المرّ الحفيد عن "دمّ أبيه" يحيد... ويميل إلى خطّ "حزب الله" وجدّه إميل!
ألان سركيس
هل يُرضي خطابه أهالي المتن؟
لا شكّ أن كل مرشّح يحاول التسويق لنفسه بالطريقة التي يراها مناسبة، ففي اللعبة التسويقية الإنتخابية كل شيء مباح إذا كان العنوان السياسي والوطني واضحاً.
تتّخذ معركة المتن الشمالي طابعاً حاداً كمعظم الدوائر ذات الأغلبية المسيحية، ففي هذه الدائرة هناك 8 مقاعد تتوزّع كالآتي: 4 موارنة، 2 أرثوذكس وواحد لكل من الكاثوليك والأرمن الأرثوذكس.
ويدخل المرشح ميشال الياس المرّ كمنافس جدّي على أحد المقاعد الأرثوذكسية بعدما نجح القيّمون عليه في إبرام تحالف مع حزبَي «الطاشناق» و»السوري القومي الإجتماعي» وبعض الشخصيات المستقلّة التي تُستعمل كرافعة من أجل الوصول إلى الحاصل.
وفي الحقيقة، فإن المرّ والنائب أغوب بقرادونيان يتنافسان ضمن اللائحة الواحدة من أجل كسب المقعد الذي ستناله اللائحة، لأن حصولها على حاصل ثانٍ ليس مضموناً إلا إذا أتى الكسر الأعلى لصالحهما.
هذا بالنسبة إلى التحالفات، أما في المعركة على الأرض فقد انطلقت حملة من الإنتقادات طالت المرشّح المرّ، تارة بسبب ظهوره بفيديوات إستعراضية على طريقة أحد المطربين وطوراً بسبب عدم طلاقته في الكلام.
قد تكون بعض صور المواكب مستفزّة للناس خصوصاً وأن شريحة كبيرة من اللبنانيين غير قادرة على تأمين بنزين لسياراتها في زمن إنتفض فيه الناس على الزعماء الذين يعبرون بمواكبهم وكأنهم فوق الشعب، في حين أن تصويب الإنتقادات على المرّ بسبب تعابيره قد يُعالج عبر الخبرة التي تأتي مع الوقت.
ولكن الأهم من الشكل هو المضمون، ففي حين ثار اللبنانيون على الواقع وعلى السلطة بعدما تأذّوا إقتصادياً وفي لقمة عيشهم وقُتلوا وجرحوا نتيجة إنفجار مرفأ بيروت ها هو المرشّح ميشال المرّ يطلق مواقف تصبّ في مصلحة «حزب الله».
عندما بدأ اسم ميشال المرّ يتردّد كوريث لمقعد جدّه النائب الراحل ميشال المرّ في المتن، دارت أحاديث عن أنه متأثّر بخطّ جدّه لأمه الرئيس السابق إميل لحّود، وقرأ البعض في هذا الكلام كأنه حملة مبرمجة على المرّ من أجل استهدافه.
لكن ما يظهر جلياً أن المرّ فعلاً متأثّر بأفكار ومواقف جدّه لحود أكثر من مواقف والده الوزير السابق الياس المرّ، وانجلى هذا الأمر من خلال إطلالته الأخيرة مع الزميلة راشيل كرم حيث اعتبر أن «حزب الله» مقاومة وليس ميليشيا، وكذلك قال إنّ المحقق العدلي في انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار مُسيّس، في موقف يتلاقى مع مواقف «حزب الله» المطالِبة بقبعه.
إذاً، يخوض ميشال المرّ إنتخابات المتن متسلحاً بأفكار جدّه لحود الذي كان رمز الإنبطاح للإحتلال السوري ونسي أو تناسى ماذا فعل «الحزب» بعائلته وبالناس، فوالده الياس المرّ يتهم «حزب الله» بمحاولة إغتياله وعفا عن ذلك، فهل تأتي هذه العملية الإغتياليّة بالنسبة إلى ميشال المرّ في سياق المقاومة؟
وفي السياق، فإن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان كانت قد حددت جلسات في قضية محاولة اغتيال المر ومروان حمادة واغتيال جورج حاوي وقد ربطت هذه الجرائم الثلاث باغتيال الرئيس رفيق الحريري وقد اتهمت المحكمة القيادي في «حزب الله» سليم عياش بالقيام بها.
ويعلم الياس المرّ أكثر من غيره ما إذا كان «حزب الله» ميليشيا أو مقاومة، وقصة الكاميرات في مطار بيروت أكبر دليل، واستغلها «الحزب» لتنفيذ إجتياح 7 أيار 2008، وقتها كان المرّ أيضاً وزيراً للدفاع.
قد تكون تجاوزات «حزب الله» لا تُعدّ ولا تحصى من محاولته السيطرة على الدولة إلى استباحة المعابر الشرعية وغير الشرعية ودعمه التهريب وإسقاط حكومات وتعطيل أخرى، لكنّ هناك سؤالاً اساسياً يوجه لميشال المر وهو: عندما استشهد النقيب في الجيش سامر حنا هل كان «الحزب» يقوم بعمل مقاومة أو كان ميليشيا؟
إذاً، أعطى المرشح ميشال المرّ صكّ براءة لـ»الحزب»، ومن يسمع كلامه يتذكّر لحود الذي كان يردّد يومياً من دون كلل وملل دعمه للمقاومة ولسوريا الأسد، وقد يكون المرشّح المرّ ومن شدّة إعجابه بجدّه ذكره بإحدى الأغاني الترويجية له مستعملاً عبارة «حبيب القائد لحّود رئيس الجمهورية».
هذا بالنسبة إلى «حزب الله»، إلا أن تحالفه مع الحزب «السوري القومي» يضع أيضاً علامات إستفهام جديّة حول سياسة المرّ الجديدة، فـ»القومي» أحد أهم رموز المنظومة وكذلك فإن السؤال الذي يُطرح أين سيكون ميشال المرّ في حال فاز بالإنتخابات؟
أما الأهم وهنا سؤال يُوجّهه المتنيون إلى المرشّح ميشال المرّ وهو: على ماذا استند ليعتبر أن القاضي البيطار مسيس، هل على نظريات «حزب الله»؟ ولماذا لم يسمع صرخات أهالي شهداء المرفأ، فهل يُعقل أن يطلق مرشح عن المتن موقفاً كهذا من دون إبراز دليل؟ علماً أن انفجار المرفأ كان يجب أن يطيح كل رؤوس الدولة.
يستطيع المرشح ميشال المرّ أن يسأل والده ما إذا كان «حزب الله» فعلاً مقاومة، أو باستطاعته أن يُعيد رؤية التسجيلات التي أظهرت كيف حاولت جحافل «الحزب» إجتياح عين الرمانة في 14 تشرين 2021 وذلك تحت عنوان قبع القاضي البيطار الذي اعتبره المرّ مسيّساً، في حين أن الحقيقة واضحة بالنسبة إلى المتنيين والمسيحيين واللبنانيين وهي رفض دويلة «حزب الله» ودعم تحقيق البيطار في الإنفجار الذي دمّر نصف العاصمة وطال لهيبه ساحل المتن ووسطه، فهل خطاب المرّ هذا يُرضي أهالي المتن بعد كل ما حلّ بالبلد؟ وكيف سينتخبه المتنيون إذا كانت صورة لحّود ستكون الطاغية بجانب اسمه؟