عَ أمَل ... بارِقة جريئة تَكسر التابوهات

عَ أمَل ... بارِقة جريئة تَكسر التابوهات

يَحجز مسلسل عَ أمَل، الذي تبثّه محطّة MTV، مكانة مميّزة له بين المسلسلات الدرامية التي تملأ شاشات التلفزيونات والمنصّات الإلكترونية في شهر رمضان هذا العام، أكان ذلك من ناحية التأليف والسيناريو والحوار للكاتبة نادين جابر، أو من ناحية الاخراج الذي أجادَه رامي حنّا، أو من ناحية الانتاج الضخم الذي يتولّاه المنتج جمال سنان وشركته إيغل فيلمز، أو من ناحية موضوع المسلسل الذي يَتناول قضايا حساسة تُعنى بالمرأة المظلومة في المجتمع.

وإذا كانت البِنت مَرفوضة في القرية، وولادتها تكون نذير شؤم على البيت الذي ولدت فيه، فإنّ يَسار (ماغي بو غصن) انتفضَت على ظُلم أهلها، وهربت الى المدينة ودرسَت في الجامعة، وقرّرت أن تساعد الفتيات والنساء المُعَنّفات، من خلال برنامجها التلفزيوني "عَ أمَل"، في الانتفاضة على المجتمع الذكوري وعلى المعتقدات والعُقَد التي تَلجم المرأة وتُبقيها خادمة للرجل ومُلَبيّة لطلباته...  

وعلى الرغم من انّ برنامجها أصبح علامة فارقة بين البرامج التلفزيونية، وسَجّل "سكورات" تفوق التصَوّر، إلّا انّ غيرة زميلتها تينا (رنين مطر) من نجاحها الباهِر جعلتها تُهَلّل فرحًا عندما قُتلت حَنان، المرأة التي كانت يَسار قد وعدت الجمهور بأنها ستستضيفها على الهواء لكي تتحدث عن مُعاملة زوجها السيئة لها. واغتبطَت زميلتها أكثر، عندما اتهمَت يَسار مباشرة على الهواء زوج المَغدورة بأنه قتلها لكي لا تفضحه، فرفعَ الزوج دعوى قضائية ضدها وضد القناة التلفزيونية التي تعمل فيها. هذه الدعوى عَقّدت علاقتها مع مسيو ميشال مدير التلفزيون ومع المخرج المنفّذ جَلال (بديع أبو شقرا). وعندما كانت في طريقها الى مركز قوى الأمن الداخلي لاستجوابها، اكتسَحَت صورها السوشيال ميديا، والتي تَجمَعها مع صبيّة عشرينية تُدعى فَرَح (مارلين نعمان) فاتُهمَت بأنها "سُحاقية"، علمًا أن لا أحد يعرف أنّ فَرح هي ابنتها سوى الممثلين بديع أبو شقرا ونقولا دانيال. والغريب في هذه الحادثة أنّ الدكتور نِبال (مهيار خضور)، جار يَسار الجديد في البناية وأستاذ فرح في الجامعة، هو الذي صَوّرهما من خلال الكاميرات التي زَرَعها في أماكن مختلفة داخل طابق البناية... ما يعني أنّ انتقاله الى الشقة المقابلة لشقتها ليس مجرّد صدفة. فما هو الدافع الذي حَمله الى استئجار هذه الشقة ؟ ولماذا يراقب يسار من خلال الكاميرات ؟ ولماذ يلاحِق فَرَح، ابنتها، ويراقبها عندما تأتي الى شقة والدتها ؟ أسئلة كثيرة تُضاف الى أسئلة غيرها تتعلّق بماضي يَسار وبسِرّ تُخبّئه منذ عشرين سنة يوشِك أن ينكشِف... 

لقد برعَت نادين جابر في كتابة سيناريو هذا المسلسل وحواراته، وفي الاضاءة على المرأة المُعنّفة في القرية والمدينة. ولكن ألم يكن من الأفضل لحَبكة المسلسل أن لا يَرى المُشاهِد الدكتور نِبال وهو يُشرف على توزيع كاميرات المراقبة حوالى الشقة التي استأجرَها، وأنه يراقب يَسار داخل شقتها على شاشة اللابتوب عندما تكون وحدها أو عندما تأتي إليها ابنتها فرح؟ ألم يكن من الأفضل أن يُوَطّد علاقته بها بعد أن يساعدها مع ابنتها في أكثر من موقف، فتجعلانه موضع ثِقتهما... ومن ثم تُصدَمان ويُصدم المُشاهِد معهما عندما يَنكشف سرّ مراقبته لهما ؟   

أمّا من ناحية التمثيل، فلقد أبدعَت الفنّانة ماغي بو غصن في دور المرأة التي تنفعِل في وَجه تسَلّط الرجل عليها واستثمارها، كما حصل، مثلاً، في حواراتها مع مسيو ميشال مدير التلفزيون، وجَلال المخرج المنفّذ لبرنامجها. وكانت تنتقِل بسلاسة لافتة من المرأة التي تُعنى بأنوثتها الى الأم الخائفة على ابنتيها فرَح ومَلاك، خصوصًا عندما يحاوطهما الخطر. 

وكان البطل مهيار خضور يتصَرّف بهدوء مهما كان موقفه صعبًا، وكأنه "مِرتاح على وَضعو"، علمًا أنه كان مُنفعلاً في أول مشهد له، فوضَع كيسًا على فمه وأخذ ينفخ فيه ثم يمتصّ الهواء منه لكي يعود الى هدوئه...  

وتميّز النّجم بديع أبو شقرا بحركته الدائمة، وانفعالاته عندما يُخطئ أحد في البرنامج التلفزيوني الذي يُخرجه، أو عندما يتعلّق الأمر بيَسار وحياتهما الخاصة. 

أمّا الفنّان عمار شلق فقد برعَ في تجسيد دور الرجل المُتسلّط والمُحافظ في الوقت نفسه، ودائمًا ما يتطاير الشرَر من عينيه، وخصوصًا على زوجته الأولى ضُحى (كارول عبود)، وعلى زوجته الثانية صَفاء (إلسا زغيب) وابنتيها ريّا (ريان الحركة) و رَهَف (سيرينا الشامي). 

لقد أثبتَت الحلقات السّبع لمسلسل "عَ أمَل" أنه من أفضل المسلسلات الدرامية المشتركة بين لبنان وسوريا لهذا العام لأنّ جميع الممثلين والممثلات فيه أدّوا أدوارهم بطرائق لافتة، والجمهور ينتظر الحلقات المقبلة كي يلاحظ المعالجة الدراميّة لقضايا المرأة التي تناوَلها هذا المسلسل... فإلى المزيد من التأزّم والتشويق في المَشاهِد.