إرجاء جلسة المجلس العدلي لمتابعة محاكمة التفجير الإرهابي في حارة حريك العام 2014 بعد إبلاغ القضاة باحتمال تنفيذ عملية لتهريب المتّهم

أرجئت جلسة للمجلس العدلي لمتابعة المحاكمة في التفجير الإرهابي الذي وقع في حارة حريك في العام 2014، بعدما أبلغ القضاة قبل ساعات قليلة فجأة بضرورة إرجاء الجلسة حتى تاريخ آخر، بسبب معلومات أمنية تؤكد بأن بعض مجموعات إرهابية تسعى إلى تنفيذ عملية لتهريب المتّهم بالتفجير نعيم اسماعيل محمود خلال نقله إلى قصر العدل في بيروت، الأمر الذي دفع بالقضاة إلى إرجاء الجلسة إلى 26 كانون الثاني المقبل، خوفًا من تعرّض القضاة لأي خطر أو هجوم مسلّح، قد يشكّل خطراً على قضاة المجلس العدلي والعناصر الأمنية والمحامين.
في التفاصيل أن حالاً من الخوف سيطرت على القضاة، بعدما أبلغهم مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد طوني قهوجي بضرورة تأجيل الجلسة إلى حين اتخاذ التدابير الأمنية المشددّة، تجنّبا لتعرّض الأجهزة الأمنية لأي خطر في أثناء سوق المتّهمين إلى قصر عدل بيروت. ووفقًا لمعلومات "المدن" علمت الأجهزة الأمنية بأن هناك من يسعى ويخطط للهجوم على الآلية العسكرية التي تنقل الموقوف إلى قصر عدل بيروت بغية تهريبه، وبالتالي هذا الهجوم قد يؤدي إلى إصابة العناصر الأمنية أو قتلهم.
ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليها "المدن"، فإن إحدى المجموعات الإرهابية كانت تسعى إلى تهريب الموقوف الفلسطيني نعيم اسماعيل محمود، المعروف بـ"نعيم عباس" وبأسماء متنوعة أبرزها "أبو سليمان"، "أبو عباس"، "أبو خالد"، وهو أحد قياديي "عبدلله عزام الإرهابي"، ومن أخطر المطلوبين في لبنان والذي وقع بقبضة الجيش اللبناني في عملية نوعية في 12 شباط العام 2014، فألقي القبض عليه وضبطت معه سيارة مفخخة في كورنيش المزرعة.
عُرف المدعو "نعيم عباس" بعلاقاته القوية مع المجموعات التكفيرية، وحكمت عليه المحكمة العسكرية سابقاً بالمؤبد لكونه المسؤول عن معظم تفجيرات الضاحية الجنوبية، فهو ملاحق قضائياً بأكثر من 17 ملفاً إرهابياً، وسبق وكشف أمام المحكمة العسكرية بأن الهدف من التفجيرات الإرهابية التي نفذها في الضاحية الجنوبية والهرمل، إشعال الفتنة بين الشيعة والسنة. واعترف سابقاً بأنه حاول تنفيذ عمليات إرهابية بين الشياح وطريق الجديدة بغية زعزعة الأمن بين السكان.
عمليات إرهابية متنوعة نفذها "نعيم عباس" أو أشرف عليها. إذ تؤكد المعلومات بأنه كان مسؤولاً عن تدريب الإرهابي الذي فجّر نفسه في "فان" في الشويفات العام 2014، وكان مسؤولًا عن إدخال سيارات مفخخة من سوريا إلى لبنان، وهو رئيس مجموعة مؤلفة من 21 شخصاً من جنسيات مختلفة تعمل على تفخيخ السيارات لتفجيرها، وكان في صدد تجهيز مجموعة أخرى من العمليات الإرهابية لتنفيذها في الضاحية الجنوبية قبل أن يتمّ إلقاء القبض عليه.
إرجاء الجلسة لم يكن كافياً، ووفقاً لمعلومات "المدن"، شدّد القضاة على ضرورة نشر التعزيزات الأمنية على مداخل قصر عدل بيروت وأمام مكاتبهم، خوفاً من اقتحام المداخل الأساسية خلال جلسات المحاكمة لتهريب الموقوف، أو من تنفيذ أي عملية إرهابية قد تشكل خطراً على حياة القضاة خلال جلسة المحاكمة حين تُفك الأصفاد الحديدية عن أيدي الموقوفين للاستماع إليهم وهو الأمر الذي يحصل دائماً خلال المحاكمات. وتفيد المعلومات بأن بعض القضاة وجدوا بأن الحل الأنسب قد يكون برفضهم المشاركة في الجلسة المقبلة في حال لم تنتشر العناصر الأمنية بكثافة داخل قصر عدل بيروت وخلال المحاكمة، معتبرين بأن هذا الأمر سيؤدي إلى كارثة أو جريمة، ويستدعي التدخّل المباشر من الحكومة لحماية القضاة، لافتين إلى أن اتصال العميد طوني قهوجي المفاجئ أنقذ القضاة من حادثة خطيرة جدًا كان من المتوقع حدوثها داخل قصر عدل بيروت.
وعلمت "المدن" بأن رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود سيتواصل مع الأجهزة الأمنية ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال الأيام المقبلة، لوضع سلسلة من الإجراءات الأمنية لحماية القضاة خلال متابعة أي دعوى. ولكن، وبالرغم من تبليغ القضاة بإمكانية حدوث أي عمل إرهابي داخل قصر عدل بيروت، إلا أن الحال لم يتبدل ولم يتمّ اتخاذ أي إجراءات أمنية جديدة.
اعتراض القضاة كان منطقياً، بحيث أن مكاتب القضاة خالية من العناصر الأمنية، وكذلك مجلس القضاء الأعلى والنيابة العامة التمييزية، فالعناصر تتوزع أمام المدخل الرئيسي فقط، وبالتالي من الممكن تهريب أي آلات حادة أو أي أسلحة إلى الداخل لافتعال أي مشكلة أو لتنفيذ أي جريمة. كما أن بعض عناصر الدرك تحاوط الموقوفين خلال المحاكمة فقط، ومن الممكن أن يحاول أي موقوف بعد تحرير يديه من الأصفاد الحديدية أن يبادر إلى التهجّم على العناصر الأمنية المحيطة به، فيعمل على تجريدهم من السلاح ليطلق الرصاص على قوس العدالة والحاضرين، وهو السيناريو الذي حضر في أذهان بعض القضاة منذ أيام. كما أن معظم جلسات المحاكمة المتعلقة بقضايا إرهابية حساسة جداً، تفتقد لحماية أمنية مشددة من عناصر الجيش اللبناني، وبالتالي هذه الأسباب من شأنها تأجيل الجلسات إلى فترات أطول من دون التمكّن من معالجة هذا الأمر كما يجب.