الصين تعزز نفوذها الدبلوماسي وسط تصاعد التوتر مع واشنطن

الصين تعزز نفوذها الدبلوماسي وسط تصاعد التوتر مع واشنطن

بعد سلسلة من الخلافات الدبلوماسية الأخيرة بين الولايات المتحدة والصين، يبدو أن العلاقات تسير نحو الأسوأ، إذ وصلت النقاط الخلافية إلى ذروتها باتهام الرئيس الصيني شي جينبينغ لواشنطن بقيادة "حملة لتطويق وقمع الصين". وفي خطاب ألقاه أمام المندوبين في مؤتمر سنوي عقد بالعاصمة بكين مطلع مارس / آذار الجاري، قال الرئيس الصيني إن "الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة نفذت سياسة احتواء وتطويق وقمع شامل ضد الصين، الأمر الذي جلب تحديات خطيرة غير مسبوقة للتنمية في بلادنا".


وخلال أول مؤتمر صحافي له منذ توليه منصبه الجديد، حذر وزير الخارجية الصيني تشين جانغ من أن "الصراع" مع الولايات المتحدة أمر حتمي ما لم تغير واشنطن من مسارها. وقال "إذا لم تضغط الولايات المتحدة على المكابح، وواصلت الإسراع في المسار الخطأ، فلن يمنع أي قدر من الحواجز الخروج عن المسار، وسيكون هناك بالتأكيد صراع ومواجهة".


في هذا السياق قال تشى تشون تشو، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باكنيل الأمريكية، إن التوترات المستمرة بين الصين والولايات المتحدة أثرت بشكل مباشر على مسار الدبلوماسية الصينية ما دفعها إلى تعزيز علاقاتها مع حلفائها التقليديين من الدول النامية بالتزامن مع إصلاح علاقاتها مع بلدان غربية ذات ديمقراطيات راسخة مثل أستراليا وألمانيا.


وفي مقابلة مع DW، قال إنه في إطار تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين بكين والعالم "عقد شي قمما مع قادة من إيران وبيلاروسيا وتركمانستان، واستقبل أيضا المستشار الألماني أولاف شولتس في بكين. ومن المرجح أن يزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز الصين في وقت لاحق من هذا العام.. كل هذه [القمم] جزء من الاستراتيجية الدبلوماسية لصد الجهود التي تقودها واشنطن لمواجهة بكين".


الصين.. والإمساك بغصن السلام؟


يعتقد المسؤولون الصينيون إن علاقات بلادهم الخارجية ستتسم بعدم اليقين و خاصة في ضوء استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا. وفي ذلك، قالت ساري أرهو هافرين، الباحثة الزائرة بجامعة هلسنكي، إن هذا الأمر أجبر بكين على إعادة تنظيم سياستها الخارجية في مجالات متعددة.


وأضافت "يتمثل أحد الركائز الهامة في إعادة تنظيم الصين سياستها الخارجية في الدفع بشكل حازم للسيطرة على السرديات الدولية وتقديم الصين على أنها راعية للأمن والسلم العالميين وأيضا كلاعب سياسي متزن مع تصوير الولايات المتحدة – في المقابل- على أنها المعتدي الذي يغذي الصراعات ويزكيها".


وكانت الصين قد نجحت الأسبوع الماضي في التوسط بين السعودية وإيران بهدف إعادة العلاقات بينهما فيما يبدو أن هذا النجاح يدفع بكين إلى لعب دور أكبر في الشرق الأوسط وربما يدفعها إلى تحدي الهيمنة الأمريكية في منطقة الخليج الغنية بالنفط.


من جانبها، رأت أونا سيرينكوفا، رئيسة مركز الدراسات الصينية بجامعة "ريغا سترادينز" في لاتفيا، أن الصين تريد تعزيز دورها وتأثيرها على الساحة العالمية عبر الانخراط بشكل أساسي مع أي دولة قد لا تكون على مسافة واحدة مع الولايات المتحدة أو لديها آراء سلبية حول النظام العالمي الحالي.


وشددت على أن "الصين تحاول التحدث إلى الجميع، فيما يتسم نهجهما بالبراغماتية أكثر منه بالإيديولوجية، وهو الأمر الذي يمكنها من أن تصبح طرفا ذا نفوذ في عقيلة صناع القرار بدول أخرى. وهو الأمر الذي قد يدفع الأخيرة للاعتقاد بأن الصين حاضرة في المحافل الدولية ويمكنها التأثير على الأمن العالمي".

وكالات