في خطوة غير مسبوقة، قامت الجامعة الأميركية في بيروت، بفصل الدكتورة تاليا عراوي، لموقفها المؤيد للقضية الفلسطينية والرافض للهمجية
مرة جديدة، وضعت إدارة الجامعة الأميركية في بيروت نفسها في ظلال الأسئلة والاستغراب والشكوك والشبهات، بسبب سلوكياتها غير المفهومة والتبريرات غير المقنعة والقرارات المبطنة بمواقف فيها مزيج من السياسة والشخصانية.
وللمرة الأولى في تاريخ الجامعة الأميركية في بيروت، يحصل نزاع بين رئيسي حكومة سابقين، وبين الجامعة تحت رئاسة الدكتور فضلو خوري. وللمصادفة أنهما من “عائلة الجامعة”، وأنهما ينتميان إلى مدرسة النزاهة والعصامية ونظافة الكف و”دولة الأوادم” وأنهما من خارج النادي السياسي!
قبل ثلاث سنوات، وقع خلاف أيضاً بين الرئيس حسان دياب وبين إدارة الجامعة الأميركية، وأخذ طريقه إلى القضاء مع تقديم دياب دعوى قضائية ضد إدارة الجامعة بسبب حجز حقوقه وتعويضاته.
وقبل أشهر معدودة، حصل نزاعٍ بين “مؤسسة سليم الحص لتنمية الديمقراطية” وإدارة الجامعة الأميركية في بيروت بسبب “برنامج الأخلاقيات الأحيائية والاحتراف”، وكشفت رئيسة المؤسسة وداد الحص أنها تقدمت بدعوى قضائية وطلبت سحب اسم الرئيس سليم الحص من “البرنامج” بسبب المعلومات عن تعامل إدارة “البرنامج” الجديدة مع داعمين لكيان العدو الإسرائيلي، وإقامته نشاطات ومؤتمرات واحتفالات وتوزيع جوائز في كيان الاحتلال، واستغلال إسم الرئيس سليم الحص في هذا السياق.
وأشارت إلى أن “التحقيقات بدأت للوقوف على مدى صحة المعلومات، وما ستؤول إليه الأمور بين المؤسسة والجامعة الأميركية”.
والبرنامج الذي أمّنت له المؤسسة تمويلاً بأكثر من مليون دولار أميركي انطلق عام 2010، وهو الأول من نوعه في العالم العربي، ويهدف إلى “تعزيز العمل الدراسي والإدراك والوعي العام على القضايا المعاصرة كافة التي لها صلة بالأخلاقيات الأحيائية والاحتراف”.
وأشارت المعلومات إلى أن العميد الجديد لكلية الطب الدكتور ريمون صوايا عمد إلى إزاحة المديرة المؤسّسة للبرنامج تاليا عراوي عن البرنامج، من دون أي أسباب توضيحية لها أو لـ”مؤسسة سليم الحص لتنمية الديمقراطية”.
وللمصادفة، أن إدارة الجامعة الأميركية في بيروت أقدمت، قبل أيام، على فصل الدكتورة تاليا عراوي من الجامعة، بسبب موقفها المؤيد للقضية الفلسطينية.
وقامت الجامعة بالطلب من الدكتورة مغادرة عملها، بحجة “عدم الكفاءة”، وهو ما أثار شبهات كثيرة حول وجود خلفيات مبطنة للقرار.
وقد كشفت الدكتورة عراوي في منشور لها على منصات التواصل الاجتماعي عن قرار الفصل وخلفياته، واتهمت إدارة الجامعة بأن فسخت عقدها بسبب دعمها لفلسطين ولقوميتها العربية.
وكتبت الدكتورة عراوي: لا يعلم معظمكم أنني تعرضت للتنمر والمضايقة والتشهير والافتراء، مما أدى في نهاية المطاف إلى إنهاء عقدي (ابتداءً من شهر يونيو/حزيران هذا مع إشعار مدته 4 أشهر فقط)، من دون أي سبب على الإطلاق.
الأسباب المقدمة كانت “صورتي” و”سلوكي”. لقد اتُهمت أيضًا بـ “عدم الكفاءة” وبأني السبب وراء حصول برنامج أخلاقيات البيولوجيا (المركز المتعاون الوحيد مع منظمة الصحة العالمية في مجال الأخلاقيات الصحية في المنطقة، والحاصل على جائزة AOA للاحترافية والذي أعلنته اللجنة المشتركة الدولية كمركز للتميز) على مكانة مرموقة. “سمعة مشوهة بسبب العمل دون المستوى الأمثل لمخرجها”. لقد اتُهمت علنًا بـ “عدم الاحترافية” وبأني “غير أخلاقية”.
وبما أن كل ما سبق لا أساس له من الصحة، فأنا أميل إلى الاعتقاد بأن إنهاء عقدي هو بسبب دعمي لفلسطين وسوريا وغيرها، لقوميتي العربية. وأكرر دعمي الكامل.
فهل هي محض صدفة أن تحصل مواجهة بين رئيسي الحكومة العصاميين ونظيفي الكف واللذين يلتزمان بثوابت وطنية وقومية، مع الإدارة الحالية للجامعة الأميركية في بيروت؟ وهل هي صدفة أيضاً أن يتم فسخ عقد الدكتورة تاليا عراوي بما تعلنه من مواقف وثوابت وطنية وقومية؟ وهل تنتهج إدارة الجامعة الأميركية سياسة “تطهير” ضد أصحاب هذه الثوابت؟ وهل قرار فسخ عقد تاليا عراوي هو مقدمة لقرارات أخرى ضد من يشبهها؟
ألم تفصل الجامعة الأميركية، سابقاً، الدكتور المؤيد للقضية الفلسطينية ستيفن سلايطا؟ ألم يكن طرد الدكتور سلايطا تعسفيًا بناء على طلب اللوبي الصهيوني في الكونغرس الاميركي