هل تنجح دار الفتوى والسفارة السعودية في وضع حد لتشرذم النواب السنّة؟
في خطوة هي الاولى من نوعها تعقد شخصيات وفاعليات من الطائفة السنية لقاءً موسعاً قبل ظهر اليوم في «البيال» دعماً لاجتماع دار الفتوى ومبادرة المفتي عبد اللطيف دريان جمع النواب السنة وتوحيد صفوفهم. وسيلقي الوزير السابق محمد شقير بياناً صادراً عن المجتمعين «تأكيداً على دور دار الفتوى الوطني الجامع على ان يكون بمثابة نداء وطني على اهمية دور المؤسسات وما تفرضه المرحلة الراهنة من خطوات انقاذية».
على وقع الاستحقاق الرئاسي استنفرت الساحة السنية وتوزعت اجتماعاتها ما بين دار الفتوى ودارة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري ولقاء الفاعليات الاجتماعية والاقتصادية الذي يلتقي مع التحركين الاولين ويتكامل معهما. الجديد الذي طرأ على اجتماعات دار الفتوى يتعلق بالشكل حيث تم تقديم موعد الاجتماع من الساعة الخامسة من بعد ظهر السبت المقبل الى الساعة الرابعة كي يتسنى للنواب المشاركين الانتقال عند السادسة الى دارة السفير السعودي حيث تلقى عدد من النواب السنة دعوة للقاء الذي ستتخلله مأدبة عشاء على شرف الحضور.
تقارب المواعيد بين الدعوتين أربك بعض النواب ممن كان يفضل لو اقتصرت الدعوة على دار الفتوى. حتى الساعة اكدت غالبية النواب الحضور فيما اعتذر البعض ولم يحسم فريق ثالث امره بعد. وقد ابلغ النائب ابراهيم منيمنة دار الفتوى اعتذاره عن عدم المشاركة في لقاء «عنوانه وشكله يتعارضان ورفضنا للاصطفافات الطائفية». ولن يكون وحيداً حيث سيتغيب النواب حليمة قعقور واسامة سعد وآخرون لرفضهم اي اصطفافات ذات طابع طائفي.
اما دعوة البخاري فقد علم ان الدعوات للنواب السنة استثنت من بينهم حلفاء «حزب الله» والتيار الوطني الحر. لقاء السفير البخاري بالنواب السنة بعيد اجتماعهم في دار الفتوى يأتي كما فهمه عدد من النواب المشاركين في الاجتماعين على انه استكمال لمساعي دار الفتوى وتأكيد عليه خاصة وان السفارة السعودية كانت الداعمة لمسعى المفتي عبد اللطيف دريان واعطته دفعاً ايجابياً في هذا الاتجاه. مصادر اخرى فضلت لو كان الاجتماع مع السفير تم في موعد آخر كي لا يقع التعارض بين الاجتماعين، وتعزيزا لدار الفتوى ودورها لتكون هي الاساس.
بعض النواب استفزهم لقاء الفاعليات التي كان لبعضها دور في وصول البلد الى حافة الانهيار، يتماهى هؤلاء مع اجتماع دار الفتوى بوصفها مرجعية دينية فيما يتحفظون على اجتماع السفير. ويؤكد نائب بيروت وضاح الصادق ان تلبية الدعوة لاجتماع دار الفتوى لا تزال موضع بحث مشيراً الى انه وان كان يميل الى حضوره انطلاقاً من موقع الدار الا ان القرار رهن التشاور في التكتل ولكن «اذا شاركت فإنطلاقا من موقع دار الفتوى ومفتي الجمهورية اللبنانية، سأتمنى خلال الاجتماع فصل الدين عن الدولة وان تنأى الدار عن التدخل في السياسة والاهتمام بالشؤون الدينية الاجتماعية، فيما تبقى لنا رؤيتنا السياسية ومرجعية الطائف التي تحكم عملنا». متابعا: «في الاساس لا يجمعني بنصف النواب المشاركين اي قاسم مشترك بالسياسة». لم يحسم صادق امر تلبية دعوة السفير البخاري وهو كما غيره من النواب تلقى الدعوة بالتزامن مع لقاء دار الفتوى.
الحراك السني ثلاثي الابعاد ينضوي تحت عنوان توحيد كلمة السنة، وبرعاية السعودية، لتشكل الانتخابات الرئاسية العنوان الابرز الذي يجري التداول بشأنه حيث ان المطلوب توحيد الساحة السنية لتقول كلمتها الفصل في الانتخابات الرئاسية وتكون سداً منيعاً في طريق انتخاب اي رئيس جمهورية من حلفاء «حزب الله». منذ فترة باشر البخاري جولاته على عدد من النواب السنة والتشارور معهم في الاستحقاق الرئاسي. السعودية التي لم تقل كلمتها بالعلن بعد، يمكن لخطوات سفيرها وجولاته السياسية ان تفضي الى الاستنتاج بأن المملكة وضعت ثقلها لتوحيد كلمة السنة كطريقة وحيدة لمنع التسلل الى انتخاب رئيس جمهورية خارج المواصفات المطلوبة اي رئيس مواجهة.
ولا يفصل نائب بيروت الاجتماعين عن الاستحقاق الرئاسي انطلاقاً من بروز حراك سعودي منذ اجتماعات باريس التي رفضت فيها السعودية دعم لبنان او مساعدته للنهوض من ازمته في حال وصول رئيس للجمهورية من صفوف الثامن من آذار. يعلم النواب السنة ان السعودية وفق ما لمسوه من سفيرها في لبنان تسعى الى توحيد صفوفهم عشية الانتخابات الرئاسية في لبنان. ويؤكد الصادق «أن النواب السنة في حال من التشرذم وقد انقسموا الى ثلاث فئات واحدة مشكلة من النواب خارج الاصطفاف الطائفي او السياسي، وثانية من نواب الثامن من آذار وثالثة تتماهي مع مصالحها وطموحها السياسي.على ان العمل يجري لاستيعاب مجموعة النواب ممن هم خارج الاصطفافات الحاصلة». مصادر نيابية اعتبرت أن اجتماع دار الفتوى وغيره من اجتماعات لا تتجاوز كونها اجتماعات مرهونة بتوقيت معين، من المستبعد ان يبنى عليها لصعوبة توحيد النواب السنة حول موقف موحد سواء حول الاستحقاق الرئاسي أو استحقاق اختيار رئيس جديد للحكومة.
في تغريدة عبر تويتر، غرد السفير السعودي في لبنان وليد البخاري قائلاً «إتِّفاقُ الطائفِ غيرُ صالحٍ للإنتقاءِ وغيرُ قابلٍ للتّجزِئة». ليختصر في ما قاله فحوى الحراك والهدف منه سواء في دارته او في حضرة مفتي الجمهورية. على ان مثل هذا التأكيد حمال اوجه خاصة في ظل الفراغ المتوقع على صعيد رئاسة الجمهورية.
غادة حلاوي