رئيس سابق عسكري “يحارب” وصول عسكري حالي إلى الرئاسة

رئيس سابق عسكري “يحارب” وصول عسكري حالي إلى الرئاسة

يعرف اللبنانيون جميعهم أن العميد في الجيش #جوزف عون ما كان ليعيّن قائداً للجيش لو لم يختره بالاسم رئيس الجمهورية “الجنرال” #ميشال عون بعد تسلّمه سلطاته الدستورية في تشرين الأول عام 2016. لذلك يتساءلون عن أسباب البرودة التي سادت علاقتهما بعد سنوات قليلة من بدء الولاية الرئاسية العونية. علماً بأن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب #جبران باسيل وزملاء له سواء في النيابة أو في الحزب بدأت تراودهم الشكوك في ولائه لمن جعله “سيّد” اليرزة حيث وزارة الدفاع. الدافع الأول لهذا الأمر كان نجاح القائد عون في مهمته رغم تصاعد الصعوبات في وجهه كما في وجه الدولة وتحديداً رئيسها وحكوماتها ونوّابها وأحزابها، إذ صارت له حيثية لبنانية الى حيثيته العونية، وحيثية عربية، وحيثية دولية أميركية في الدرجة الأولى ثم فرنسية و… وقد أسهمت في تحقيق الحيثيات المتنوّعة هذه نزاهته ونظافة كفّه وتعاونه مع الجهات الخارجية المتنوّعة من أجل توفير سبل المحافظة على المؤسسة العسكرية. ولعل أهم مطبّ نجح في تجنّب الوقوع فيه كان الانتقال من دور منع اقتتال درزي – درزي أي إرسلاني – جنبلاطي في قبرشمون تسبّبت به رعونة باسيل وقراره زيارة حليفه الوزير الإرسلاني صالح الغريب في كفرمتى على الأرجح رغم التوتر السائد بين الفريقين والتحدّي الذي تشكله الزيارة للفريق الدرزي الآخر علماً بأنه الأوسع شعبياً، كان الانتقال الى معركة بين الجيش وقسم من الدروز. وانتهت المشكلة في حينه بإقناع باسيل بالعودة الى قواعده “سالماً”، علماً بأنه كان مصرّاً على أن يؤمّن له الجيش طريق الدخول الى كفرمتى وإن بالقوة. لكن قائد الجيش عون رفض ذلك ولا سيما بعد الاشتباك الناري في قبرشمون الذي لا تزال ذيوله تجرجر حتى اليوم بين الأرسلانيين والجنبلاطيين. ثم أتى “المطب” الثاني وكان الأخطر وهو نزول الناس الى الشوارع في “ثورة” أو “انتفاضة” شعبية احتجاجاً على رفع سعر التخابر بواسطة الخلوي بضعة “سنتات” ثم على الوضع المعيشي الصعب والفساد وكل الموبقات التي أفقرت المواطنين وشلّحتهم أموالهم الموجودة في المصارف… استمرت “الثورة” أو “الانتفاضة” من 17 تشرين الأول 2019 أشهراً عدّة. إلا أن الانفجار أو التفجير الأوسع بعد التفجير النووي في هيروشيما ثم ناغازاكي عام 1945 الذي حصل في مرفأ بيروت في آب 2020 زاد من غضب اللبنانيين، لكنه الى حدّ ما خفّف من زخم الثورة ولا سيما بعد نجاح المتضررين منها على تناقضهم في اختراقها. هنا أيضاً كان للجيش بقيادة جوزف عون دور مهم إذ حرص على مواكبة المتظاهرين وعلى منعهم قدر الإمكان من التخريب ولا سيما المتعمّد بمعاونة قوى الأمن الداخلي وحال دون إقفال الطرق أو الاستمرار في إقفالها وتحديداً في إقفال أخطرها وهي طريق الجنوب.


هذا النجاح الذي حال دون تحوّل “الثورة” أو “الانتفاضة” حرباً أهلية أقلق الرئيس عون ووليّ عهده باسيل إذ خافا أن يزرع ذلك في رأس قائد الجيش طموح الوصول الى الرئاسة، ولا سيما بعد التأييد العربي والدولي الواسع له وللمؤسسة العسكرية الذي أبدته الولايات المتحدة ودول أخرى غيرها. بدأت منذ ذلك الحين وعلى نحو غير مُعلن ولكن واضح محاولات ضربه وتعقيد عمله وتشويه صورته وتصويره ساعياً الى الرئاسة بأيّ ثمن، وزرع الشك أمام من تعتبرهم أميركا والغرب والعرب أعداءً لهم من اللبنانيين في نزاهته وطموحه الكبير الى السلطة. طبعاً لن تنجح تلك المحاولات، ولا يعني ذلك طبعاً أن المتوجسين من وصوله الى #رئاسة الجمهورية صاروا موافقين على وصوله إليها. لكنهم عبّروا عن عدم ترحيبهم بـ”رئاسته” بالتذرّع بأمرين. الأول أن انتخابه رئيساً يحتاج الى تعديل دستوري لكونه في الخدمة رغم وجود اجتهادات عدة مناقضة. والثاني أنهم لا يريدون ميشال سليمان ثانياً رئيساً في قصر بعبدا.


