مروحة المرشحين بين فرنجية وجوزف عون

الكاتب: روزانا بومنصف | المصدر: النهار
22 تشرين الثاني 2022
تتفاوت مروحة المرشحين المحتملين للرئاسة الأولى في الآونة الأخيرة، بحسب المعلومات الديبلوماسية، بين اسمين أساسيين يطغيان بصورة رئيسة على نحو يشبه البورصة صعوداً ونزولاً.
وهذان المرشحان اللذان لم يعلن أي منهما ترشيحه حتى الساعة هما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون الذي كان اسمه متقدّماً في الأيام العشرة الأخيرة، قبل أن يعود اسم فرنجية ويتقدم عليه. وفيما من غير المتوقّع إطلاقاً بروز جديد حاسم في ملف الرئاسة الأولى قبل نهاية السنة الجارية، فإن التقلّب مستمر حتى تأمين التوافقات المتعددة التي يمكن أن تسفر عن نتيجة ما، لكن يُخشى في المقابل أن بعض الأسماء التي تندرج تحت عنوان المرشحين المستقلين تراجعت حظوظها إلى حد كبير أقلّه راهناً وإن لم تنحسر احتمالاتها كلياً. ولكن باتت المعطيات المتوافرة في ظل ما يُتداوَل تُظهِر أكثر فأكثر عدم استعداد أطراف سياسيين عديدين للخروج من إطار دعم مرشح من الزعامات التقليدية أو مما بات معهوداً في العقود الأخيرة واستبعاد الذهاب إلى مرشحين من الكفايات المستقلة نسبياً والقادرة سياسياً أو اقتصادياً.
وتقدّم اسم فرنجية بالطريقة التي طرحها “حزب الله”، وإن لم يسمِّه صراحةً، يعزز الاقتناع بترجيح لم يجد من يدحضه حتى الآن، ومفاده أن الحزب طمح من أجل تسهيل الترسيم الحدودي مع إسرائيل بالحصول على ضمانات بألا يكون رئيس الجمهورية المقبل بعيداً من طمأنة الحزب. هذه الطمأنة التي ازدادت وطأتها وضرورتها على خلفية التحديات الكبيرة التي يواجهها الراعي المباشر للحزب، أي إيران، ليست بعيدة عن الخطاب الذي اعتمده والذي يشبه إلى حد بعيد بالنسبة إلى البعض مسارعته إلى تبنّي الترسيم ودعمه حين رأى فرصه مرجَّحة كثيراً.
والواقع أن بعض الخارج لا يتعاطى مع فرنجية من خلال الانطباعات حيال تسميته من “حزب الله” ومدى صداقته مع رأس النظام السوري، ما يعزز الانطباع بأنه إن انتُخب فسيكون نجاحاً كبيراً للحزب لكونه هو من يأتي أو أتى برئيس الجمهورية. فجزء كبير من هذه اللعبة داخلي وإن كان يترك مفاعيل خارجية كذلك. فمع أن فرنجية معروفة علاقاته وارتباطاته، فإن مقاربة ترشيحه من بعض الخارج لا تستند كلياً إلى ذلك، ولا سيما أن المقاربة الخارجية تستند إلى أن لا رئيس محتملاً لا يرتاح إليه الحزب، فيما المطلوب رئيس يرتاح إليه الآخرون أيضاً ويكون قادراً على إنهاء الجحيم الذي يعيشه البلد.
وفرنجية حتى الآن، بحسب المعطيات، لم يجد ممانعة من عواصم غربية على غير عدم الحماسة له سعودياً في صورة أساسية فيما يثير البعض تساؤلاً كبيراً عما إن كانت الموافقة المحتملة لبكركي يمكن أن تعوّض رفض التيار العوني، حتى الآن، انتخاب فرنجية، فيما يُنقل عن هذا الأخير أن حزب القوات اللبنانية الذي من المرجَّح ألا ينتخب فرنجية لأسبابه المعلنة، لكن عدم الممانعة العربية والسعودية قد يؤدي إن حصل إلى الأمل بتأمين المعارضة النصاب في جلسة الانتخاب لكن من دون انتخابه، إذ إن البطريرك بشارة الراعي يظهر أمام زواره قلقاً شديداً على التأخر المتعمَّد في انتخاب رئيس جديد ويتخوّف من انعكاس الشغور الرئاسي وتداعياته المحتملة، ما يترك انطباعاً بأن انتخاب رئيس جديد هو الأمر المهم في حد ذاته، ما يترك مجالاً للاعتقاد بأنه قد لا يمانع وصول مرشحين محتملين وإن لم تنطبق عليهم المواصفات التي حددها من أجل إنهاء الموضوع سريعاً، علماً بأن أسماء مرشحين آخرين لا تجد صدى إيجابياً أثناء رصد الفعل المحتمل على وصولهم. ولكنّ موقف بكركي غير المعلن بدا مثيراً للاهتمام من زاوية مدى ترجمته لمخاوفه من فراغ طويل أو من اعتياد الناس على الشغور في موقع الرئاسة الأولى، كأنه يمكن الاستغناء عنه، أو كرئيس بروتوكولي فحسب ما قد يفتح الباب على دعوات لإعادة النظر في اتفاق الطائف او لمؤتمرات تأسيسية.
وذلك علماً أن إصرار البطريرك الراعي على مؤتمر دولي في هذه المرحلة من أجل لبنان يبدو كأنه دعوة لتدويل موقع الرئاسة أو انتظار الخارج من أجل أن يتفق لكي يحصل انتخاب رئيس جديد، فيما الأسئلة التي تطرحها الأطراف السياسية كما اللبنانيون عن مواقف العواصم المؤثرة، وهل سيحصل اتفاق أم سيتأخر كمن يسلّم أمره كلياً للخارج، علماً بأن الداخل يمكن أن يعقد صفقات وتفاهمات داخلية من أجل الوصول إلى إجراء الاستحقاقات الدستورية. فحين يقرر الخارج، فإن هناك إسهاماً لبنانياً كبيراً في ترك تقرير مصير لبنان للخارج من دون أي جهد داخلي في المقابل، تماماً على غرار أمور راهناً على مستوى الاتصالات والمساعي المتصلة بالمرحلة المقبلة.
بعض المتفائلين والمتحمسين لفرنجية يقولون إن عدم الممانعة الأميركي مبنيّ على عدم وجود مرشح محدد، ويهمّ واشنطن إنهاء الفراغ والذهاب إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي وبدء مسار النهوض لاعتقادها العميق بأنه كلما ضعف لبنان أصبح معتمداً على دول معيّنة في المنطقة. والحال نفسها تنطبق على عدم الممانعة الفرنسي ما قد يجعلهما في خلاف مع المملكة السعودية. ثمة أسماء أخرى تتردد ولكن من خارج النادي التقليدي الذي أدرج جملة أسماء محتملة. والأمر الوحيد الواضح في ما يجري هو أن لا داعم محتملاً لرئيس التيار العوني رغم أن تحركاته هي من أجل رصد إمكان أن يجد تأييداً ما ليس متوافراً بأي شكل على رغم الترويج أن هناك صفقة مع الولايات المتحدة تطاول الوساطة مع الحزب واحتمال العمل لانضباط خطابه مقابل دعمه للرئاسة أو دعمه للحصول على نصيب وازن في السلطة. وهو أمر رفضه كلياً الجانب الأميركي بحسب ما سرى من معطيات.