EED تركة سوروس الأوروبيّة: دعم «أبطال التغيير الديموقراطي»

EED تركة سوروس الأوروبيّة: دعم «أبطال التغيير الديموقراطي»

 جوليا قاسم الإثنين 28 آذار 2022


في خضمّ أزمة منطقة اليورو و«الربيع العربي»، نشر الفرع البلجيكي لمعهد المجتمع المنفتح (OSI) التابع لمنظمات جورج سوروس ورقة سياسية، في حزيران 2011، بعنوان «كيف يمكن للمؤسسة الأوروبية من أجل الديموقراطية (EED) أن تكون ذات قيمة مضافة؟»، مفصّلاً فيها توصياته لإنشاء (EED). وكشف المعهد أنّ مبادرة إطلاق المؤسسة هي من انعكاسات «دعم الديموقراطية» التي حددتها مفوضية الاتحاد الأوروبي عام 2009. وشملت الورقة تعزيز أنشطة مراقبة «حقوق الإنسان» في الجوار الأوروبي، فضلًا عن التركيز على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أواخر عام 2010.


أنقر على الصورة لتكبيرها


بحلول حزيران 2012، أبصرت «المؤسسة الأوروبية من أجل الديموقراطية» النور رسميًا، باقتراح من الرئاسة البولندية لمجلس الاتحاد الأوروبي، والتي روّجت للاقتراح بين الدول الأعضاء في الاتحاد بين حزيران وكانون الأول 2011. وتتطابق أسس التأسيس الرسمي للمؤسسة مع توصيات OSI المقدمة إلى الاتحاد الأوروبي، الواردة في الورقة السياسية الصادرة في أيلول 2011، والتي تهدف إلى إنشاء الوكالة «على غرار الصندوق الوطني الأميركي للديموقراطية (NED)». إذ إنّ إنشاء المؤسسة، التي ستكلف تقديم المنح للمجتمع المدني دولياً وخصوصاً في الجوار الأوروبي، سيكون بمثابة «أداة مخصصة لحقوق الإنسان» تعمل «بالتوازي مع نموذج NED».

تتباهى «المؤسسة الأوروبية من أجل الديموقراطية» بـ«مرونتها» في تجاوز الحواجز الحكومية والمؤسساتية التقليدية في الدول التي تعمل فيها. لتجنّب «قيود الحكومات الاستبدادية»، اقترح OSI أن يكون هناك «توازن» في التمويل الإجمالي للاتحاد الأوروبي للجهات الفاعلة غير الحكومية بين تقديم المنح المباشرة ــــ ما يسمح باستجابة وتغطية أكبر للقضايا والجهات الفاعلة، وإنشاء بيروقراطية جديدة وازنة ــــ وبين تقديم المنح عبر المنظمات الأساسية القائمة، والتي قد تحدّ من نطاق الأنشطة إلى «مجالات خبرتها». ويهدف OSI إلى «توفير الدعم الأساسي الذي يمكن الوصول إليه دون الكثير من البيروقراطية ومتطلّبات إعداد التقارير المرهقة»، كما هي الحال مع المؤسسات السياسية التقليدية المموّلة من الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، لم يحدّد OSI كيفية تحقيق ذلك عبر أهدافه المتمثلة بإيجاد «آلية تمويل مرنة» تعزز العلاقة بينها وبين هيئة العمل الخارجي الأوروبي (EEAS) والمديرية العامة للتعاون الدولي والتنمية (DEVCO) التابعة للمفوضية الأوروبية ــــ التي «من شأنها أن تشارك في تقديم منح مباشرة وغير مباشرة للجهات السياسية الفاعلة». فبحسب ورقة OSI، ستعمل «المؤسسة الأوروبية» كمانح غير حكومي، مع إمكانية الوصول إلى أموال الاتحاد الأوروبي و«إدارتها».


جمهور المستفيدين من دعم EED يشمل المجتمع المدني بالمعنى الأوسع: منظمات غير حكومية ووسائل إعلام وجامعات ومراكز أبحاث ونقابات عمالية


النية المعلنة لـ EED هي «تحليل السياق وجمع المعلومات الاستخبارية» داخل البلدان المضيفة و«عمليات المراقبة والتقييم» الداخلية التي ادّعى تقرير OSI أنّ الجهات المانحة تفتقر إليها. وذكر التقرير أن جمع المعلومات الاستخبارية يهدف إلى ضمان «تتبّع الجهات المانحة للمشهد السياسي وكسب المعرفة كي تتجنب تمويل جهات لا علاقة لها سياسيًا، كما يتّضح من تجربة OSF الخاصة بدعم المجتمع المدني».

وعلى غرار استراتيجية «مؤسسة المجتمع المنفتح» للمكتب الإقليمي العربي التابع لها لفترة 2014-2017، فإن إنشاء «المؤسسة الأوروبية من أجل الديموقراطية» يشمل أيضًا تصنيفات «انتقالية» للدول التي ترى أنها بحاجة إلى دعم بناءً على «مستوى التنمية الديموقراطية» في الدولة، أو بالأحرى خطط عمل لمصلحة «المؤسسة الأوروبية من أجل الديموقراطية» لتغيير النظام على أساس فراغ السلطة في الدولة، والتمييز بين فراغ السلطة بعد صراع مثل ليبيا، أو الدولة التي تمر بمرحلة انتقالية، مثل جورجيا، أو «الأنظمة الاستبدادية الحزبية المغلقة» مثل بيلاروسيا.



أوصى OSI بتركيز الدعم على «وسائل الإعلام غير الحزبية، ومجموعات المغتربين، والمعارضين السياسيين المستقلين» من خلال الاعتماد على تجربته الخاصة في ملاحظة أن «أحزاب المعارضة في البلدان الاستبدادية ضعيفة جدًا في العادة»، بالإضافة إلى نجاحات NED في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي بـ«دعم التضامن في بولندا، وهي نقابة تمثل حركة اجتماعية وليست حزباً سياسيًا». على غرار OSI، كان من المقرر أن تكون «المؤسسة الأوروبية من أجل الديموقراطية» مؤسسة فوق حكومية، من شأنها تغيير نهج ما يسمى بالدول «المغلقة» اقتصاديًا من خلال تمويل ودعم «أبطال التغيير الديموقراطي». وكما NED، «يمكن أن يكون جمهور المستفيدين من دعم المؤسسة الأوروبية من أجل الديموقراطية أوسع بكثير من الأحزاب السياسية، ويشمل المجتمع المدني بالمعنى الأوسع: المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والجامعات ومراكز الأبحاث والنقابات العمالية». ويتوزع المستفيدون المعلنون من أموال المؤسسة الأوروبية من أجل الديموقراطية بين «معارضين منفردين» ومعارضة منظّمة «لا تحظى بدعم كافٍ» في وسائل الإعلام ومراكز البحوث و«الحركات الاجتماعية» تحت شعار حقوق الإنسان. وكبديل داعم، بحثت الورقة الصادرة عن OSI في «إمكانية إنشاء اتفاقية أو وكالة جديدة» بالإضافة إلى «إصلاح النظام المالي الذي يؤثر على أدوات التمويل الحالية» التي من شأنها أن تسمح للجهات غير الحكومية الفاعلة في المجتمع المدني والتي تموّلها المصالح الخاصة «الوصول إلى أموال الاتحاد الأوروبي وإدارتها»، وهي الأهداف الأساسية التي أُنشئت المؤسسة الأوروبية من أجل الديموقراطية لتحقيقها.