لأن هناك من خرج دون ادنى وقاية وتسبب بإصابة افراد عائلته الذين يصارعون في المستشفى. نحن اليوم بوضع مأسوي، ولن نتخلص من الوباء قبل الوصول إلى مناعة القطيع والتي يُفضل أن تكون عبر اللقاح وليس عبر العدوى التي ستتسبب بخسارة آلاف الأشخاص”.

المصدر: ليلى جرجس – النهار