اللغة وتمكين المرأة

اللغة وتمكين المرأة

هناك اعتقاد شائع بأن المرأة لا تحظى بمعاملة عادلة في عالمنا، وهذا الاعتقاد له ما يبرره؛ فالمرأة تتعرض لكثير من أشكال التمييز في كثير من دول العالم إن لم يكن كلها. وكثير من النساء يتعرضن يوميًّا للعنف والتحرش، كما تضطر كثيرات منهن إلى العمل الشاق من أجل توفير حياة كريمة لأبنائهن. وترتبط أشكال العنف المتعددة التي تواجهها المرأة في الأساس بنظرة المجتمع للمرأة؛ فكثيرًا ما كان يُنظر للمرأة عبر العصور على أنها أقل من الرجل، ومن المثير للاهتمام أن هذه النظرة للمرأة تنعكس بجلاء في اللغة التي نستخدمها في حياتِنا اليومية.


وفقًا لفرضية سابير–وورف، فإن اللغة التي نستخدمها في حياتنا اليومية تشكّل تفكيرنا ونظرتنا للأشياء والجماعات؛ والعامية المصرية – شأنها في ذلك شأن كثير من اللغات – مثال على ذلك. فإذا نظرنا، على سبيل المثال، إلى بعض التعبيرات الاصطلاحية المستخدمة في العامية المصرية، فسنجد أن التعبيرات المرتبطة بالرجال تكون غالبًا تعبيرات إيجابية، في حين إن التعبيرات المرتبطة بالنساء تعبيرات سلبية. فمن المثير للاهتمام مثلًا أن نجد النساء أنفسهن يستخدمن تعبيرًا مثل «كلام رجّالة» للتدليل على الالتزام بالوعود، في حين يحمل تعبير «كلام ستات» تعبيرًا عن النميمة باعتبارها صفة لصيقة بالنساء.


من ناحية أخرى، ترى نانسي هينلي، وهي عالمة نفس تهتم بالدراسات النسوية، أن هناك أنماطًا من اللغة تحط من قدر المرأة، مما يساهم في تعميق النظرة التقليلية لها. ومثال على ذلك اعتبار المرأة كيانًا غير منفصل عن الرجل؛ فهي ابنة أحدهم، أو أخته، أو زوجته. في العامية المصرية، غالبًا ما تتم مخاطبة المرأة بلقب «آنسة» أو «مدام»؛ مما يدل على أن الإطار الأهم الذي يتم تعريف المرأة بداخله هو إطار الزواج؛ في حين يُخاطب الرجال غالبًا بلقب «أستاذ»، وهو لقب محايد لا يُعرّف الرجل في ظل كونه متزوجًا أو لا.


إن لتمكين المرأة أوجهًا عِدة، ولكن لن يتسنى تمكين المرأة سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا سوى بتغيير نظرة المجتمع لها أولًا. ونظرًا لأن اللغة تعكس هذه النظرة، فربما يحتاج مستخدمو اللغة إلى تغيير التعبيرات الظالمة للمرأة أولًا حتى يتسنى لهم رؤيتها باعتبارِها إنسانًا أولًا وقبل كل شيء.