ملف النازحين بعد الترسيم: تبدّل في الموقف الدولي من العودة

ملف النازحين بعد الترسيم: تبدّل في الموقف الدولي من العودة

الكاتب: غادة حلاوي | المصدر: نداء الوطن

14 تشرين الأول 2022

لا تتوقف عودة النازحين السوريين على مبادرات متقطّعة. لا يكفي أن تغادر مجموعة منهم الى ديارها ثم تعود أدراجها. فتلتقط عدسات الكاميرا قوافل المغادرين لكنها لا ترصد أبداً عودتهم بطرق غير شرعية. ليست المرة الاولى التي يسعى فيها الأمن العام إلى لعب دور حيوي وأساسي في ملف النازحين. منذ سنوات عمل مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم على الملف بالتنسيق مع السوريين لتأمين عودة الراغبين ممن لا تعتري عودتهم اي شائبة قانونية . لكن معالجة ملف النازحين باعتراف الوزراء المعنيين شاقة تحتاج الى تضافر جهود دولية لتوفير العودة والا اصيب لبنان بنكبة استضافتهم لأمد مجهول المدة. لبنان وإن كان يلمس تحولاً في الموقف الدولي من عودتهم، لكن أي إشارة علنية لم تسجل بعد في هذا الصدد. يتفق المسؤولون في الدولة على ان النازحين السوريين المقيمين على الاراضي اللبنانية باتوا عبئاً لم يعد بالمقدور تحمّله. ينقل عن مرجع حكومي قوله في مجلس خاص إنّ السنة الذين كانوا أول من شرّع الأبواب لاستقبالهم باتوا يشعرون بأنهم تحولوا إلى حمل ثقيل يزاحمون المواطن اللبناني على لقمة عيشه. المرجع ذاته كان عبّر في محفل دولي عن خشيته من أن يتحوّل لبنان بعد سنين قليلة الى بلد مضيف للسوريين، ويتحول اللبنانيون إلى ضيوف على أراضيه.

يسجل للديبلوماسية اللبنانية الممثلة بالخارجية اللبنانية نجاحها في تغيير أو تعديل التعاطي الدولي والأوروبي تحديداً مع مسألة وجود النازحين السوريين. وباعتراف ديبلوماسي اوروبي أنّ دولاً اوروبية باتت على قناعة أنّ استمرار وجودهم في لبنان يشكل عبئاً كبيراً ما يوجب مساعدة لبنان وايجاد آلية ممكنة لذلك.

الديبلوماسي ذاته نقل أنّ انقساماً في الموقف الاوروبي حصل ازاء موضوع النازحين بين الدول الأوروبية، فبات بعضها يتعاطف مع لبنان ويشعر بضرورة المساعدة في حل المعضلة فيما أخرى لا تزالون تتحدث عن كيفية اندماج هؤلاء في المجتمعات اللبنانية وطلب مساعدات من اجل تحقيق هذا الهدف. وتأتي فرنسا وألمانيا في مقدمة هذه الدول وأكثرهما انزعاجاً من مساعي لبنان ومطالبته المتكررة في المحافل الدولية بعودتهم الى بلادهم والاصرار على ربط هذه العودة بالحل السياسي وهو ما سبق وأجاب عليه لبنان أنّ هجرة الفلسطينيين استمرت ما يزيد على الخمسين سنة ولغاية اليوم لم يأت الحل السياسي واستمر وجود الفلسطينيين في لبنان. واذا حصل تحول ما فذلك مردّه إلى خشية البلدان من هجرة النازحين اليها خصوصا وأنّ «قوارب الموت» متواصلة رغم ارتفاع أعداد ضحاياها. منذ فترة ولبنان يفاتح المنظمات الدولية بموضوع المساعدات التي تقدم للنازحين عبر مؤسسات ومنظمات غير معروفة وقريباً سيتم الاستفسار من منظمة «اليونيسف» حول المبالغ المقتطعة من ميزانيتها لمساعدة النازحين في لبنان وكيف أنّ المساعدات لا تأتي عبر الجهات المعنية في الدولة.

كما في الترسيم، كذلك في حل أزمة النازحين السوريين حيث يحاول لبنان اغتنام الفرصة طالما أنّ المجتمع الدولي منشغل بأزمة اوكرانيا وروسيا وسط معاناة اوروبا من ازمة خانقة تزداد معها مخاوفها من الهجرة المتزايدة للنازحين الى أراضيها، الأمر الذي يدفعها باتجاه ايجاد حلّ لهم من خلال تأمين عودتهم الى ديارهم . وخلال الأيام القليلة المقبلة سنشهد تزايد الاهتمام بملف النازحين حيث من المقرر أن يزور لبنان قريباً رئيس الوكالة الدولية المسؤولة عن ملف النازحين السوريين فيليبو غرادني والذي سبق وبحث الملف مع وزيرة الخارجية الفرنسية التي ستزور أيضاً لبنان وسيكون ملف النازحين حاضراً على جدول أعمالها اقله من جانب المسؤولين في لبنان الذين حركوا الملف بقوة.

وبعد الرسالة التي ارسلها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الى أمين عام منظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أعدت وزراة الخارجية ورقة مقترحات لتطوير التعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان. تقترح الخطوات التالية:

– تكثيف مفوضية شؤون اللاجئين مع الدول المانحة بالاشتراك مع الدولة المضيفة، إجراء مراجعة وتدقيق من قبل جهات متخصصة محايدة في آلية وكيفية صرف المساعدات الممنوحة للنازحين من أموال الدول المانحة ودافعي الضرائب في هذه الدول.

– تصر الدولة اللبنانية على تبادل المعلومات مع المفوضية وتحديثها بصورة دورية لمطابقة قاعدة البيانات العائدة لسجلات النازحين بين السلطات اللبنانية المختصة والمفوضية لضبط حركة الدخول والخروج لحملة بطاقات النزوح.

– سحب بطاقة النزوح ووقف المساعدات بصورة فورية للسوريين المتنقلين بين لبنان وسوريا.

– تحديث مذكرة التفاهم MOU الموقعة عام 2003 مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان .

– اعتماد آلية عمل مع الـUNHCR مطابقة لما هو متبع في دول الجوار السوري.

بالموازاة ورداً على طلب المنظمات الدولية المعنية بملف النازحين يسعى اللواء ابراهيم إلى تأمين ضمانات أمنية واجتماعية من القيادة السورية حول عودة من يريد الى سوريا وهو يعمل على توثيق ملفات العائدين مع الجهات الامنية السورية التي تتجاوب مع رغبة لبنان، بالمقابل يًسجّل تعاون مسؤول منظمة شؤون النازحين في لبنان بعد التوتر في العلاقة الذي ساد جراء عمله بعيداً عن التنسيق مع المسؤولين المعنيين في الدولة.