مصرف لبنان يتحضّر لإصدار الـ500 ألف والمليون ليرة ومخاوف من زيادة نسب التضخّم

مصرف لبنان يتحضّر لإصدار الـ500 ألف والمليون ليرة ومخاوف من زيادة نسب التضخّم

في ظل تسارع نموّ الكتلة النقدية بعد سقوط الليرة وانهيار النظام المالي، لم يكن مفاجئاً أن يعمد مصرف لبنان إلى طباعة عملات جديدة، وضخها في السوق لاحتواء ما أمكن من سلبيات التضخم الذي أصاب النقد. وبناءً على ذلك أتى طبع مئة ألف ليرة جديدة في الشكل والحجم، بمثابة باكورة مسار تبديل أو إضافة لأوراق المئة ألف ليرة القديمة التي ستبقى في التداول مرحلياً بين أيدي المواطنين والمصارف.


ولكن، لن تكون المئة ألف الجديدة بمفردها، فستليها حتماً ورقتا الـ500 ألف ليرة والمليون وربما الخمسة ملايين ليرة، إذ تؤكد مصادر مالية متابعة أن “المركزي” حسم أمر طباعة ورقتي الخمسمئة ألف ليرة والمليون ليرة، فيما يتأنى بحسم موضوع طباعة الخمسة ملايين ليرة التي وإن كان طرحها جدياً، لحاجة السوق الضرورية لوجود أوراق نقدية تعادل ما كان موجوداً سابقا، بيد أن الموضوع برمّته متوقف على إقرار مجلس النواب التعديلات التي أدخلتها اللجان النيابية المشتركة على قانون النقد والتسليف، والتي تتيح لمصرف لبنان طباعة فئات نقدية ورقية أكبر من فئة المئة ألف ليرة على أن يترك خيار تحديد الفئات النقدية الجديدة لمصرف لبنان.



ومع الحديث الجدّي عن طرح فئات جديدة من العملة، ثمة من يتخوف من الزيادة في نسب التضخم، فيما تؤكد أوساط أن درس طباعة 5 ملايين ليرة جاء على خلفية أنه في أي دولة من دول العالم لا نجد الفئة النقدية فيها دون الـ50 دولاراً. فالمئة ألف ليرة كانت تعادل 66 دولاراً تقريباً، فيما حالياً تعادل الدولار تقريباً، وتالياً فإن فئة الـ5 ملايين ليرة ستكون موازية تقريبًا للخمسين دولاراً. هذا يعني أن الأوراق النقدية الجديدة لن تكون إلا تبديلاً لما كان موجوداً سابقاً، لكن بأرقام أعلى، وأحجام تراعي حاجات السوق وسهولة نقلها وحملها في جيوب ومحافظ المواطنين.



وتؤكد الأوساط أن “لا عودة الى فترة سعر صرف 1500 ليرة أو 15 ألف ليرة، وإن تحسن سعر صرف الليرة قليلاً، لذا ثمة ضرورة لفئات كبيرة من العملات بدل طباعة كميات كبيرة من فئات صغيرة، فهي عدا عن كونها تسهل أمور الناس بمدفوعاتهم، فإنها تجنب مصرف لبنان تكاليف الطباعة والتخزين والنقل. كما تسهل على المواطنين حمل كميات كبيرة من العملات، وتخفف كلفة نقل الأموال وتخزينها على التجار الكبار كما على الدولة وكذلك تسهل عمل المصارف خصوصاً حيال عدم وضع كميات كبيرة من الأموال بالــATM”.


وعلمت “النهار” أن مصرف لبنان كان قد طلب طباعة كميات أخرى من ورقة الـ100 ألف ليرة، ولكن منصوري طلب تجميد طباعتها في انتظار البت بالفئة التي ستصدر من النقد بغية استبدالها بها، خصوصاً أن الأوراق التي تم تسلمها كافية، وتالياً فإن لبنان ليس بحاجة الى أوراق نقدية جديدة بكميات أكثر من تلك التي تمت طباعتها، علماً بأن كلفة طباعة المليون والـ5 ملايين ليرة موزاية لكلفة الـ100 ألف ليرة.


وفي السياق يؤكد نائب حاكم مصرف لبنان سابقاً الدكتور غسان العياش لـ”النهار” أن هذه “الإجراءات” تشير إلى تصاعد المنحى التضخّمي في لبنان وبالتالي إلى زيادة الطلب على الأوراق النقدية. ويقود ذلك إلى تعوّد اللبنانيين تدريجاً على المستويات الجديدة في الأسعار وعدم إمكانية العودة إلى أسعار الخدمات والسلع كما كانت قبل انفجار الأزمة النقدية”.


