"القوات" تفتح باب الرئاسة... والترشيحات التفاهمية

"القوات" تفتح باب الرئاسة... والترشيحات التفاهمية

كلير شكر


جعجع دعا المعارضين إلى الاتفاق على مرشح للرئاسة

شهران يفصلان عن الموعد الأول، المفترض حصوله، بداية أيلول المقبل، لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية خلفاً للرئيس ميشال عون الذي تنتهي ولايته في 31 تشرين الأول المقبل. كلّ المؤشرات تدلّ على أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يتأخر في دعوة النواب للقيام بواجبهم الدستوري، لا بل لا يتردد بري في الإفصاح أمام زواره عن نيّته بتحديد هذه الجلسة مطلع أيلول المقبل. ويكاد بري يجزم أمام سائليه بأنّ الاستحقاق سيحصل في موعده بلا أي تأخير.


ولعل هذا الاحتمال هو الذي يجعل من مشاورات التأليف، أشبه بطبخة البحص مهما تكثّفت جولات التفاوض حولها، وأحيطت بالكثير من الطروحات الابتكارية. وها هو رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي «يتدلل» على اللقاء الثالث المنتظر مع رئيس الجمهورية، ليضع ردوده على الطروحات التي قدمها الرئيس عون في لقائهما الأخير. لا بل راح ميقاتي في برودة أدائه، إلى حدّ فتح باب المعركة المباشرة بوجه رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، فاعتبر مكتبه الإعلامي أن «احتفاظ «التيار الوطني الحر» بحقيبة وزارة الطاقة 17 عاماً من دون توفير الحل هو مضبطة الاتهام الفعلية، وابعاد «التيار» عن الوزارة هو المدخل الى الحل لأزمة القطاع والاصلاح الحقيقي في هذا الملف»... وذلك في حلقة جديدة من مسلسل السجال الثنائي بين رئيس الحكومة المكلّف والفريق العوني.


وما يرفع من فرص حصول الاستحقاق الرئاسي في موعده، هو تخلي الكتل النيابية عن منطق مقاطعة الجلسات الانتخابية، والمقصود بهذه الكتل، تلك المعارضة، وتحديداً كتلة «القوات» والنواب المستقلين ونواب 17 تشرين. إذ أكدت النائبة ستريدا جعجع منذ أيام «أهميّة اجراء انتخابات رئاسة الجمهوريّة في موعدها لما لهذه الانتخابات من أهميّة كبرى، باعتبارها مفصليّة في تحديد مصير لبنان ووجهته في السنوات المقبلة»، وشددت على أن «المطلوب اليوم، العمل من أجل الحرص على تطبيق الدستور في هذا الإستحقاق مثلما تمّ تطبيقه في انتخابات رئاسة مجلس النواب وتكليف رئيس الحكومة العتيدة».


بالتوازي، كان رئيس الحزب سمير جعجع يغوص أكثر في متاهة الاستحقاق، إذ قال: «أنا مرشح طبيعي للرئاسة، ولكن لن أصرف الوقت على تأمين الأصوات، فالهم الأكبر هو جمع نواب المعارضة على اسم واحد لخوض الانتخابات الرئاسية، وأنا أقبل بأسماء وسطية تحمل مشروعنا».


ولكن في المقابل قال عن ترشيح قائد الجيش جوزاف عون إنّ «أداء قائد الجيش جيّد وهو يحمل المفاهيم المطلوبة التي طرحناها، أنا لا أعرفه شخصياً لكني أرى ماذا يفعل وأؤيده في قيادة الجيش وهو من أحد الأسماء المطروحة لرئاسة الجمهورية».


في الواقع، ثمة من يرى أنّ قوى الثامن من آذار ستستطيع تأمين وصول رئيس من صلبها، في اسقاط جديد لمشهدية انتخاب نبيه بري رئيساً لمجلس النواب حين جرى تأمين أغلبية نيابية، عادت أيضاً وتكوّنت مع انتخاب الياس بو صعب نائباً لرئيس مجلس النواب. كذلك تجلى الأمر مع تسمية نجيب ميقاتي رئيساً مكلفاً واسقاط اسم نواف سلام كمرشح للمعارضة. اللافت هنا هو أنّ «اسقاطه» حاول البعض تحميل مسؤوليته إلى «القوات» التي كانت سمته سابقاً لهذا الموقع، وذلك للإيحاء بأن موقف معراب كان تمريرة غير رسمية لميقاتي... وهي مؤشرات قد تقود قوى الثامن من آذار إلى انتخاب رئيس من «هواهم السياسي».


ولكنّ لـ»القوات» تفسيراً آخر لعدم انضمامهم إلى اصطفاف تسمية نواف سلام، ذلك لأنّ احتمال تجاوز السفير السابق للرئيس ميقاتي بعدد الأصوات، كان صعباً، نظراً لعملية احتساب مسبقة للأصوات التي سيحصل عليها بسبب عدم إجماع المعارضين على تسميته، لأنّ تبني «القوات» ترشيح سلام كان سيدفع «حزب الله» إلى وضع ثقله في سبيل اتمام تفاهم بين ميقاتي وباسيل، وبالنتيجة، سيُسمى الأول رئيساً للحكومة وسيخسر سلام. ولهذا، فضلت «القوات» قطع الطريق على هذا التفاهم من خلال «الورقة البيضاء» خصوصاً وأنّ حظوظ تكليف سلام لم تكن متوفرة.


الأهم بالنسبة لـ»القوات»، هو الاستحقاق الرئاسي، ولهذا سارع جعجع إلى دعوة المعارضين للاتفاق على مرشح مشترك للرئاسة، وهذا يعني أنّه غير متمسك بترشيحه، وأنّه ينبّه المعارضين إلى الأخطاء التي ارتكبت في الاستحقاقات الماضية وتحديداً في نيابة رئاسة المجلس التي «فرقت» على خمسة أصوات فقط كان من الممكن أن تحيل الأغلبية من ضفة إلى أخرى... ولو أنّ جعجع يدرك تماماً أنّ في صفوف المعارضين أكثر من طامح أو مرشح للرئاسة، وعلاقة هؤلاء ببعضهم البعض ليست على ما يرام، الأمر الذي يجعل احتمال التفاهم ضئيلاً.