من الهول للعرائش.. عودة أول طفلين مغربيين من سوريا

من الهول للعرائش.. عودة أول طفلين مغربيين من سوريا

من بين مئات الأطفال المغاربة العالقين في سوريا، تمكن أخيرا الطفلان عثمان وفاطمة من العودة إلى المملكة بشكل قانوني، بعد معاناة طويلة في المخيمات السورية وعلى الأراضي التركية.

 

يقول مصطفى بن حمدان، جد الطفليين: "كنت أتردد وزوجتي بشكل دائم على تركيا، من أجل الاطمئنان على أحوال حفيدي عثمان (5 سنوات) وفاطمة (3 سنوات) بعد أن تمكنت والدتهما من تهريبهما من مخيم "الهول" في سوريا، غير أن إغلاق المجال الجوي بسبب انتشار فيروس كورونا حال دون تمكني من السفر لزيارتها ".

 

ويضيف الجد في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية": "فور استئناف الرحلات الجوية نحو تركيا عزمت بالعودة بحفيدي إلى المغرب، وهو الأمر الذي استغرق أزيد من شهرين، وتحقق بفضل تدخل الملك محمد السادس بعد مناشدتي له لمساعدة عائلتنا وتسهيل العملية التي كانت تبدو مستحيلة".


 

ويعيش الطفلان فاطمة وعثمان حاليا في مدينة العرائش، شمالي المغرب، بعد تنازل الأم (سورية الجنسية) عن حضانتهما وتكفل الجد برعايتهما، فيما لازال والدهما الذي انتقل منذ سنة 2014 إلى سوريا للقتال في صفوف تنظيم داعش، يقبع في أحد السجون التي تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية.

 

وتقدر السلطات المغربية عدد الأطفال المغاربة العالقين في بؤر التوتر بالساحة السورية العراقية، بحوالي 391 طفل، فيما تشير بيانات التنسيقية الوطنية لعائلات المعتقلين والعالقين المغاربة في سوريا والعراق إلى وجود 234 طفلا مغربيا في المخيمات السورية.

 

 ظروف قاسية

 

يؤكد مصطفى بن حمدان، أن "ابنه عمر الذي كان يعمل في بريطانيا ويبلغ من العمر 36 عاما قد تم "التغرير به" وانتقل إلى سوريا عبر تركيا، قبل أن يعبر عن ندمه فور التحاقه بالتنظيم ويقرر الانخراط في العمل المدني مع منظمات دولية بالموازاة مع عمله في التجارة قبل أن يسقط في قبضة "قسد" ويسجن في الحسكة في شمال شرق سوريا". 

 

ويستطرد بن حمدان أن عمر تزوج من شابة سورية وأنجب معها ثلاث أطفال، ويحكي كيف كان يعيش أحفاده ووالدتهم ظروفا قاسية وأوضاعا مزرية ويفتقدون لأدنى شروط العيش داخل مخيم "الهول"، وهو ما كان سببا في وفاة إحدى حفيداته.

 

ويبذل الحاج بن حمدان قصارى جهده لضمان استقرار حفيديه واندماجهما داخل المجتمع، فيما يأمل في أن يتم الإفراج قريبا عن والديهما القابع في سجون "قسد" ومحاكمته في المغرب.

 

بارقة أمل

وأبدى المدافعون عن ملف عودة المغاربة العالقين في مناطق النزاع بكل من سوريا والعراق، ترحيبهم بالتحاق الطفلين المغربيين بأرض الوطن، معتبرين أن من شأن ذلك أن يفسح المجال أمام عودة المزيد من الأطفال الأبرياء إلى البلاد.

 



في هذا السياق ثمن رئيس التنسيقية الوطنية لعائلات العالقين والمعتقلين المغاربة في سوريا والعراق، عبد العزيزي البقالي، المجهودات التي بدلت من أجل تسهيل عودة الطفلين المغربين الفارين من المخيمات السورية إلى المملكة.

 

واعتبر البقالي في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هذه العملية تشكل "بارقة أمل" بالنسبة لعدد من المغاربة وخاصة منهم النساء والأطفال الذين لازالوا عالقين في بؤر التوتر في كل من سوريا والعراق.

 

وأكد المتحدث أن التنسيقية التي يرأسها قد تلقت العديد من الاتصالات من مغاربة أبدوا رغبتهم في العودة إلى وطنهم في أقرب وقت، بعد انتشار خبر رجوع الشقيقين إلى المغرب والسماح لهما بالسفر دون توفرهما على جواز.

 

ودعا البقالي إلى تضافر جهود جميع المتدخلين وخاصة الأطراف السياسية والمدنية من أجل حل ملف المغاربة العالقين في مناطق النزاعات منذ سنوات، مشيرا إلى أن المملكة تتوفر على جميع الإمكانات والخبرة الكافية والكفيلة بإعادة تأهيل وإدماج العائدين داخل المجتمع.

 

استقصاء أحول العالقين المغاربة

 

وتأتي عودة الطفلان المغربيان إلى المملكة بالتزامن مع انتهاء المهمة الاستطلاعية التي شكلها مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان) للوقوف على أوضاع الأطفال والنساء المغاربة العالقين في مناطق النزاع مثل سوريا والعراق، والتي أماطت اللثام عن جملة من الصعوبات التي تقف حجر عثرة أمام التحاقهم بأرض الوطن.

 

يؤكد عبد اللطيف وهبي، النائب البرلماني رئيس المهمة الاستطلاعية للمغاربة العالقين بالعراق وسوريا، أن عودة الطفلين المغربيين إلى المملكة قد تفتح الباب لتسوية وضعية المغاربة الذين لازالوا عالقين في بؤر التوتر.

 

 وفي حديثه مع "سكاي نيوز عربية" يؤكد وهبي على أن من بين أبرز التحديات التي تعترض تسوية ملف الأطفال في سوريا والعراق، ترتبط أساسا بالمسطرة القانونية وبشكل خاص بقضية إثبات النسب.

 

 وحمل النائب البرلماني الذي يرأس حزب الأصالة والمعاصرة (معارض)، الحكومة مسؤولية حماية الأطفال المغاربة في مناطق النزاع وإعادة تأهيلهم وإدماجهم.  

 

وشدد وهبي على "ضرورة معالجة ملف المغاربة العالقين في سوريا والعراق "حالة بحالة"، في ظل تباين ظروف وملابسات تواجد نساء مغربيات في مناطق النزاع، بين من قصدن تلك المناطق من أجل القتال ومن التحقن بأزواجهن كمرافقات فقط، وهو ما يستلزم دراسة متأنية لكل حالة على حدة قصد اتخاذ الاجراءات الأمنية الملائمة ".

 

ودعا النائب البرلماني، إلى ضرورة البحث عن حلول واقعية تساعد في عملية تسهيل إدماج الأطفال العائدين من بؤر التوتر داخل المجتمع المغربي، خاصة الأطفال الذين يتجاوز سنهم ثماني سنوات والذين يمكن أن تتسبب لهم أي "وصمة" مرتبطة بتواجدهم السابق في تلك المناطق في مشاكل نفسية معقدة.


Skynews