حراك جنبلاط - فرنجية للتجهيز لساعة الصفر الرئاسيّة
ابتسام شديد - الديار
التقارب بين الحزب "الاشتراكي" و"تيار المردة" الذي نشأ في الأسابيع الأخيرة، شكل مادة دسمة للتحليلات، وطرح تساؤلات حول المدى الذي سيصل إليه، وعن تبعاته على ملف الرئاسة، في ضوء ما تردد عن موافقة النائب السابق سليمان فرنجية على التعيينات العسكرية في حكومة تصريف الاعمال، وربط الانفتاح الجديد بينهما بملف رئاسة الجمهورية، وساهم العشاء العائلي في كليمنصو في رفع منسوب التساؤلات عن امكانية تكويعة مفاجئة لجنبلاط، قد تقلب الامور رأسا على عقب في موضوع الرئاسة.
ترفض مصادر سياسية مطلعة وضع العشاء في إطار ضيق ومحدد، يتعلق فقط بالاستحقاق الرئاسي المعلق على حبل الخلافات الرئاسية والمعرقل داخليا، وبفعل الحرب التي تقترب من التوسع لتكون أكثر خطورة، وتعتبر المصادر ان العشاء مناسبة تجمع بين العائلتين والعلاقة الشخصية بين "البيكين الدرزي والزغرتاوي"، وفي اطار تبادل الزيارات بين بنشعي وكليمنصو، وقد جرى تحميله أكثر من حجمه الحقيقي، واعطاؤه تفسيرات مختلفة وتوظيفه بالوضع السياسي.
كل ذلك لا يعني أهمية لقاء من هذا المستوى في هذا التوقيت من الأحداث بين فرنجية وجنبلاط، نظرا لموقع الاثنين في المعادلة السياسية والرئاسية، فاتفاقهما حول موضوع ما يمكن ان يبدل في معطيات كثيرة، وليس سرا ان الجميع يتوقع صدور إشارة من جنبلاط للبناء على الموضوع الرئاسي، وثمة من بدأ يربط بين الحراك "الاشتراكي" وتوجه قوى سياسية لحلحلة الملف الرئاسي في اقرب وقت، وقبل الوصول الى التسوية السياسية الكبرى.
لقاء كليمنصو برأي كثيرين هو امتداد لسياسة الانفتاح التي ينتهجها جنبلاط مع القوى السياسية، فهو التقى "الكتائب" و"القوات" و"التيار الوطتي الحر"، ولو ان لقاء فرنجية - جنبلاط له حيثية خاصة، لان العلاقة الشخصية والعائلية بين آل فرنجية وجنبلاط تختلف عن سائر البيوت السياسية ولها رمزيتها، الا ان محور الاهتمام بها اليوم مرتبط بالأحداث. فـ "الاشتراكي" صار اكثر تناغما مع فريق الثامن من آذار بعد ٧ تشرين وتضامنه مع حرب غزة،
ولا يمكن اعطاء مقاربة جديدة لعلاقة فرنجية - جنبلاط بمعزل عن السياسة، فلدى الطرفان رغبة بتوجيه رسائل معينة. ففيما فرنجية لم يتمكن من استقطاب رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الى حلبة تأييده لرئاسة الجمهورية، فوجد نفسه ملزما بالانفتاح على الجميع بمن فيهم منافسه القوي للرئاسة العماد جوزف عون، يُضمر "الاشتراكي" غضبا مستترا لـ "الوطني الحر" في مسألة عدم مجاراته في ملف رئاسة الأركان.
مع ذلك، فان تقارب "الاشتراكي" و"المردة" لا يعني إلزام جنبلاط انتخاب فرنجية الذي لا يزال على موقفه الرئاسي، فالتواصل بين بنشعي وكليمنصو والتقاؤهما حول عدد كبير من الطروحات والملفات لا يعني ذوبانهما ببعض، فلكل فريق خياراته وقناعاته السياسية، والحديث عن مقايضات معينة ليس في محله. فـ "الاشتراكي" له مقاربة مختلفة في شأن الانتخابات الرئاسية ولا يزال على موقفه السابق، إلا اذا استجد طارئء خطر على غرار تدهور الاوضاع الأمنية والتطورات العسكرية في غزة والجبهة الجنوبية، مما سيجعله جاهزا حينئذ لتغيير البوصلة والاتجاهات، تحت عنوان المصلحة الوطنية والتطورات.