الحكومة تستبيح الجامعة اللبنانية بتعيين النواب والوزراء وتظلم أساتذتها

بعد صدور رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل حول عدم الجواز الجمع بين النيابة ووظيفة أستاذ في ملاك الجامعة اللبنانية، التي تقدمت بها النائب حليمة القعقور، بات من واجب المجلس النيابي الاجتماع لإقالة النائبين بلال الحشيمي وغادة أيوب من المجلس، رغم أن رأي الهيئة غير ملزم. لكن الرأي ثبت المؤكد بعدم جواز الجمع. ما يوجب على النواب تقديم الاستقالة أو إقدام المجلس على إقالتهم.
تأجيل مباشرة العمل للنواب
في التفاصيل، أخطأ مجلس الوزراء مرتين في قضية النواب الذين يعلّمون في الجامعة اللبنانية بعداد أساتذتها المتفرغين، الذين نجحوا في انتخابات العام 2022. عندما نجح النواب حليمة القعقور وبلال الحشيمي وغادة أيوب في الانتخابات كانوا أساتذة متفرغين في الجامعة. ولم يكن هناك موانع قانونية للترشح للانتخابات لأنهم متعاقدين بالتفرغ بالجامعة. لكن مجلس الوزراء أصدر مرسوم تعيين الأساتذة المتفرغين بملاك الجامعة بتاريخ 29 أيلول المنصرم. وشمل المرسوم النواب الثلاثة، وكان بمثابة خطأ ارتكبه مجلس الوزراء، لأن قبول النواب بالوظيفة يلغي حكماً نيابتهم، في حال عدم الاعتذار عن قبول الوظيفة. وفي مطلع الشهر الحالي تدارك مجلس الوزراء الأمر بخطأ جسيم عندما وافق على طلب وزير التربية عباس الحلبي بتأخير مباشرة العمل في ملاك الجامعة اللبنانية لبعض الأساتذة منهم النواب أيوب والحشيمي، والوزير زياد مكاري، ومحافظ الجنوب بالتكليف هويدا الترك، وغيرهم العشرات من الموظفين.
قبل صدور المرسوم الآنف الذكر، رفضت النائبة القعقور شملها به كسائر زملائها، مفضلة أخذ رأي هيئة التشريع والاستشارات بوزارة العدل حول مدى قانونية الحفاظ على حق النواب في الدخول إلى ملاك الجامعة. فقد أُبلغت القعقور من قضاة أن المرسوم الذي يهم مجلس الوزراء بإقراره معرض للطعن بقانونيته، لأن تأخير مباشرة العمل في الجامعة للنواب إلى حين انتهاء الولاية بمثابة قبول منهم بالوظيفة.
استغلال سلطة وتجاوز صلاحيات
في ظل عدم وجود قانون يحفظ حق النواب بالاحتفاظ بالوظيفة، يكون المرسوم بمثابة استغلال سلطة ونفوذ، حصوصاً أن المعينين في ملاك الجامعة أمامهم مهلة شهر لقبول أو رفض الوظيفة. وتأخير مباشرة العمل لسنتين ونصف تلاعب على القانون، وتجاوز من مجلس الوزراء لحدود صلاحيته. وفيما قبل النواب الحشيمي وأيوب تجاوز مجلس الوزراء حدود صلاحيته رفضت القعقور الأمر وفضلت استشارة هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل. هذا رغم أن العديد من القضاة والمسؤولين أسدوا لها نصائح بقبول تأخير تبليغها للالتحاق بالوظيفة إلى حين انتهاء ولاية المجلس النيابي بعد سنتين ونصف. وقيل لها إن نواب ووزراء كثر، من حمد حسن إلى علي حمية، تم تعيينهم في ملاك الجامعة وأمورهم "ماشية" فلماذا تصرين على أن تكوني شواذاً على هذه القاعدة؟ القعقور رأت أن هذا الأمر يشكل تجاوزاً للقوانين، وهو جزء من الفساد الإداري، طالما لا يوجد قانون يبيح هذا الأمر، وطالما مجلس الوزراء يتجاوز صلاحياته، ما يشكل طعناً شعبياً بنيابتها. لذا قدمت كتاب اعتذار عن تسلم الوظيفة يوم أمس إلى رئيس الجامعة اللبنانية بسام بدران.
