قصة الخيمتين واحتلال الجزء اللبناني من قرية الغجر يتفاعلان وتحذيرات من فشل مهمة لودريان قبل أن تبدأ

قصة الخيمتين واحتلال الجزء اللبناني من قرية الغجر يتفاعلان وتحذيرات من فشل مهمة لودريان قبل أن تبدأ

الكاتب: عمر حبنجر | المصدر: الانباء الكويتية

10 تموز 2023


ليس جديدا على اللبنانيين معايشة الأزمات والوعود بحلها من الأشقاء حينا ومن الأصدقاء في غالب الأحيان. في أواخر زمن السلطنة العثمانية، كان قناصل الدول الغربية يديرون اللعبة السياسية في جبل لبنان، بين إمارة الجبل والسلطنة العثمانية، وفي زمن الانتداب الفرنسي، وبعد قيام دولة لبنان الكبير، في عشرينيات القرن الماضي، باتت «باريس مربط خيلنا» إلى ان كان الاستقلال عام 1943، حيث غادر الانتداب الفرنسي وبقيت «أطيافه»، وصولا إلى قيام الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين، عندئذ اتسعت دائرة التأثير في السياسة اللبنانية بحلول سفراء الدول الكبرى محل القناصل، يضاف إليهم الموفدون الرسميون في حالات التأزم الشديد كما هو الحال اليوم.


وما لبنان عليه الآن ليس أفضل مما مضى، فالشغور الرئاسي في منتصف شهره التاسع، وشغور موقع حاكم مصرف لبنان المركزي على مسافة أسبوعين، وموقع قيادة الجيش اللبناني على طريق الشغور، ولا حكومة فاعلة تملك دستورية التعيين، ولا رئيس جمهورية ليوقع المراسيم.


وفيما القوم يترقبون عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان بالترياق السياسي، يطل علينا متولي الملف الإسرائيلي في الأمم المتحدة بجنسية أميركية، بداعي الرغبة في مقابلة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، مستطلعا موقفه من قيام المنظمة الدولية بالضغط على إسرائيل كي تنسحب من النصف اللبناني من قرية الغجر التي احتلته مؤخرا، ومن جزء من مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، مقابل رفع الحزب الخيمتين اللتين نصبهما في مزرعة «بسترا» وهي جزء من مزارع شبعا التي تحتلها إسرائيل.


وسألت جريدة «نداء الوطن» مسؤولا في وزارة الخارجية اللبنانية عن الأمر فاستغرب نافيا علمه، لكن القصد من المسألة، برمتها، إزالة قلق إسرائيل من وجود خيمتي حزب الله، وهذا ما دفع بالأمم المتحدة والولايات المتحدة إلى تدبير «زيارة عاجلة» لمسؤول ملف إسرائيل في الأمم المتحدة، الحامل للجنسية الأميركية، ليتولى ترسيم حدود مزارع شبعا اللبنانية ـ الفلسطينية، على غرار ما قام به الإسرائيلي الحامل للجنسية الأميركية أيضا، آموس هوكشتاين، من وساطة انتهت بترسيم الحدود البحرية بين الفريقين.


وهذا يسمح بالاعتقاد ان نصب الخيمتين والضجيج المفتعل الذي أثارته إسرائيل والتهديد باقتلاعهما ان لم يفعل ذلك حزب الله، كان مدخلا للتحرك، وان ضم إسرائيل للنصف اللبناني من قرية الغجر الحدودية هدفه عملية مقايضة برعاية دولية ـ أميركية، بحيث يرفع الحزب الخيمتين مقابل انسحاب إسرائيل من النصف اللبناني من قرية الغجر، ومن بعض أجزاء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.


وتعتقد المصادر المتابعة أن هذه العملية، وما تبعها من تصعيد بالمسيرات، تنهي مشكلة المزارع الواقعة على المثلث اللبناني ـ السوري ـ الفلسطيني، حيث ان لبنان يعتبرها لبنانية محتلة كانت الحكومة اللبنانية وضعتها بتصرف القيادة العربية الموحدة قبل عام 1967، وتمركز فيها الجيش السوري على هذا الأساس. لكن بعدما أصبحت محتلة مع الجولان السوري عقب تلك الحرب، دأبت إسرائيل على إنكار لبنانيتها بداعي انها استولت عليها من السوريين، رافضة اعتبارها جزءا من المساحة الجنوبية التي يشملها القرار الدولي 425، في حين ماطلت الحكومات السورية المتعاقبة في الإقرار بلبنانيتها رغم المراجعات اللبنانية، لتصبح جزءا من الجولان المحتل.


لكن يبدو ان التجاوب اللبناني لم يكن بمستوى التطلعات الإسرائيلية، وهذا ما أبلغه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى وزرائه أمس، وقوله «إن جهود الوسطاء فشلت في إقناع حزب الله بإزالة الخيام». وتحدثت مواقع للمستوطنين عن رفع حالة التأهب بين جنود جيش الاحتلال في الشمال على الحدود مع لبنان.


في هذا السياق، زار أمس النواب التغييريون: ملحم خلف، نجاة عون، إلياس جرادي، وفراس حمدان محيط قرية الغجر المحاصرة، وبحسب بيان لهم أصدروه، فإن هذه الزيارة تأتي «شجبا لهذا الواقع المستجد ولهذا العدوان الخطير».


وفي ظل هذه المستجدات، يتراجع اليقين بأن الجولة المرتقبة للموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان ستنتج حلا رئاسيا، كما حال التخبط الحاصل في حاكمية المصرف المركزي بين فريق يريد من الحكومة المستقيلة أن تعين حاكما جديدا، وآخر يرى الحل بالتمديد للحاكم رياض سلامة، الملاحق قضائيا، في لبنان وأوروبا، أو بإناطة المنصب بنائبه الأول وسيم منصوري.


وفي اعتقاد البعض ان الإرباك السياسي الحاصل في بيروت، إن على صعيد الرئاسة أو على صعيد حاكمية المصرف المركزي وانغلاق الأفق الحاصل، على علاقة بالتصعيد الظاهر في الجنوب، بدليل عدم توصل رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى قرار بشأن الحاكمية في اجتماعهما يوم الجمعة الماضي، فيما بدأ البعض ينعى جولة لودريان الجديدة، قبل أن تهب رياحها استنادا إلى الصحافي الفرنسي جورج ماليربو الذي رافق الرئيس إيمانويل ماكرون خلال زيارته بيروت، ونشر محضر لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين في صحيفة «لوفيغارو»، وتسبب في أزمة مع ماكرون، وقال ماليربو ان مهمة لودريان تنتهي ما بين شهر وثلاثة أشهر.