رسائل دولية حاسمة تضع “الحزب” بين خيارات الانسحاب أو الحرب
رسائل دولية حاسمة تضع “الحزب” بين خيارات الانسحاب أو الحرب
الكاتب: طوني بولس | المصدر: اندبندنت عربية
9 كانون الأول 2023
على وقع التهديدات الإسرائيلية وتأكيد نيتها إقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح في جنوب لبنان بين “الخط الأزرق” ومنطقة جنوب نهر الليطاني (عمق نحو 30 كيلومتراً)، أعيد إحياء القرار الأممي 1701 كمخرج لعدم توسيع الحرب باتجاه لبنان.
ووفق المعلومات، وصلت للمسؤولين اللبنانيين رسائل حاسمة من إسرائيل عبر وسطاء وموفدين فرنسيين وأميركيين، بضرورة انسحاب “حزب الله” إلى شمال نهر الليطاني وفق ما يتضمنه القرار 1701، الذي سبق أن وافقت عليه الحكومة اللبنانية خلال حرب يوليو (تموز) 2006، وتؤكد المعلومات أن هذه الرسائل وصلت إلى “حزب الله” وإيران، وتم التأكيد أن المهلة المتاحة ليست مفتوحة وقد لا تتجاوز فبراير (شباط) 2024.
وكانت بنود القرار 1701 دخلت حيز التنفيذ مباشرة بعد توقف الأعمال الحربية في 14 أغسطس (آب) 2006، وبدأ تنفيذه خلال الأشهر الستة الأولى عبر انتشار نحو 12 ألف عنصر من قوات “اليونيفيل” في الجنوب إضافة إلى نحو 5 آلاف عنصر من الجيش اللبناني.
وفي وقت كان يعول على أن يكون لـ”اليونيفيل” دور أساس في إدارة السلام في تلك المنطقة، إلا أن الرسائل الدموية فرملت دورها، لا سيما في يونيو (حزيران) 2007، حين انفجرت عبوة ضخمة استهدفت دورية تابعة للوحدة الإسبانية أدت إلى مقتل ستة جنود وجرح ثلاثة آخرين، عند مثلث مرجعيون – إبل السقي – الخيام (جنوب).
وعندما قرر المجتمع الدولي إعادة تفعيل دور هذه القوات بعد توسيع صلاحياتها في مجلس الأمن عام 2022 تلقت “اليونيفيل” رسالة دموية جديدة عبر الاعتداء على الكتيبة الإيرلندية في يناير (كانون الثاني) 2023 أدت إلى مقتل أحد أفرادها وجرح ثلاثة آخرين.
“العصا والجزرة”
وبحسب المعلومات، فإن مبعوث الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين، يسعى إلى إيجاد مخرج متوازن يحقق من خلاله الأهداف الإسرائيلية بإقامة منطقة عازلة، ويحافظ فيه على حفظ ماء وجه “حزب الله”، عبر طرح اتفاق ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، بعملية مشابهة لترسيم الحدود البحرية. ويتضمن الطرح الأميركي انسحاب الحزب إلى شمال الليطاني مقابل انسحاب إسرائيل من 13 نقطة حدودية متنازعاً عليها مع لبنان، إضافة إلى انسحابها أيضاً من ثلاثة مواقع في مزارع شبعا يتم وضعها تحت إدارة قوات حفظ السلام الدولية “اليونيفيل”.
وفي سياق متصل، تحدث وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، خلال لقائه مع رؤساء سلطات محلية قريبة من الحدود اللبنانية، قائلاً إن الإمكانية الأولى، التي وصفها بأنها “المفضلة”، “هي تسوية سياسية دولية تضمن إبعاد الحزب إلى ما وراء نهر الليطاني”، أما الإمكانية الثانية، في حال عدم تنفيذ الأولى، “هي أن إسرائيل ستستخدم وسائل عسكرية من أجل إبعاد حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني”.
قوة “الرضوان”
وفي موازاة الطرح الأميركي، برز طرح فرنسي عبر عنه رئيس الاستخبارات الفرنسية برنارد إيمييه، الذي زار بيروت آتياً من تل أبيب، والتقى رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري وقائد الجيش العماد جوزيف عون، إضافة إلى مسؤول رفيع في “حزب الله” لم يكشف عن هويته، كذلك فإن وفداً أمنياً فرنسياً وصل لبنان لاستكمال التنسيق بين لبنان وإسرائيل حول إيجاد حلول للتوتر.
وبحسب مصادر سياسية مواكبة، فإن إيمييه حمل جملة من المطالب، تضاف إلى إقامة المنطقة العازلة جنوب البلاد، منها توسيع نشاط قوات “اليونيفيل” والسماح لها بالتحرك من دون تنسيق مسبق مع الجيش اللبناني، وسحب مجموعة القوات الخاصة للحزب المعروفة باسم “قوة الرضوان” من المنطقة العازلة المقترحة، مع السماح بوجود مجموعات عسكرية أخرى للحزب في قرى جنوب لبنان ذات طابع دفاعي. وكذلك سحب مسلحي “كتائب القسام” (حماس) و”سرايا القدس” (الجهاد) و”قوات الفجر” (الجماعة الإسلامية) و”الجبهة الشعبية – القيادة العامة” و”حركة أمل”، من الجنوب، ومنع أي نشاط لأي فصيل فلسطيني أو لبناني في المنطقة.
