ودّعت زغرتا الأستاذ توفيق يوسف معوض حيث ترأس المطران أنطولن عوكر الصلاة الجنائزية ممثلا صاحب النيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بمشاركة لفيف من الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات وبحضور عدد من الوزراء والنواب والفعاليات الدبلوماسية والإعلامية والإجتماعية.

بعد تلاوة الإنجيل المقدس، تلا الخورأسقف اسطفان فرنجية الرقيم البطريركي والذي تضمّن.:

البَرَكَةُ الرَّسُولِيَّةُ

تشمل بناتنا وابنائنا الأعزَّاء: تريز جوزف سعادة زوجة المرحوم المحامي توفيق يوسف معوّض، وابنته، وشقيقيه وعائلة المرحوم شقيقه الشيخ فريد وشقيقته، وعائلاتهم، وسائر ذويهم وانسبائهم في الوطن والمهجر المحترمين.

 ما أمرّ وفاة شقيقين عزيزين في أقلّ من عشرين يومًا. ففي الخامس عشر من نيسان ودّعنا معكم المرحوم الشيخ فريد، وفي الثالث من شهر أيار الجاري غاب عنّا شقيقه المحامي توفيق، بعد صراع مع المرض الصعب بالصمود والصلاة. إنّه خسارة كبيرة لكم ولنا وللمجتمع الزغرتاوي-الاهدني، منبت الوجوه اللامعة مدنيّاً وسياسيّاً وكنسيّاً. ستفتقده شركة OMT التي يرأس مجلس إدارتها، وزملاؤه في نقابة المحامين في بيروت. فبالأسى الشديد نودّعه، ونرافقه بالصلاة في عبوره إلى بيت الآب في السماء.

عرفته منذ سنوات عديدة وعلقت في ذهني شخصيّته كصاحب رؤية واضحة، ورأي سديد، وثقة بالنّفس، ومسؤوليّة عن مستقبل الأجيال الطالعة، ونظرة سياسية صائبة، وعاطفة صافية تجاه أهل البيت: الأشقاء والشقيقة والعمّات والأخوال والخالة وعائلاتهم.

ولا غرو فهو سليل أسرة وبيت كريمين. في بيت المرحومين يوسف معوّض وكميل قبشي، ولد وتربّى على القيم الرّوحيّة والأخلاقيّة، إلى جانب ثلاثة أشقاء وشقيقة، شدّته إليهم وإلى عائلاتهم أخلص علاقات المودّة الأخويّة. وقد تيتّموا باكراً بوفاة والدهم، فتولّت والدتهم وشقيقهم الأكبر المرحوم فريد تربييتهم. فتمكّنوا من اكتساب التربية السليمة والاختصاص الجامعي.

فالمرحوم توفيق تخرّج مجازاً في الحقوق من جامعة القديس يوسف في بيروت وتدرّج في مكتب محامٍ مشهور. ثمّ انتمى إلى نقابة المحامين في بيروت، وعمل في باريس كمستشار قانوني لمدّة خمس سنوات. إرتبط في سرّ الزّواج المقدّس بشريكة حياة فاضلة هي السيدة تريز جوزف سعاده. عاشا معاً حياة سعيدة باركها الله بثمرة الابنة الوحيدة جويا، التي أحبّها كثيراً وكانت له ولزوجته سبب فرح كما يدلّ اسمها بحسب اللفظة الإيطاليّة. وسرّ بها بالأكثر بتأسيس عائلة مع زوجها الدّكتور عماد، وكان الأحفاد بهجة قلبه ومحطّ حبّه وحنانه.

جُرح بالعمق مع افراد العائلة بوفاة عزيز على قلبه حمل اسم توفيق، وهو ابن شقيق الدكتور البير. هذا الشاب المهندس توفيق اللامع بالإدارة والعطاء، محضه أهالي زغرتا – اهدن ثقتهم فانتخبوه رئيسًا لبلديتها. ولكن المنيّة خطفته بحادث سير مؤلم. فأسس عمّه على اسمه "مبادرة المهندس توفيق معوّض" للمساعدات على كل صعيد. 

بفضل رؤيته وحسن التدبير، تعاون مع صهره، زوج شقيقته النائب السابق أمل أبو زيد، وأسّسا شركة OMT. فأمّن فرص عمل لشباب زغرتا والمنطقة، بما لا يقلّ عن مئة وستّين وظيفة. وكان همّه جمع الشمل وبثّ روح التعاون وتأمين المساعدات الإجتماعيّة. فأسّس جمعيّة "متضامنون" لهذه الغاية. ودعم كاريتاس لبنان في إقليم زغرتا. وشارك كعضو في اللجنة السياسية لتحضير السينودس الخاصّ بلبنان. وانتخب نائباً لرئيس الرابطة المارونيّة. إنّه حقّاً رجل العطاء بدون حدود، بفضل ما خصّه الله به من مواهب ووزنات. وحتّى على فراش الألم وقد سيطر عليه المرض القاتل، أعرب لكاهن الرعيّة المونسنيور اسطفان فرنجية عن فرحه بإعلان تطويب البطريرك الكبير اسطفان الدويهي، وعن عزمه على إنشاء لجنة تساعد في تنظيم الإحتفالات كافّة.

وعلى الصعيد الوطني والسياسي حظي بثقة المغفور له الرّئيس سليمان فرنجيه، الذي اصطحبه معه إلى مؤتمري جنيف ولوزان، وعُيّن عضواً في لجنة الإصلاح الدّستوري.

كانت تليق له الحياة لمزيد من العطاء، وهو بعد في التاسعة والسبعين من العمر. وهذا ما كان الجميع يتمنّاه. لكنّ العزاء انّه يلبّي نداء الله بمزيد من السخاء، ونحن نرجو معه وله الثواب الكبير على ايمانه وأعماله، فينعم بالمشاهدة السعيدة، ويكون لدى العرش الإلهي خير شفيع.

على هذا الامل واكراماً لدفنته وإعراباً لكم عن عواطفنا الأبويّة، نوفد إليكم سيادة أخينا المطران أنطوان عوكر، نائبنا البطريركي السامي الاحترام، ليرأس بإسمنا حفلة الصلاة لراحة نفسه، وينقل إليكم تعازينا الحارّة.

 تغمّد الله بوافر رحمته روح فقيدكم الغالي وسكب على قلوبكم بلسم العزاء.

 المسيح قام!

 عن كرسينا في بكركي، في السادس من أيار 2024

 + الكردينال بشاره بطرس الراعي

  بطريرك انطاكية وسائر المشرق

وبعد الجنازة كانت كلمات وداعية أُلقيت في باحة الكنيسة.