ما يُضمره سعد الحريري غير ما يُعلنه... أمله بضياع الطائفة السنيّة؟
هناك من يعتقد أن خروج رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري من الباب السياسي، سيقابله دخول مقربين منه، من نواب حاليين، او شخصيات كانت على صلة به، من الشباك النيابي، خاصة أنه لا يرغب بالخروج من المشهد الى الأبد، ولأجل ذلك عليه الا يترك الساحة خالية.
بالفعل، على الرغم من أن الحريري من المفترض أن يكون خارج الاستحقاق الانتخابي، بعد أن أعلن عزوف «تيار المستقبل» عن المشاركة، إلا أنه لا يمكن أن يكون بعيداً عن هذه المعركة بشكل كامل، نظراً إلى أن العديد من نواب الكتلة قرروا المشاركة رسمياً، الأمر الذي يعني، من حيث المبدأ، أن أصوات «تيار المستقبل» ستذهب إليهم، وهذا ما يسعى إليه الحريري بالخفاء، لأن خسارة الأصوات لمصلحة قوى أخرى قد تعني ضياعها نهائياً.
بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن لدى الحريري قرارا حاسما بألا تصب أصوات «المستقبل» في مصلحة حزب «القوات اللبنانية»، الأمر الذي يتأكد من خلال حرص العديد من قيادات التيار على تعزيز الخلاف مع «القوات»، بدل العمل على تهدئة الموجة التي انطلقت في الفترة الأخيرة، لكن أبعد من ذلك لدى رئيس الحكومة السابق رغبة في أن يصل الشارع السني إلى المزيد من الشرذمة.
بالنسبة إلى الكثيرين، فإن سعد الحريري صفحة طويت، لكن بالنسبة إليه هذا الأمر لا يمكن أن يحصل إلا بحال توافر البديل عنه، الأمر الذي تطمح إليه العديد من الجهات المحلية والخارجية، وبالتالي مهمته، في المرحلة المقبلة، قد تكون في منع إيجاد هذا البديل، بالإضافة إلى إضعاف الخيارات الأخرى التي قد تظهر، حيث يكون قد نجح في إثبات أن ليس هناك من هو قادر على القيام بدور أكبر من الذي كان يقوم به.
في هذا الإطار، قد يكون من المفارقة أن فوز المرشحين على لوائح قوى الثامن من آذار في الساحة السنية، أكثر فائدة بالنسبة إلى «تيار المستقبل» وسعد الحريري، من فوز شخصيات كانت محسوبة عليه، أو تمتلك خطاباً متطرفاً تجاه حزب الله، نظراً إلى أن ذلك سيثبت أيضاً لمن يراهن على أن تتولى تلك الشخصيات المشروع الجديد، في حين أنها غير قادرة على الوصول إلى المجلس النيابي. بالمختصر، مصلحة سعد الحريري هي بفشل المشروع الإنتقالي للطائفة السنية، وهذا الفشل قد لا يحتاج جهداً، خاصة أن البديلين عنه غير قادرين على إثبات أنفسهم، ولعل بعضهم من حيث لا يدري يساعد الحريري في مهمته.
إن هذا الضياع الذي تعاني منه الطائفة السنّية بعد فترة استقرار ورخاء منذ اتفاق الطائف حتى عام 2005، وفترة متذبذبة منذ العام 2005 حتى 2019، قد يؤدي بها الى تكرار تجارب الشيعة قبل وصول الإمام موسى الصدر الى لبنان، والمسيحيين بعد اتفاق الطائف، إلا أن ذلك لن يُزعج الحريري الذي يشعر بمرارة كبيرة تجعله متقبلاً لفكرة «فليكن من بعدي الطوفان».