كلودين عون: ما يعيق النساء بالواقع للوصول إلى مراكز القرار هو مجموعة من الأسباب ترتبط بالثقافة السياسية السائدة

كلودين عون: ما يعيق النساء بالواقع للوصول إلى مراكز القرار هو مجموعة من الأسباب ترتبط بالثقافة السياسية السائدة

نظّمت الهيئة الوطنيّة لشؤون المرأة اللبنانيّة بدعم من هيئة الأمم المتّحدة للمرأة UN Women، طاولة مستديرة مع ممثلات وممثلين عن الأحزاب السياسية في قطاعي المرأة والشؤون الانتخابية، حول "تعزيز مشاركة المرأة في ال​سياسة​ والشأن العام ودورها في الإنتخابات".


وفي كلمة لها، لفتت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون، إلى "أننا نعيش في لبنان مفارقة تعبّر في حدّ ذاتها عن الشرخ القائم بين الوضع المجتمعي والواقع السياسي في البلد. فالنساء في لبنان حاضرات في كافة المجالات الإقتصادية والثقافية والعلمية، ونسبهنّ في القضاء وفي البعض من المهن الحرّة تقارب أو تزيد عن الـ50 بالمئة، ومع ذلك لا تزيد نسبة تمثيلهن في مجلس النواب الحالي عن 4,7 بالمئة وفي المجالس البلدية عن 6 بالمئة وفي الحكومة عن 4 %. ليس النقص في المهارات وفي القدرة على القيادة الذي يعيق حضور المرأة في مواقع التمثيل السياسي وصنع القرار. فالنساء في لبنان لا تقلّ علماً وقدرة من الرّجال. وليست الرغبة في التعاطي بالشأن العام هي الغائبة لديهنّ. فقد دلّت المشاركة الواسعة للنساء في التحرّكات الإحتجاجية في خريف العام 2019، على أنهنّ مهتمات بقضايا الشأن العام بالقدر نفسه المتوفّر لدى الرجال. ما يعيقهنّ في الواقع للوصول إلى مراكز القرار في الهيئات التمثيلية وفي الحكومة، هو مجموعة من الأسباب ترتبط بالثقافة السياسية السائدة في البلد أكثر ممّا ترتبط بأسباب خاصة بالنساء".


وأوضحت انه "من مرتكزات هذه الثقافة، النظرة إلى التمثيل السياسي وإلى تبوء مراكز القيادة في الشأن العام، على أنهما يشكّلان أولاً منصّة للإرتقاء إلى موقع الزعامة، وليستا إلاّ ثانوياًّ، مجالات عمل للمصلحة العامة تستوجب العلم والخبرة للتوصّل إلى الحلول. والزعامة ملازمة في مفهومها التقليدي السائد للسلطة والمماراسات الموروثة، تجعل مفهوم السلطة بحدّ ذاته أقرب ما يكون عندنا، إلى مفهوم التسلّط أو التحكّم بقرار الأخر. وفي نظام إجتماعي يتميّز تقليدياًّ بسمات النظام الأبوي، وبتحديد الأدوار بين الجنسين، لا تكون الزعامة ولا السلطة إلا للذكور، وتغذو مستهجنةً محاولات قلّة من النساء تبوء مراكز يُنظر إليها على أنها تعود إلى الرجال في قيادة الجماعة".


وأكّدت عون أن "المسألة حسب التحليل الذي توصّلنا إليه، تتعلّق إذاً بالثقافة السياسية السائدة، لكن هذه الثقافة ليست أزلية وليست جامدة بل هي متحوّرة وقابلة للتغيير، تتأثر بتبدّل المعطيات في أنماط الحياة كما في الممارسات والتشريعات. لذا للنساء أن يَعين أنهنّ قادرات على تطوير هذه الثقافة، ولهذه الغاية للنساء أن يعملن من خلال ممارستهن ومن خلال المجموعات التي ينتمين إليها، على الإقدام لكسر قوالب الأدوار النمطية التي تحصرهنّ فيها التقاليد السياسية السائدة. عليهن التحلّي بالشجاعة وفرض أنفسهنّ كمرشحات ضمن بيئتهن الاجتماعية والسياسية لخوض المعارك الانتخابية. ولا بدّ أيضاً من العمل على خلق بيئة تشريعية مشجعة لمشاركة النساء في العملية الانتخابية. لهذه الغاية وبهدف تصحيح الخلل الواضح في تمثيل النساء في البرلمان وفي المجالس البلدية، أعدّت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية نصّاً تعديلياًّ لقانون الإنتخابات النيابية، تمّ تقديمه كإقتراح قانون إلى المجلس النيابي لتضمين قانون الإنتخابات كوتا نسائية. وهي تعمل حالياًّ على إعداد نصّ آخر لإدخال الكوتا النسائية في قانون الإنتخابات البلدية".


وأشارت إلى أنّه "عندما قامت الهيئة الوطنية بجولة في الخريف الماضي، على السّادة رؤساء الكتل النيابية لتقديم اقتراحها لاعتماد الكوتا النسائية، لم تلاقِ من جانبهم إلاّ الترحيب. ومع ذلك تمّ استبعاد مناقشة موضوع الكوتا النسائية في الجلسات التالية للبرلمان." وتابعت: "لقد أثبتت التجارب الإنتخابية السابقة أن الناخبين في لبنان لا يتمنّعون عن انتخاب المرشحات عندما ترد أسماؤهنّ على اللوائح الحزبية. فالخيارات تتمّ على أساس الإنتماء السياسي للمرشحين كما للمرشحات، وليس على أساس الجنس. وتجدر الإشارة إلى أن قانون الإنتخابات النيابية الحالي، يعطي الفرص الأكبر للفوز للمرشيحن المدعومين من الأحزاب. لذا نعتبر أن دوركم أساسي في حمل الأحزاب التي تنتمون إليها إلى تبني قضايا المرأة والإقتناع بضرورة مشاركتها في العمل السياسي والإقدام على اعتماد سياسة واضحة في زيادة ترشيح النساء".