لا زيارة محددة لدوكان الى لبنان

لا زيارة محددة لدوكان الى لبنان

في انتظار الرد الرسمي للوسيط الاميركي عاموس هوكشتاين تقول مصادر متابعة لملف الترسيم الحدودي بين لبنان واسرائيل انّ الأخيرة ومعها هوكشتاين فوجئا بموقف لبنان الرسمي الموحّد بالنسبة الى خط الترسيم المعتمد، اي قانا مقابل كاريش... اذ لم يتوقّعا الاجماع اللبناني على هذا الموقف كغيره من كافة المواقف التي لم يُجمع اللبنانيون يوماً عليها. وقد يكون الاسرائيليون قد راهنوا على اختلاف الافرقاء المعهود لإمرار الوقت والاستفادة منه، كذلك الامر بالنسبة الى هوكشتاين الذي لزم الصمت بعد جولته على الافرقاء في لبنان ولم يعلّق سوى على نقطة تلاقي اللبنانيين حول ملف الترسيم، الامر الذي أثار استعجابه واستغرابه لكنه في المقابل لم يعلّق على الجوهر ولا على المضمون بل اكتفى بضحكة عريضة.



وتقول المصادر المعنية انّ «حزب الله» ايضاً تعامَل براغماتياً مع الموضوع من خلال تسليم كلمة الفصل في ملف الترسيم لرئيس الجمهورية، وبذلك جاء موقف لبنان تسهيلياً في وقت كانت اسرائيل في حاجة الى تظهير مسؤولية لبنانية في التعطيل، الا انّ الجواب أتى مغايراً وسحب منها هذه الورقة وردّ الكرة الى الداخل الاسرائيلي.


في الموازاة تلفت المصادر الى انّ اسرائيل تتخبّط في المرحلة الحالية وسط مجموعة ازمات داخلية منها ازمة الحدود وازمة الحكم، اذ انها على باب اعلان حل الكنيست واعلان انتخابات جديدة وقد يتذرّع هوكشتاين بهذه الاسباب لتأخير ردّه وجوابه الرسمي للبنان، وقد يسأل عن السلطة التي سيحاورها هناك بعد حل البرلمان وهذا ما دفع ربما رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الى التحذير في تغريدته الاخيرة من هذا المنطق مطالباً المعنيين وتحديداً هوكشتاين والاسرائيليين من مغبّة التحجّج بحل البرلمان الاسرائيلي لعدم اعطاء لبنان الجواب الرسمي على الطرح الجامِع بالنسبة الى ملف الترسيم، كما حذّر من انّ تأخّر الرد «سيؤدي الى تصعيد خطير»، ليسأل البعض عمّا قصده باسيل في تغريدته في وقت تلوح في الافق عودة المفاوضات الاميركية ـ الايرانية في قطر وهذا ليس بمؤشر تصعيدي بل العكس!


فرنسا على خط الترسيم!


وفي السياق تؤكد جهات متابعة لـ»الجمهورية» انّ الباخرة الاسرائيلية الثانية التي قدمت الى المنطقة المتنازَع عليها بين لبنان واسرائيل من غير الوارد ان تكون في صدد استخراج الغاز على قاعدة انه لا يمكن لأي دولة ان تتجرّأ على الاستخراج قبل انجاز الاتفاق وكل ما يدور في الفلك العلني هو فقط للمناورة.


في السياق، ينشط دور لفرنسا في الملف بعدما اشار مصدر ديبلوماسي فرنسي لـ»الجمهورية» الى انه بالاضافة الى الوساطة الاميركية على خط المفاوضات بالنسبة لملف الترسيم فإنّ الفرنسيين يلعبون دورهم في هذا الملف وهم ايضاً على تواصل مع حلفائهم الاميركيين في شأنه، وكذلك هم على تواصل ايضا مع شركائهم اللبنانيين لجهة التوصل الى حوار جاد وفعّال حول خطوط واضحة المعالم للترسيم الحدودي.


