دَع هذا يتردّد في كل ركن من أركان العالم... دولتي قتلت شعبي!

دَع هذا يتردّد في كل ركن من أركان العالم... دولتي قتلت شعبي!

ركنتُ الى زاوية في أحد مقاهي العاصمة لأكتب هذا المقال، فانقطاع الكهرباء التي باتت أشبه بالألماس منعني عن ذلك في المنزل، لا أجد الكلمات الكافية للتعبير، جفّ حبري أمام هول الحقيقة المرّة، يعتمرني السكوت في حين، والثورة والغضب في حين آخر، كيف لا واللبنانيون باتوا غرباء في الوطن، يقفون عاجزين أمام الخيبات.


شعبي ليس بخير، وجبة الذل هي الوحيدة الدسمة، مرضى السرطان يعانون، الخبز مقطوع، المستشفيات تدقّ ناقوص الخطر، الدولار يحلّق دراماتيكياً، باتت الحياة في الوطن صعبة لا بل مستحيلة، تصادفني خلال نهاري الطويل وأثناء طريق العودة للمنزل مآسٍ بات يتعايش اللبنانيون معها، تلفت نظري إمرأة تفترش الطريق وتبيع الكتب لتأمين لقمة العيش، يستوقفني رجل عجوز يعرض قطعاً أثرية من أثاث منزله علّه بذلك يستطيع شراء قوته اليومي من السوبرماركت.

إنها "جهنّم" على الأرض، خدعتني الإنتخابات، توقّعت ان اللبنانيين تعلّموا من الإنهيارات، خلت أنهم سيحسّنون الإختيار لكن "متلازمة ستوكهولم" لا زالت تلازم الجزء الأكبر منهم، تعاطفوا من جديد مع جلاديهم، لا مبالغة في القول أن إنتشالنا من قعر جهنم أصبح شبه مستحيل في المدى المنظور أقلّه، إختلطت الحرب على الحقائب الحكومية الملغومة بالحرب "الغازية" في كاريش، ساد إنطباع أن محكمة الشعب والتي أؤمن انها الأقسى ستصدر حكمها المبرم بحق إمبراطوريات الفساد، لكن الظن خاب، وكأن عهد الحكومات المتتالية والمشلولة الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة لم يكتفِ بما ألحقه بلبنان من ضرر وخراب ودمار وإفقار وذلّ، وقعنا في قدر من التفاؤل الكبير في خريف عام 2016 عندما إنتخب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، علّنا نشهد ولادة لبنان جديد، لبنان الذي يحلم به الرئيس عون، لكن سرعان ما تبدّد هذا التفاؤل وإنقضى خائباَ، وها هو العهد يكاد ينقضي دون تحقيق أي شيء، ومن منا لم يكن يتمنى التوفيق لعون، لكن وللأسف من أوصلوه الى الرئاسة أعاقوا كل مشاريعه الإنمائية والإصلاحية، كيف لا وهم من خجل منهم الفساد، وخاف منهم الشيطان، كيف لا وهم أخبث من الخبث.


لا بأس فإذا برّأتكم محمكة الشعب، فمحكمة التاريخ تنتظركم لا محالة.

"أخفضوا أصواتكم وأصوات أبواقكم ومطارقكم، تخاطبوا همساً وسيروا على رؤوس أقدامكم، فالوطن يُحتضر".

الحدث - ماريا واكيم