إقرا ...!!!

إقرا ...!!!

كتاب تفتح دفتيه و كأنه يخبئ في رئتيه شهيقا مزمنا و ينتظر أن تفتح مجرى أنفاسه لكي يرسلها باتجاه كل الأبواب...كتاب 

من منا لم لا يحمل في ذاكرته كتابا أحدث فيه تغييرا ليطبع فيما بعد حياته "بما قبل و ما بعد" من منا لم يلح عليه سؤال حد الأرق و يهرب منه مرارا و تكرارا إلى أن يجد الجواب دون أن يتعمد التفتيش في سطر من كتاب ، من منا لم يضيع وجهه في زحمة الحياة و يفتش عنه إلى أن يجد ملامحه تطل من بين سطور كتاب ،من منا لم يتوقف في الحياة عند الفواصل ليسترد أنفاسه و من ثم يكمل، ولم يتوقف عن النقطة لكي يغير اتجاه الطريق ...!!!

بورخيس العظيم كان بكل تواضع الأدب يقول "كم اتباهى بما أقرأ أكثر بكثير مما اتباهى بما اكتب ،راي برادبوري كان في التاسعة من عمره عندما بكى على حريق مكتبة الإسكندرية. لا يسعنا ونحن نفكر بالعظماء الذين تفكروا بأهمية القراءة إلا أن نعيد النظر في تجربتنا و في سلوكنا نحو هذه القيمة .

نعم للقراءة في الكتب و الورق لذة متفردة. بالرغم من التسونامي الإلكتروني الذي فرض نفسه على حياتنا و عاداتنا في هذا العالم المسرع المتحول و المنحاز بقوة له، و لعله يكفي أن نعرف أن ستيف جوبز صاحب آبل فرض على اولاده القراءة في الكتب و شجعهم على مناقشتها معه بعد القراءة و يعتبر هذه الطقوس اولوية في حياته . 

و جدير بالذكر أن المنحازين إلى القراءة في الكتب المطبوعة و الورق إنما هم كذلك لأنهم يبنون انحيازهم عن وعي وتجربة و عن احساس بالمزايا التي تتجلى في تجربتهم ؛ عندما يقضي القارىء وقتا في قراءة كتاب لن يحس أبدا أن وقته ضاع سدى بل على العكس سيحس انه استمتع بوقت جميل ومختلف فلا شيء يعادل متعة القراءة على الورق، عندما نمسك الكتاب بين يدينا، قريبا من قلبنا وكاننا نحضنه ، سيولد فينا شعورا لذيذا بعلاقة دافئة نشأت بيننا وبينه وكأنه امسى صديقا للروح،لا يحصل

هذا الشعور في القراءة الإلكترونية، كذلك رائحة الكتاب و الأوراق لها تأثير إيجابي على قابلية القارىء و حالته النفسية و نتأكد من ذلك عندما نعرف أن أصحاب شركات العطور اخترعوا انواعا منها و ادخلوا فيها رائحة الكتب. و لاننسى سحر الصفحات واحدة تلو الأخرى و كأنها مجرى الزمن...هل منا من لا يذكر الورود العزيزة على قلوبنا، كيف كنا نحتفظ فيها بين صفحتي كتاب ...وكذلك صور من نحبهم أو رسائل حميمة ...هل من مكان شبيه بالروح أكثر من كتاب.

المصريون القدامى أصحاب الحضارة العظيمة كانوا يقولون ان الكتب كنوز و علاج للأرواح 

هل ما زال الكتاب علاجا للأرواح المتعبة؟ و أين القراء ؟.

الكاتبة سمية تكجي