اما بالنسبة الى زيارة الموفد الفرنسي بيار دوكان الى المنطقة فقد استبعدت مصادر وزارية ان يكون هناك متابعة فرنسية حثيثة للملفات اللبنانية العالقة وفي هذه المرحلة تحديداً بعد النكسة البرلمانية التي لحقت بفريق الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي يعاني اليوم ازمة حكم سَببها، بالاضافة الى خسارته في الانتخابات البرلمانية، فشله في الملف الروسي وفي ادارة العملية في الحرب الروسية، ما يجعل اولوياته ترتيب بيته الداخلي. وبالتالي، فإنّ ماكرون، في رأي المصادر نفسها، لن يكون مهتماً بلبنان في المرحلة الراهنة أقله كالسابق.


الّا انّ هذه المصادر تشير في الوقت نفسه الى اهمية اعادة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تأليف الحكومة، والذي تربطه علاقة وثيقة بفرنسا لأنه بذلك يكون لديه شريك دولي مهم في المشاريع الاقتصادية بدءاً من مرفأي بيروت وطرابلس وغيرهما من المشاريع، الامر الذي سينعكس ايجاباً لأنه سيكسب لبنان شريكاً دولياً.


لا زيارة لدوكان


واكد المصدر الدبلوماسي الفرنسي نفسه أن لا زيارة محددة حتى اليوم للموفد الفرنسي دوكان، بمعنى ان لا زيارة لدوكان حتى الساعة الى لبنان.


وعمّا اذا كانت نتائج الانتخابات البرلمانية الفرنسية تؤثر او تنعكس سلباً على لبنان، أكد المصدر ان لا علاقة لها بتعاطي فرنسا مع لبنان وهي بالطبع لن تؤثر على الاولوية التي توليها فرنسا للبنان، كما انها لن تنعكس سلباً على الملف اللبناني وتحديدا الملف الاصلاحي وخطة النهوض التي حملتها فرنسا على عاتقها.


ويضيف المصدر: «نحن مستمرون في مساندة لبنان ولكن في المقابل ننتظر الاصلاحات لتقديم المزيد، وننتظر تحديداً الاصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي بالنسبة الى موازنة 2022 و»الكابيتال كونترول»، الودائع، السرية المصرفية، التدقيق الجنائي وخطة النهوض الاقتصادية والخطة المصرفية للانقاذ».



اما بالنسبة للعلاقة التي تربط فرنسا بميقاتي فذكّر المصدر الديبلوماسي الفرنسي بالبيان التي اصدرته السفارة الفرنسية فور تسمية ميقاتي واعلنت فيه انها أحيطت علماً بتكليف ميقاتي تأليف الحكومة الجديدة، مؤكدة انه «يقع على عاتق رئيس الوزراء المكلف الآن تشكيل حكومة في اسرع وقت ممكن تكون قادرة على تنفيذ التدابير والاصلاحات الهيكلية الضرورية للنهوض بالبلد، وبالأخصّ الاصلاحات التي تم التفاوض عليها في نيسان الماضي مع صندوق النقد الدولي».


وفي السياق وضع البيان المسؤولية على عاتق جميع القوى الموالية والمعارضة في مجلس النواب اللبناني، وذكّر بحرص فرنسا على ان تجرى الانتخابات الرئاسية وفقاً للجدول الزمني المنصوص عليه في الدستور، مؤكداً ان فرنسا ستواصل بدورها التزامها التام الى جانب الشعب اللبناني.


اما بالنسبة الى الدعم المباشر التي توليه فرنسا لميقاتي فقد علّق المصدر الفرنسي على هذا التوصيف قائلاً «انّ فرنسا تُساند الحكومة اللبنانية ورئيسها، ليس كشخص إنما كصفة رسمية، وهي لا تحاوره وتسانده وتقدّم له الدعم على اساس شخصه بل على اساس صفته الرسمية كرئيس للحكومة اللبنانية، وهي على هذا الأساس على تواصل مستمر معه.


وفي المقابل لفت المصدر الى «أنّ فرنسا تقول لميقاتي في الوقت نفسه بوضوح ماذا تريد منه مقابل الدعم المطلوب، بمعنى انّ الدعم مرهون بالنتائج وبالعمل والاصلاحات المطلوبة من الحكومة اللبنانية».