إقالة النواب أو استقالتهم
هيئة الاستشارات ثبّتت عدم جاوز الجمع بين الوظيفة والنيابية، وتأخير مباشرة العمل في الجامعة للنواب إلى حين انتهاء الولاية بمثابة قبول منهم بالوظيفة، لذا بات من واجب مجلس النواب الاجتماع لإقالة الأعضاء المعنيين. والذهاب إما إلى تعديل قانون الموظفين لاستثناء الهيئات التعليمية من الجمع بين الوظيفة والنيابة، أو صدور قرار عن مجلس شورى الدولة يحفظ "الحق بالمكتسب بالوظيفة"، حتى لو أتى بعد الدخول إلى المجلس النيابي. فما قام به مجلس الوزراء هو استثناء أشخاص محددين ومنحهم امتيازات وافضلية على سواهم من زملائهم ضارباً مبدأ العدالة والمساواة بالحائط. ويمكن لأي أستاذ متفرغ لم يدخل إلى الملاك في مرسوم التعيين، السابق الذكر، تقديم طعن به لدى شورى الدولة، على اعتبار أنه صاحب مصلحة. كما يمكن لإدارة الجامعة الطعن بهذا المرسوم لدى شورى الدولة، لأنها صاحبة مصلحة.
سابقة الوزير حمية وجديدها
هي ليست المرة الأولى التي يقوم بها مجلس الوزراء بتفضيل نافذين أو يسهّل استغلال السلطة. سبق وعينت حكومة حسان دياب الوزراء حمد حسن ولميا يمين في ملاك الجامعة، وفضلتهما على كل زملائهما. أما مجلس الوزراء الحالي فقد أقدم على سابقة إصدار مرسومين ضربا مبدأ المساواة عندما خصّ وزير الأشغال علي حمية عن كل أقرانه الأساتذة المتعاقدين في الجامعة. ففي المرسوم الأول فرّغ مجلس الوزراء حمية في عداد الأساتذة المتفرغين وفي المرسوم الثاني عينه في ملاك الجامعة. أي ميّز مجلس الوزراء حمية عن نحو 1520 أستاذ متعاقد في الجامعة، كما ميّزه أيضاً عن نحو تسعمئة أستاذ متفرغ، وتم تعيينه في الملاك حينها. علماً أن ما سرب يومها كان مرسوماً واحداً هو تفريغ حمية. لكن تبين أن حمية حظي بمرسوم ثانٍ لتعيينه في الملاك ولم يكشف عنه.
هذا التجاوز قامت قائمة الأساتذة المتعاقدين حينها. لذا أعلن حمية بعد هذه الجلبة أنه طلب من رئيس مجلس الوزراء التراجع عن المرسوم. لكن تبين أن حمية كان قد حظي بمرسوم ثانٍ تم بموجبه تعيينه في ملاك الجامعة. وما قام به من خطوة لرفض التعيين كان مجرد. هذا التجاوز قامت قائمة الأساتذة المتعاقدين حينها. لذا أعلن حمية بعد هذه الجلبة أنه طلب من رئيس مجلس الوزراء التراجع عن المرسوم. لكن تبين أن حمية كان قد حظي بمرسوم ثانٍ تم بموجبه تعيينه في ملاك الجامعة. وما قام به من خطوة لرفض التعيين كان مجرد همروجة إعلامية. لأنه حينها لم يكن في عداد المتفرغين، بل كان في عداد ملاك الجامعة. وصعد السلم الوظيفي طابقين دفعة واحدة.----____________ المصدر ==== المدن