برّي: التوافق وإلّا لكل حادث حديث

برّي: التوافق وإلّا لكل حادث حديث

الورقة البيضاء هي التي استحقّت لقب «الفخامة»… فجاءت نتائج الجلسة الاولى لانتخاب رئيس الجمهورية بفوز «فخامة الورقة البيضاء» التي حملت في مطاويها اكثر من معنى ومن رسالة الى الداخل والخارج على ابواب الشهر الثاني والاخير من المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس الجديد خلفاً للرئيس ميشال عون الذي تنتهي ولايته في 31 تشرين الاول المقبل.


وقد شكّلت الجلسة اختباراً متبادلاً للقوى الانتخابية بين الكتل النيابية والقوى السياسية التي تنتمي اليها، والبعض اعتبرها بمثابة ثبر اغوار قبل الذهاب الى حسم الخيارات النهائية لخوض المعركة الانتخابية. فيما ذهب فريق من المعنيين الى القول انّ هذا الاختبار كان ايضا اختبارا متبادلا وثَبر أغوار بين العواصم والقوى الدولية والاقليمية المتعاطية الشأن الرئاسي خصوصا واللبناني عموماً، ذلك انّ الجميع في الداخل والخارج كانوا في حاجة الى إجراء مثل هذا الاختبار قبل حسم خياراتهم النهائية وهم يدركون مسبقاً ان جلسة الامس لم يكن مقرراً لها في الكواليس ان تنتهي بانتخاب رئيس لم تستكمل العدة اللازمة لتظهيره.


ولذلك تقول مصادر تابعت وقائع الجلسة انّ الجميع سيبني على نتائج هذه الجلسة مُقتضاه قبل الذهاب الى الجلسة او الجلسات اللاحقة التي وعد رئيس مجلس النواب نبيه بري بالدعوة فوراً اليها اذا حصل توافق، واذا لم يحصل هذا التوافق «يكون لكل حادث حديث» كما قال.

على انّ بعض متتبعي الجلسة رأوا انها بانعقادها أولاً، وبما شهدته ثانياً دلّت الى وجود حيوية وارادة جادّة عند الجميع لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري بعيداً من اي تأخير وتجنباً لأي فراغ في سدة رئاسة الجمهورية في الاول من تشرين الثاني المقبل.

كذلك دلّ ما حصل في الجلسة الى ان الرئيس العتيد لا يمكن ان يكون إلا توافقياً، وان ايّاً من الفريقين لا يمكنه ايصال رئيس من صفوفه من دون التوافق مع الآخرين، ما يعني ان الايام المقبلة ستشهد أوسع مشاورات واتصالات في كل الاتجاهات لإنتاج الرئيس التوافقي تمهيداً لانتخابه ضمن المهلة الدستورية، علما ان الاوراق البيضاء اراد البعض منها إبقاء مرشحهم او مرشحيهم طي الكتمان الى الوقت المناسب لتجنيبهم الاحتراق السياسي.


وبحسب هؤلاء المتابعين انفسهم إنّ الجلسة أثبتت تَحسّس القوى السياسية على تباين مواقفها لخطورة حصول الفراغ الرئاسي، ان حصل هذه المرة، على مستقبل لبنان في ظل الانهيار الشامل الذي يعيشه على كل المستويات، وهو يستدعي اقامة السلطة الجديدة تأسيساً على نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة التي لم تسيّل نتائجها بعد بإقامة السلطة الجديدة بتأليف حكومة جديدة، ومن ثمّ بانتخاب الرئيس الجديد على طريق استكمال عقد المؤسسات الدستورية وانطلاقها الى تحمّل المسؤولية ازاء واقع البلاد ومستقبلها.


ونقل زوار عين التينة لـ»الجمهورية» عن الرئيس نبيه بري ارتياحه الى مجريات أولى جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، مُعرباً عن أمله في إحراز تقدم نحو التوافق قريبا على الرئيس المقبل حتى تتسنى الدعوة إلى جلسة أخرى.


وكان بري قد افتتح جلسة انتخاب رئيس الجمهورية عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر امس في حضور 122 نائباً وغياب 6 نواب، 4 منهم بعذر. وبعد تلاوة المواد الدستورية التي تحكم انتخاب رئيس الجمهورية، بوشِر بالاقتراع. وبعده، تم فرز الاوراق، وأعلن بري النتائج التي جاءت كالآتي: «63 ورقة بيضاء، 36 ورقة لميشال معوض، 10 أوراق لـ»لبنان»، 11 ورقة لسليم اده، ورقة واحدة لـ «مهسا اميني» وورقة واحدة لـ»نهج رشيد كرامي».


وقبل البدء بجلسة الانتخاب الثانية، خرج عدد من النواب من القاعة، فطلب بري تعداد النصاب فتبيّن انه 85، وأعلن رفع الجلسة لفقدان نصاب الثلثين، أي 86. وقال بري: «حكينا مرارا وتكرارا، اذا لم يكن هناك توافق واذا لم نكن 128 صوتاً لن نتمكن من إنقاذ المجلس النيابي ولا لبنان. وعندما أرى انّ هناك توافقاً سأدعو فوراً الى جلسة، واذا لا فلكل حادث حديث».


الجمهورية