الفصل السابع
وفي وقت تشير مصادر صحافية لبنانية إلى أن من الخيارات التي يتم نقاشها في حال رفض الحزب الانسحاب من جنوب لبنان، اللجوء إلى مجلس الأمن لتعديل القرار 1701 وتحويله إلى الفصل السابع من ميثاق المجلس لفرض المنطقة العازلة وجعلها منزوعة السلاح. إلا أن المنسقة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتيسكا نفت هذه الأنباء، مؤكدة ألا نية لدى الأمم المتحدة حتى الآن لإجراء أي تعديل على القرار 1701. وأشارت إلى أنها قدمت ملخصاً للتقرير للأمم المتحدة يتضمن تأكيد الدول الداعمة للبنان ضرورة تطبيق القرار 1701 وضرورة حل المشكلات الأساسية، ولا سيما مسألة انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة لكي يعرف المجتمع الدولي مع من سيتحدث وإلى من سيتوجه.
وبحسب المعلومات، ستشهد الأيام المقبلة سلسلة اجتماعات بين لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان مع فرونتسكا لخوض نقاش تفصيلي حول مضمون القرار 1701 والتقارير التي صدرت في شأنه وكل النقاط التي أثيرت، ولا سيما مسألة الأفكار والمقترحات الممكنة لانسحاب إسرائيل من مزارع شبعا وتلال كفر شوبا.
“الخط الأزرق”
وفي السياق، كشف الصحافي السياسي علي حمادة أن “حزب الله” رافض حتى الآن البحث في القرار 1701 على قاعدة أن الخروقات الإسرائيلية سبقت الخروقات من جانبه بالنسبة إلى منطقة عمليات القوات الدولية أو ما يسمى بالمنطقة العازلة المنزوعة من السلاح، مضيفاً أن “الخروقات الإسرائيلية هي على مستويات عدة، هناك الطيران الإسرائيلي الذي يحلق في سماء لبنان والجنوب، وهناك خروقات تتعلق بالنقاط الـ13 على الخط الأزرق المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل، وهناك أيضاً بعض الأحداث التي حصلت على صعيد قرية الغجر ورفع جدار حول هذه القرية والجزء الذي يطالب به لبنان”.
وبين حمادة أن شروط الحزب هي إنهاء كل نزاع على “الخط الأزرق”، وصولاً إلى إنهاء النزاع على مزارع شبعا. وقال “مع بدء تراجع التصعيد في غزة سيذهب حزب الله إلى تسوية في نهاية الشهر الجاري، أو الشهر المقبل، وبالانتظار، سيحافظ الحزب على وضعيته ضمن سقوف معروفة وشبه متفق ومتعارف عليها”، مؤكداً أن الضغط الدبلوماسي سيزداد كي يسحب “حزب الله” معظم قواته أو المسلحين التابعين له من الجنوب.
نهاية الحزب
من ناحيته رأى العميد المتقاعد جورج نادر أنه بمجرد تطبيق القرار 1701، فهذا يعني تلقائياً أن “حزب الله” قد انتهى، مشيراً إلى أنه في الفقرة الثامنة من القرار ممنوع أي وجود مسلح جنوب الليطاني، من ثم تطبيق هذا القرار هو مقتل للحزب. ولفت إلى أن الضغط الدولي سيزداد على لبنان لتطبيقه مع أنه سيبقى عالقاً إلى أن يتحقق فك الارتباط بين الجبهة الشمالية وغزة، خصوصاً أن إسرائيل تتريث في دعوتها المستوطنين إلى العودة للمستوطنات الواقعة على خط التماس مع الحدود اللبنانية وتربط عودتهم بإخلاء جنوب الليطاني من المسلحين.
الحزب يواجه
في المقابل، يؤكد المحلل السياسي محمد عبيد رفض “حزب الله” المطلق النقاش حول تطبيق القرار 1701 ومسألة انسحابه إلى منطقة شمال الليطاني، كاشفاً عن أن إسرائيل تريد تلك المناطق منزوعة السلاح ولا سيما من صواريخ الحزب التي تهدد الشمال الإسرائيلي، وصواريخ “كورنيت” التي أثبتت فعاليتها بتسجيل إصابات مباشرة بالمواقع والآليات الإسرائيلية.
من جانبه قال المحلل السياسي أحمد الزين إن تهديدات وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت تجاه لبنان “تشبه تهديداته بالقضاء على حماس ولم يفعل شيئاً”، مؤكداً عدم قدرة إسرائيل على فتح جبهة حرب مع الحزب، لافتاً إلى أن الحزب أصبح الآن أقرب من أي وقت مضى من الحدود مع إسرائيل. وأضاف “الحديث عن منطقة عازلة نوع من الوهم الذي لن يحدث، فلا حزب الله سيسمح بذلك ولا الحكومة اللبنانية تسمح بذلك، وغاية ما يمكن أن تفعله إسرائيل أن تلجأ لمجلس الأمن الذي سيقابل بالنقض الروسي والصيني”.