ميقاتي "عارف ما في غيرو" والمعارضة تحضّر "مفاجأة"
على ما يبدو قرّر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي "رفع التكليف" في المواجهة المفتوحة مع العهد وتياره و"رفع سقف التحدي" معهما عشية استشارات بعبدا الملزمة الخميس، فشمّر عن زنوده الحكومية أمس ليؤكد بالصوت العالي من طرابلس رفض الخضوع لابتزاز رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل والغوص معه في أي "مقايضات أو مساومات" لضمان تمرير إعادة تكليفه تشكيل الحكومة العتيدة، مصوّبا على باسيل من دون أن يسميه باعتباره يدفع باتجاه "تحويل موقع رئاسة الحكومة وشخص رئيس الحكومة مادة للتسويات"، وخلص في المقابل إلى رسم "معادلة واضحة" في عملية التكليف والتأليف "لا تراجع عنها بضغط الحسابات العددية أو السياسية التي يحاول البعض فرض المساومة عليها".
لكنّ ميقاتي الذي أوصد الباب في وجه "البازار الباسيلي"، لم يُخف رغبته في البقاء في سدة الرئاسة الثالثة من خلال إبداء استعداده للاستمرار في "تحمّل المسؤولية والإقدام على الخدمة العامة بشجاعة المواجهة" من دون الانزلاق إلى مربّع "الانتحار والمواجهات العبثية"... وهو ما رأت فيه مصادر سياسية "إعلاناً صريحاً من رئيس حكومة تصريف الأعمال بأنه طامح لولاية حكومية جديدة تتيح له قطف ثمار ما زرعه من بذور تواصل مع المجتمعين العربي والغربي وصندوق النقد الدولي في الفترة الماضية"، معتبرةً أنّ "نبرة التحدي التي استخدمها (أمس) تعكس اطمئنانه إلى أنه المرشح الأوفر حظاً في استشارات الخميس، سواءً لأسباب خارجية متصلة بالدعم الفرنسي والأميركي المستمر لإعادة تكليفه، أو لأسباب داخلية مردّها بشكل أساس إلى أنه "عارف ما في غيرو" على مستوى بورصة الترشيحات الجدّية لرئاسة الحكومة".
أما على ضفة قوى المعارضة فتختلف الحسابات والتحضيرات للاستحقاق الحكومي، إذ كشفت مصادر نيابية لـ"نداء الوطن" عن ارتفاع وتيرة الاتصالات والمشاورات خلال الساعات الأخيرة على خطوط التواصل بين الكتل النيابية الحزبية والتغييرية المعارضة بغية محاولة التوصل إلى اسم شخصية توافقية في ما بينها ليتم ترشيحها لمهمة التكليف الحكومي، ولم تستبعد في نهاية المطاف أن تشهد استشارات الخميس "مفاجأة" يتم التحضير لها بكثير من التأني والدراية بحسابات المعركة وموجباتها لكي تأتي نتائجها مغايرة لنتائج انتخابات نيابة رئاسة المجلس النيابي وهيئة مكتب المجلس واللجان.
وإذ أكدت أنّ الجميع مدرك أنّ "التكليف شيء والتأليف شيء آخر في ظل التجارب التاريخية المريرة مع العهد العوني على امتداد الاستحقاقات الحكومية السابقة"، رأت المصادر في المقابل أنّ "الأولوية اليوم هي لإعادة التوازن النيابي لمصلحة القوى المعارضة في استحقاق التكليف لتأكيد النية على إحداث التغيير المنشود في إدارة شؤون الدولة ومؤسساتها بدءاً من السلطة التنفيذية المؤتمنة على تحضير وتنفيذ خارطة الإصلاحات المطلوبة لإنقاذ البلد"، لافتةً في الوقت نفسه إلى أنّ "الفريق الآخر يعمل بأقصى جهوده لإعادة تكريس أكثريته النيابية في الاستحقاق الحكومي سواءً من خلال تكرار سيناريو أكثرية الـ65 في عملية التكليف أو عبر محاولته الدفع باتجاه ضمان إبقاء التشرذم سائداً بين صفوف الأحزاب السياسية المعارضة والقوى التغييرية"، مع إِشارتها في هذا الإطار إلى المعلومات التي نقلت تمني رئيس مجلس النواب نبيه بري على كتلة "اللقاء الديمقراطي" في حال عدم القبول بإعادة تكليف ميقاتي "أقلّه عدم تسمية أي مرشح آخر للتكليف".
تزامناً، وغداة حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بالسجن المؤبد خمس مرات على عناصر "حزب الله" سليم عياش وحسن مرعي وحسين عنيسي لثبوت ضلوعهم في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لفت إعلان عضو "اللقاء الديمقراطي" النائب مروان حمادة عزمه التقدّم بعد غد الاثنين "بسؤال إلى الحكومة" لاستيضاح كيفية تعاطيها مع موجبات هذا الحكم ومطالبتها مع وزير العدل باتخاذ المقتضى القانوني والعدلي في ضوء ما صدر عن المحكمة، لا سيما عقب مطالبة المدعي العام نورمان فاريل بضرورة العمل على تسليم المدانين إلى العدالة.
وفي المواقف العربية والدولية، استرعى الانتباه ترحيب المملكة العربية السعودية بحكم المحكمة الخاصة بلبنان ودعوتها "المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بدوره تجاه لبنان الذي يعاني من ممارسات الجماعات المدعومة من إيران"، مشددةً على أنّ "ممارسات "حزب الله" تسببت بفوضى غير مسبوقة بلبنان"، مع التأكيد على أنّ "حكم المحكمة الدولية الخاصة بالإجماع ضد عملاء "حزب الله" إحقاقٌ للعدالة".
وكذلك، رحّبت الخارجية الأميركية على لسان المتحدث باسمها نيد برايس بالقرار الصادر بالإجماع عن المحكمة الدولية، منوّهاً بحكم المحكمة الدولية بوصفه "يمثل علامة بارزة طال انتظارها في السعي لتحقيق العدالة لشعب لبنان".