هذه المعركة بين القائد العماد عون وبين “الرئيس الجنرال” عون والنائب باسيل لا تزال مستمرة رغم انتهاء ولاية الثاني. ومرور الثالث بمرحلة سياسية صعبة من جرّاء استحواذ شهوته الى الرئاسة على عقله، وهذا ما أوقعه في أخطاء عدّة مع حليفه الأول والأخير “حزب الله” ومعظم الأطراف السياسيين في البلاد. لكنه رغم ذلك لا يزال يتابع مستعيناً بعمّه والد زوجته الرئيس السابق زرع الألغام على طريق وصول عون القائد الى الرئاسة، كما على وصول أي ماروني آخر لها باستثنائه هو. وإذا تعذّر وصوله فلا بأس بآخر يكون هو وليّ أمره وممسكاً بقراره من الجهات الأربع.


في هذا الإطار يقول متابعون لبنانيون بدقة أوضاع بلادهم ولا سيما في هذه المرحلة الصعبة رئاسياً وحكومياً ونيابياً واقتصادياً وأمنياً ونقدياً ومؤسساتياً و…، يقولون إن باسيل وعمّه مستمران في محاربة القائد عون ظناً منهم أن حظوظه الرئاسية قوية علماً بأنها قد لا تكون كذلك. ويعتمدون في ذلك على وزراء “التيار الوطني الحر” في الحكومة المستقيلة بعدما اكتشفوا إستحالة استخدامهم وزراء حليفهم الأول “حزب الله” فيها ومن هؤلاء وزير الدفاع الضابط السابق في الجيش موريس سليم الذي باشر عمله قبل أشهر بخطوات عدة أبرزها الآتي:


1- استغلال عدم عرض قائد الجيش الهبة القطرية المالية للمؤسسة العسكرية البالغة 60 مليون دولار على مجلس الوزراء ليقرّر قبولها كما تقتضي الأصول القانونية رغم تلقيه في شهر آب الماضي كتاباً في هذا الشأن من وزير الدفاع. وقد أرسل الأخير كتاباً آخر له بالمعنى نفسه قبل أسابيع قليلة جداً. المقصود بذلك إثارة شبهات حول نزاهة قائد الجيش وربما حول فسادٍ ما عنده. وقد ذكر “الموقف هذا النهار” هذا الأمر قبل أسابيع.


2- رفض “التيار” بأركانه الثلاثة أي قصر الرئاسة والتكتل النيابي والوزراء وضع مشروع قانون يمدّد للمديرين العامين في الإدارات المدنية وللعسكريين سنتين فوق سن التقاعد الرسمي والهدف من ذلك كان تدارك الفراغات في المواقع الأولى ولا سيما في الجيش حيث كانت المفتشية العامة فيه والمجلس العسكري قريبين من شغور واسع فيهما. ورفض الأركان الثلاثة هؤلاء تأجيل تسريح عدد من كبار الضباط تلافياً للشغور المؤدي ريثما يتم التفاهم على الحلول اللازمة. وقد اقترح ذلك قائد الجيش.


وآخر مهزلة كانت إقدام وزير الدفاع على فصل ضابط من الجيش وملء المقعد الشاغر في المفتشية العامة به، وإقدام قائد الجيش على أمر مماثل، وقد أدّى ذلك لاحقاً الى تواجه الضابطين العاملين معاً في مؤسسة واحدة يوم ذهب كل منهما الى المفتشية لتسلّم المركز الذي نيط به شغله. فحصل نوع من الاصطدام “الحضاري” طبعاً. وجرت محاولات توسّط لم تنجح حتى الآن قيل في أثنائها إن وزير الدفاع سليم عيّن البديل في المفتشية في 29 كانون الأول الماضي أي قبل تعيين القائد عون بديلاً آخر بـ24 ساعة. طبعاً أنكر الأخير ذلك ثم اتُفق على التهدئة ريثما يتم التوصل الى حل. لكن المشكلة تأجّجت بعد يومين عندما منع المعنيون في وزارة الدفاع نجل وزيرها موريس سليم من دخولها.


هل من إضافات أخرى الى هذا الموضوع؟

سركيس نعوم