لبنان "الحلقة الأضعف" في لحظة رسم الخرائط في المنطقة
يبدي مرجع سياسي بارز، قلقه من انفلات الوضع في لبنان نتيجة التطوّرات الدراماتيكية التي تجري في أوكرانيا، والتي بدأت ارتداداتها تُسجّل على الساحة الداخلية، في ظلّ معلومات عن انعكاسات قوية على كافة المستويات السياسية والإقتصادية، وتحديداً على صعيد الإنتخابات النيابية المقبلة، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى طرح مصير هذا الإستحقاق في حال أخذت هذه الحرب منحىً تصاعدياً، بمعنى أن تمتد إلى مناطق أخرى في حال حصلت تدخلات من الغرب، وأن تكون منطقة البحر المتوسط مسرحاً لعمليات ميدانية، بحيث يدعو المرجع إلى ضرورة قراءة ما حصل من مناورات عسكرية روسية في المتوسط إمتداداً من الساحل السوري، حيث أشرف عليها وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الذي، وعلى الرغم من الأجواء التي سبقت اندلاع الحرب في أوكرانيا، كان شخصياً مَن أشرف وتابع هذه العمليات، مما يؤكد أن هذه المناورات هي استباقية لأي تطوّرات قد تحصل في خضم الحرب الدائرة حالياً، بمعنى إمكانية أن تطال تأثيرات هذه الحرب منطقة الشرق الأوسط، وبعض الدول الغربية.
وعلى هذه الخلفية، قد يكون لبنان، وفي وضعه الراهن، من أكثر الدول تاثّراً بمجريات هذه التطوّرات، وربما بالحرب الدائرة حالياً في أوكرانيا إن على صعيد ما يعانيه من ترهّل في بنية الدولة، إلى الإنهيار الإقتصادي والإجتماعي والمالي، إضافة إلى الإنقسامات الداخلية التي ظهرت بوضوح بين الأفرقاء اللبنانيين من هذا المحور وذاك، الأمر الذي سيفاقم من الأزمات التي تضجّ بها الساحة الداخلية.
لذلك، لا يستبعد المرجع، وحيال هذه المعطيات والأجواء، إعادة خلط الأوراق السياسية والإقتصادية الإستحقاقية، بأن يتم تأجيل الإستحقاقت الإنتخابية النيابية، وحتى الرئاسية، والتفتيش عن مخارج تبرّر هذه الإجراءات، لا سيّما وأن موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كان واضحاً وبارزاً عندما أكد أن الحرب في أوكرانيا ستطول، ما يعني أنه أمام أشهر معدودة على الإستحقاق، تبرز استحالة حصولها على الرغم من كل المواقف والتطمينات، لأن المعلومات المتأتية من أكثر من جهة تؤشر إلى أن الازمة طويلة الامد، وثمة مخاوف من أي اهتزازات قد تحصل في الإقليم وفي المحصلة لبنان لن يكون بمنأى عنها.
من هذا المنطلق، يرجّح المرجع البارز والمتابع للحرب، بأن تكون هناك إعادة صياغة وهيكلة للوضع الجيوسياسي في المنطقة، وبالتالي هناك اصطفافات دولية في إطار سياسة المحاور شرقاً وغرباً، وهنا فإن لبنان سيكون الحلقة الأضعف في ظلّ هذه الإصطفافات نظراً لحالة الإنقسام التي يمرّ بها، ومن المُرتقب أن تتفاعل في الأيام القادمة، وقد بدأت المؤشرات تظهر تباعاً في الأيام الماضية، وقد يرتفع منسوبها بشكلٍ أن يضع لبنان أمام مفترق طرق حول كيفية تسيير سياساته الإقتصادية والمالية، وكلّ الحركة التجارية مع إعادة رسم واقع المنطقة والعقوبات والإجراءات التي ستُتخذ بحقّ هذه الدولة وتلك، مما يعني أن البلد يقف أمام أزمات إقتصادية قد تتخطّى الواقع الراهن بكثير، وسط تساؤلات حول مصير الحكومة في ضوء الإنقسام الجديد في النظرة إلى الحرب الدائرة في أوكرانيا والتباعد في السياسات الداخلية والخارجية.
فادي عيد