التأليف "طي النسيان"... والتفاوض يدور حول حكومة العهد الجديد
ألان سركيس
سلّمت غالبية القوى السياسية بالأمر الواقع وبأن لا حكومة في المدى المنظور قبل نهاية عهد الرئيس ميشال عون.
بعد انتهاء فترة الإحتلال السوري للبنان، بات كل استحقاق يختص بتأليف الحكومة يحتاج إلى معجزة، وحدها حكومة عهد عون الأولى شُكّلت بأسرع وقت ممكن، ليتبعها بعد ذلك مزيد من الأزمات والإنهيارات.
وقبل أشهر قليلة من نهاية عهد عون، لا يبدو أن الأفق مفتوح أمام تأليف حكومة جديدة، فالرئيس المكلّف نجيب ميقاتي يعتبر أن ما قام به كفيل بولادة الحكومة لو كانت هناك نيات صافية، لكن كما يبدو من حرب التسريبات فإن لا نية للتأليف إلا وفق شروط العهد ورجله الأول النائب جبران باسيل.
ومن جهته، يبدو أن العهد لن يُقدّم تنازلات في نهاية عمره تُكرّس تراجعه في الإنتخابات النيابية، بل يريد أن يحافظ على حصته كاملةً وكأن الإنتخابات لم تُجرَ أو أنه لم يتراجع في كل الدوائر المسيحية.
ووِفق المعطيات المتوفرة، فإن الأزمة الحكومية موجودة وستتمدّد، وكل الرهانات الخارجية سقطت ولا يظهر أن هناك بصيص أمل للحل المرتقب، وإذا كان هذا البصيص موجوداً فسيظهر حكماً في الإستحقاق الرئاسي وليس الحكومي.
من هنا، يفهم ميقاتي خيوط اللعبة جيداً، فهو راهن سابقاً على الضغط الدولي لتأليف حكومته المستقيلة حالياً لأن وقتها كانت الأجندة الإقليمية والدولية تدفع نحو التأليف، أما اليوم فإن هذه الأجندة تركّز في الشكل على ضرورة تأليف حكومة، لكن المضمون يتجه نحو الضغط من أجل انتخاب رئيس جمهورية سريعاً وعدم الدخول في الفراغ الرئاسي.
ويبقى أقل من 40 يوماً لبدء مهلة انتخاب رئيس الجمهورية، وقد أعلن رئيس مجلس النواب نبيه برّي مراراً وتكراراً أنه لن يتأخر بالدعوة إلى انعقاد الهيئة العامة لمجلس النواب من أجل القيام بواجب انتخاب الرئيس، لذلك فإن كل الإهتمام المحلي والإقليمي والدولي سينصبّ في اتجاه الإستحقاق الرئاسي الذي يبدو أن حظوظ التوافق على الاسم الجديد معدومة إلا إذا حصل أي تطوّر في الأسابيع المقبلة.
وما هو ظاهر حتى الساعة أن الرئيس المكلّف لن يقدّم حالياً أي تشكيلة جديدة للرئيس ميشال عون، إلا إذا حصل أي تطوّر إقليمي ودولي يدفع نحو التأليف، ويكون هذا الدافع بعد التأكّد من أن البلاد ستعيش فراغاً رئاسياً، لذلك يصبح واجباً تأليف الحكومة سريعاً لكي لا يُحكم البلد من حكومة تصريف أعمال ستنتقل إليها حكماً صلاحيات رئيس الجمهورية.
ووسط هذا الغموض القاتل، فإن كل القوى السياسية والإقليمية والدولية تستجمع أوراقها بالنسبة إلى الإستحقاق الرئاسي لأن تأليف الحكومة بات بحكم المنتهي أو أن الحديث عنه غير ذي فائدة، لذلك فإن المفاوضات إنطلقت حول حكومة العهد الجديد وسط كل ما يُحكى عن قرب إبرام صفقة بين باسيل ومرشح «حزب الله» لرئاسة الجمهورية سليمان فرنجية تنص على حفظ حصة «التيار الوطني الحرّ» في الدولة وفي الحكومة حكماً.