آن الاوان لاعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة: خالد المعلم

آن الاوان لاعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة: خالد المعلم

أما وقد انتهت الانتخابات النيابية فنجح من نجح ورسب من رسب فإن مرحلة ما بعد الانتخابات هي مرحلة جديدة تستدعي التوقف عندها ودراسة نتائجها ودراسة مزاج الجمهور وكيفيفة التعامل معه طي نفهم طبيعة القيادة والانقياد لهذا المزاج.

فقد جرت الانتخابات النيابية عبر القانون الذي تم إقراره في انتخابات العام 2018 من أجل انتخاب 128 نائبا جديدا يمثلون الأمة – حسب ما يقر الدستور اللبناني – علما ان اختيارهم لم يتم على صعيد الأمة، فهذا القانون الذي قيل أن الأكثرية النيابية فصلته على قياسها من اجل توسيع حظوظها وتضييق فرص المستقلين والقوى التغييرية يحتاج ولا شك إلى إعادة نظر على كل المستويات من أجل ضمان صحة التمثيل الشعبي وعدم إلغاء الآخر.

ولا شك أن اعتماد مبدأ الصوت التفضيلي ضمن اللائحة ربما كان إحد أهم ثغرات هذا القانون الهجين حيث أدخل التنافس ضمن أركان اللائحة الواحدة فكان من مبررات تفجرها من الداخل بدل أن يكون أحد ركائز تماسكها، فالناخب يجب أن يقترع للائحة واحدة بين اللوائح المتنافسة ويحق له الاقتراع بصوت تفضيلي واحد لمرشح من الدائرة الانتخابية الصغرى من ضمن اللائحة التي يكون قد اختارها، مع العلم بأنه في حال لم يقترع الناخب بصوت تفضيلي يبقى اقتراعه صحيحا وتحتسب فقط اللائحة، لكن إذا أدلى بأكثر من صوت تفضيلي واحد ضمن اللائحة فلا يحتسب أي صوت تفضيلي وتحتسب اللائحة وحدها.

إن هذا الأمر ولا شك يشكل عائقا هاما امام الأحزاب الناشئة على أساس وطني لا طائفي خاصة وأن الأحزاب الموجودة هي أحزاب طائفية بمجملها تسيطر على جمهورها بتأثير الدين وإن وضعت على رأسها قبعة ذات عناوين وطنية.

هذه الانتخابات أظهرت أن اعتماد وسائل تقنية تعتبر في متناول اليد أصبحت حاجة وضرورة في هذا الزمن وربما أولها إصدار البطاقة الممغنطة التي تسمح للمواطن اللبناني الانتخاب في مقر سكنه وتخفف عليه أعباء الانتقال من منطقة إلى أخرى تنفيذا لواجبه الدستوري بالانتخاب. 

القانون الجديد لا يلبي تطلعات اللبنانيين بقانون عادل يحقق المساواة وصحة وعدالة التمثيل. وهناك مسؤولية مباشرة على عاتق القوى والتيارات التي كانت في البرلمان ولم تساهم في منع مثل هذا القانون ولم تكافح من أجل فرض إقرار قانون يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة خارج القيد الطائفي وعلى أساس النسبية الكاملة، فلماذا لم تتمكن القوى الوطنية من تحقيق مطلبها وتطلعاتها في إقرار هكذا القانون؟.

من خلال قراءة سريعة للقانون يمكن تسجيل الملاحظات التالية:

- القانون يتعارض مع الدستور الذي يدعو في المادة 22 إلى انتخاب مجلس نواب وطني خارج القيد الطائفي وعلى أساس النسبية، وانتخاب مجلس للشيوخ على أساس طائفي والنظام الأكثري، 

- وهو يفتقد للمعيار الواحد والمساواة، فتقسيم الدوائر إلى 15 دائرة تم بطريقة مخالفة للدستور الذي أقر اعتماد المحافظات الست دوائر انتخابية. 

- تقسيم بيروت إلى دائرتين تفصل بينهما خطوط التماس الطائفية التي سادت خلال الحرب الأهلية.

- هناك بعض الدوائر تتميز بالعمق الطائفي الصرف ما يجعل صوت الأقليات فيها غير ضروري وغير ذات تأثير.

- اختلاف أعداد المرشحين والمقترعين بين دائرة وأخرى. 

- عدم تخفيض سن الاقتراع إلى 18 سنة.

- القانون لم يمنع الرشى الانتخابية لأنه يعتمد الصوت التفضيلي بل على العكس فهو يساهم في تعزيز هذه الظاهرة.

لقد آن الأوان لتطبيق الدستور لناحية تضمنه أن النائب هو ممثل للأمة جمعاء وهذا الأمر لا يتحقق إلا من خلال اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة خارج القيد الطائفي وآن الأوان أن يكون المواطن اللبناني مشاركا في التغيير وفي محاربة الفساد من خلال قيامه بواجبه الانتخابي الذي يوصل إلى الندوة البرلمانية من يراهم أكفاء للقيام بهذه المهمة، علما أن مسألة العداء للكيان الصهيوني هي مسألة مكرسة في الدستور، ولن تستطيع أي قوة في لبنان الإتيان بأكثرية الثلثين لتغييرها أو نزعها من وجدان المواطن اللبناني وغير ذلك فكل شيء يخضع للنقاش.

الصحفي والناشط الاعلامي خالد المعلم