ابنة طرابلس الأولى في لبنان

ابنة طرابلس الأولى في لبنان

إبنة طرابلس الأولى على لبنان في “العلوم العامّة”… ومن دون رصاص

إسراء ديب


لم تكترث الطالبة الطرابلسية آية خالد برغل (18 عاماً) بالظروف المعيشية أو الأمنية المحبطة في البلاد، بقدر ما كانت تتمسّك وتهتم بمستواها التعليميّ الذي خوّلها لتكون الأولى على مستوى لبنان في فرع العلوم العامّة بمعدّل وصل إلى (19.48)، لتتفوّق بهذه النتيجة على كلّ العوامل أو الأقاويل التي أعاقت مسيرة الكثير من الطلّاب خوفاً من المستقبل أو من فكرة “تعليق” الشهادة على الجدران من دون الافادة منها كما يزعم الكثير من الأهالي والتلاميذ.


برغل ابنة باب التبانة في الأصل والتي تعيش في منطقة القبّة مع أهلها، تُقرّ بأنّ هذا العام الدّراسي لم يكن سهلاً عليها كما على غيرها من الطالبات، فهذه التلميذة التي كانت تدرس في “مدرسة البدّاوي الرسمية للبنات” لأعوام، وسجّلت فيما بعد في “ثانوية المربّي فضل المقدّم الرسمية للبنات” في منطقة الزاهرية لمتابعة دراستها بالمرحلة الثانوية، اجتهدت فعلياً للوصول إلى هذه النّتيجة التي تُؤكّد أنّ المدراس الرّسمية لا تزال “بخيرها” وأنّ واقعها يبقى مخالفاً للروايات “المشؤومة” التي يرويها البعض سعياً الى دعم القطاع الخاصّ على حساب الرّسمي.


وفي حديثٍ لـ “لبنان الكبير”، تقول برغل: “الدّراسة هذا العام كانت صعبة، خصوصاً بعد تعطّلها ضمن ثانويتنا لمدّة أسبوعين لبدء أعمال الصيانة والترميم فيها، وكنّا قلقين فعلياً من احتمال عدم العودة إليها من جديد، لكنّنا عدنا والحمد لله بعد أسبوعيْن، وصحيح أنّ تجربتي هذا العام لم تكن سهلة، لكنّها جميلة والنتيجة أفرحتني للغاية، لذلك أشكر ثانويتنا وأساتذتها على كلّ ما قدّموه لنا من نصائح ومثابرة علمية، وأخصّ بالذكر الأستاذين عامر قرحاني (رياضيات) وأحمد حسن (فيزياء)”.


لم تخلُ مثابرة آية من شعورها بالقلق أو بالخوف من النتيجة، معتبرة أنّ الامتحانات في الثانوية كانت أصعب بكثير ممّا كانت عليه في امتحانات الدّولة الرسمية، بحيث تُعرف أساساً هذه الثانوية في طرابلس بجدّيتها وبدعمها للدّراسة ولتلاميذها منذ أعوام، وتؤكد “كنت خائفة من النتيجة طبعاً، لكنّ أعتقد أنّني سجّلت هذه العلامات بفضل من الله أوّلاً، وبمتابعة من المدرّسين الجيّدين ثانياً، وجهدي ثالثاً، ففرحتي اليوم لا تُقدّر بثمن وسأتابع دراستي قطعاً، لكنّني حتّى اللحظة لم أتمكّن من اختيار الميدان المناسب لي، وبين الهندسة والطبّ لا أعرف توجّهي المباشر إلى الآن، لكنّني أهتمّ أكثر بحصولي على منحة تُخوّلني الدّخول إلى الجامعة المناسبة”.


وإذْ تشير آية (التي تعرف تماماً التطوّرات القاسية التي تمرّ بها البلاد استراتيجياً وعسكرياً)، الى أنّ رغبتها في استكمال مسيرتها التعليمية تكمن في أهمّية تحقيق طموحها من جهة، ومساعدة أهلها ومساندتهم من جهة ثانية، تُشدّد على عدم فقدانها الأمل “فأنا متفائلة جداً، لأنّني أركّز في عملي ودراستي فقط، ولا أريد سوى تحقيق النّجاح في حياتي”.


وبلفت بعض المتابعين إلى أهمّية دعم طاقة هذه الطالبة التي تفتخر بها طرابلس، وخصوصاً من السياسيين عبر مساعدتها بمنحة خاصّة لتتمكّن من رفع اسم مدينتها عالياً، وتحديداً بعد اطلاع الجميع على علاماتها “المبكّلة” ومنها: الرّياضيات (120/120)، (فيزياء 79/80)، كيمياء (60/60)، اللغة العربية (34/40)، اللغة الأجنبية (28/30)، الفلسفة العامّة (30/30)، والتاريخ (29/30)، ليكون مجموعها 380 من أصل 390.


نتائج امتحانات الثانوية العامّة (التي شهدت نجاحاً متفوّقاً شمالاً كانت سجلّته أيضًا الطالبتان رزان عبد الله مرعب وسابين عبد اللطيف خضر بالحصول على المرتبة الثالثة على صعيد لبنان في علوم الحياة (19.28)، وقمر المعماري بحصولها على المرتبة الخامسة على صعيد لبنان بالعلوم العامّة (19.06))، لم تكن عملية إصدارها بعد منتصف الليل، حلّاً إيجابيّاً يحدّ من إطلاق الرصاص والمفرقعات النّارية ابتهاجاً، مع العلم أنّ مناطق طرابلسية عدّة شهدت إطلاق الرصاص بكثافة من أشخاص لا علاقة لهم بالنتيجة وأصحابها، ما أدّى إلى إصابة طفلة من طرابلس برصاصة طائشة، في وقتٍ أكّدت الطالبة برغل أنّ أهلها الذين فرحوا بنتيجتها، لم يُطلقوا رصاصة واحدة، أو حتّى مفرقّعات نارية لا في ساعات المساء ولا مع ساعات الصباح، وتقول: “إنّ هذه الطريقة مستهجنة للغاية وغير مقبولة، لأنّ فرحتي بنتيجتي لا تسمح لنا بأذية النّاس أو إزعاجهم وإيقاظهم ليلاً، فالبهجة كانت بين أهلي وناسي مهمّة للغاية، لكن لا نحبّ أن نكون مصدر أرق لأحد”.