ويشير العياش الى الفارق الكبير بين طباعة أوراق نقدية جديدة وبين طباعة العملة، أو خلق النقد، إذ غالباً ما يخلط الجمهور بين هذه وتلك بسبب استعمال عبارة طباعة في الحالتين. فخلق النقد، بعكس طباعة الأوراق النقدية، يؤدي إلى خلق وحدات نقدية جديدة وتالياً إلى زيادة الكتلة النقدية وارتفاع الأسعار. وكل ليرة جديدة تنتج عن خلق النقد تؤدي إلى خلق ليرات جديدة. ينتج خلق النقد عن التسليف المصرفي عموماً وخصوصاً عن تسليف المصرف المركزي للدولة. لذلك فإن قوانين المصارف المركزية وبينها قانون النقد والتسليف في لبنان تمنع منعاً قاطعاً إقراض المصرف المركزي للقطاع العام بصفته أكبر مصادر التضخّم الذي يقود إلى انخفاض سعر الصرف وارتفاع الأسعار.


ووفق مراجع في مصرف لبنان فإن “المركزي” يحرص على عدم زيادة النقد بالتداول، خصوصاً بعدما نجح في خفض حجم الكتلة النقدية بالليرة من نحو 62 ألف مليار ليرة إلى نحو 55 ألف مليار ليرة. وأكدت أن “مصرف لبنان يتحكم بالكتلة النقدية، وتالياً هو من يقرر متى يضخ ليرات في السوق”، مرجّحاً ضخها عندما تمتص الدولة السيولة من السوق عبر تحصيلها للضرائب والرسوم من المكلفين، حينها يعمد “المركزي” الى تزويد السوق بالاوراق النقدية الجديدة بنفس الكمية التي سُحبت، بما يعني أن العملة الجديدة التي ستضخ سيقابلها سحب نفس القيمة من السوق التي ستذهب للتلف أو وضعها في “الستوك” إن كانت لا تزال صالحة للاستخدام.




وهذا ما أكده العياش الذي اعتبر أن “قرار مصرف لبنان بإصدار أوراق نقدية جديدة لا يؤدي إلى زيادة الحجم الإجمالي للكتلة النقدية، وتالياً إلى انخفاض سعر صرف الليرة اللبنانية وارتفاع معدّل التضخّم، لأن التأثير السلبي على القيمة الداخلية والخارجية لليرة مرهون بزيادة الحجم الإجمالي للكتلة النقدية بالليرة.


وبما أن مصرف لبنان يتحضر لإصدار فئات جديدة، كان التوجه لاعتماد ورقة نقدية حجمها أصغر، إذ من غير المنطقي أن يكون حجم ورقة المئة ألف ليرة أكبر من فئة المليون أو الخمسة ملايين ليرة. حجم ورقة المئة ألف الجديدة، أقل بقليل في الطول من فئات الدولار الأميركي (135 ملمتراً)، فيما يتطابق في العرض (66 ملمتراً). وقد راعى مصمموها حاجة المواطنين لاستعمال نقد صغير الحجم، سهل النقل، وتسعه المحفظة والجيوب، بالإضافة إلى تمتعه بمزايا ومواصفات عالمية تحاكي أحدث المقاييس وا. وبما أن مصرف لبنان يتحضر لإصدار فئات جديدة، كان التوجه لاعتماد ورقة نقدية حجمها أصغر، إذ من غير المنطقي أن يكون حجم ورقة المئة ألف ليرة أكبر من فئة المليون أو الخمسة ملايين ليرة. حجم ورقة المئة ألف الجديدة، أقل بقليل في الطول من فئات الدولار الأميركي (135 ملمتراً)، فيما يتطابق في العرض (66 ملمتراً). وقد راعى مصمموها حاجة المواطنين لاستعمال نقد صغير الحجم، سهل النقل، وتسعه المحفظة والجيوب، بالإضافة إلى تمتعه بمزايا ومواصفات عالمية تحاكي أحدث المقاييس والتقنية وإجراءات الأمان والجودة المتبعة في طباعة العملات دولياً.




ووفق المركزي فإن “الفترة الزمنية التي تفصل ما بين تاريخ طلب طباعة الأوراق النقدية من الشركة المعنية ومن تاريخ التسليم لا تقل عن 9 أشهر، وهذا ما يبرر إصدارها على الشكل الذي صدرت فيه”. المهم في الموضوع، وفق ما تؤكد مصادر متابعة أن كلفة الأوراق النقدية أقل من السابق، علماً أن مصرف لبنان يتعامل مع شركات عدة في الخارج وخصوصاً مالطا وألمانيا وبريطانيا.