للميسورين فقط.. الباصات المدرسية
يُطل العام الدراسي هذه السنة حاملاً معه الهموم، فكأن الأهالي لا يكفيهم التفكير بالأقساط والكتب المدرسية التي ترتفع أسعارها من عام الى عام، حتى تأتي مشكلة النقل أو "الأوتوكار" لتلقي بظلالها عليهم وتزيد من همومهم.
يطل شهر أيلول بمصائبه على رؤوس الأهالي الذين سيواجهون مشكلة تتعلق بنقل أولادهم من المدارس وإليها. وقد تلجأ المدارس أو أصحاب الباصات، بداعي التوفير، إلى حشوها بالطلاب خلافاً للأصول، ما يقضي بضرورة مراعاة الأصول القانونية لوسائل النقل المعدّة لنقل تلامذة المدارس الرسمية والخاصة من قبل مالكي الباصات، مع متابعة وزارة التربية للتذكير بها والتأكد من تطبيقها.
لم يعُد للأهالي قدرة على التحمُّل بعد أن باتت الكلفة أكبر من طاقاتهم. مسألة التكلفة العالية لخدمة النقل باتت حديث الأهالي في الآونة الأخيرة. بعض المدارس قرّرت إيقاف خدمة النقل لعدد من الطلاب بعد تخلف أهاليهم عن دفع مستحقات النقل لتُقفل الباصات أبوابها عن استقبالهم، الأمر الذي وضع الأهالي في مواقف صعبة جدًا.
"ميزانية" كبيرة يحتاجها بدل النقل في باصات المدارس، فالصعوبة في بدء العام الدراسي حضورياً تكمن في الوصول إلى المدرسة. فالكلفة تبلغ كحد وسطي حالياً 80 دولار شهرياً، بحسب بعض اللوائح التي حصل عليها الاهل من المدارس، فيما يتراوح بعضها ما بين 15 و30 دولار بحسب المنطقة والمسافة.
عدد كبير من المدارس لم يسعّر بعد كلفة نقل الطلاب عبر الباصات المدرسية ، وكذلك سائقو الباصات الخاصة، في انتظار ما سيحلّ بأزمة المحروقات. لكنّ بعض المدارس وأصحاب وسائل نقل آخرين، قرّروا تحديد كلفة نقل الطلاب على سعر غير مدعوم، والمضي به خلال العام كلّه، دون الاضطرار إلى زيادة السعر لاحقاً.
السيد احمد الحاج، أب لولدين، قرر هذا العام تغيير مدرسة ولديه بهدف توفير المواصلات، فهم من سكان بعاصير وكانت المدرسة في الشويفات، تبعد حوالى 20 دقيقة بالباص عن منزلهم. ويقول: إخترت مدرسة قريبة من منزلنا، تبعد حوالى الخمس دقائق سيراً على الأقدام. ويضيف: إخترنا المدرسة الأنسب من الناحية المادية، فلم يعد باستطاعتنا التفكير بالجانب العلمي فقط.
وأم محمد، تروي معاناة أبنائها في باص المدرسة الحكومي بقولها: ''4 سنوات مضت، وفي كل عام يطلب أولادي بأن أجد لهم وسيلة أخرى للذهاب إلى المدرسة غير الباص الذي يفتقد الكثير من وسائل الأمن والراحة بالنسبة للأولاد، ففي هذا الباص الذي يخلو من مشرف يتعرض الكثير من الأولاد، ومن بينهم ابني، للضرب على أيدي الكبار".
وتشكو أم محمد من جهة أخرى عدم اهتمام سائق باص المدرسة في العام الفائت بإنزال ابنها في مكان آمن ومناسب، حيث يتوقف سائق الباص في أي مكان فارغ بدلا من الانتظار وإنزال الطالب في مكان لا يضطر فيه إلى قطع الشارع، وهو ما يعرض الطلاب للمخاطر، إضافة إلى تسرع السائق أثناء صعود وهبوط الطلاب دون مراعاة الأطفال منهم، فما إن يضع الطفل ساقه في الباص حتى ينطلق السائق ليلحق بالطالب التالي.
وأشارت الى أنه "يلجأ الأهالي في المناطق الفقيرة الى هذه الباصات الرخيصة بغض النظر عن كل شروط السلامة المفقودة"، وتستذكر ام محمد حادثة مدينة طرابلس التي تمثّلت بوفاة التلميذة نسرين عز الدين، ابنة الـ١٣ عاماً إثر سقوطها من فجوة داخل باص المدرسة الذي كانت بداخله أثناء عودتها إلى منزلها.
ظافر الخطيب، سائق باص متعاقد مع إحدى المدارس في السعديات، لم يستطع حتى الآن تسعير بدل النقل بانتظار ما سيحلّ بأزمة المحروقات، ويقول انه حتى الآن، فان الأهالي يسجّلون أولادهم في الباص ولو دون تحديد السعر بعد،وكل ما يتعلّق بآلية النقل بات يتكلّم دولارًا.
وعن التسعيرة، يلفت المتحدّث الى أنها تختلف باختلاف مسافة منزل التلميذ، وأنّ كلفة خدمة النقل المدرسي يجب أن تشمل ثلاثة أمور: ثلث التسعيرة يجب أن يعود كمصروف الآلية من محروقات، الثلث الثاني يشمل صيانة الآلية وبدل استهلاكها، والثلث الثالث يكون كربح لصاحب الآلية. وهنا، يشدّد على أنّ أي تعطل مفاجئ في الآلية قد يدفع صاحبها الى صرف كل ما جناه من أرباح فجأة.
وقال الخطيب أن "الباصات الخاصة في المدرسة ليست ملكاً لها ونقل الطلاب ملزّم لطرف ثالث لديه باصات وسائقون ويؤمن حاجاته ومصاريف النقل مقبولة بالنسبة لكلفة المحروقات ووضع البلد، وتم تحديدها بـ 20 دولار للمناطق القريبة و 40 للمناطق البعيدة".
وعن عدد التلامذة المسموح نقله في الباص، أكد الخطيب أنه وفقا للقانون يمنع منعاً باتاً زيادة عدد التلاميذ أو وضع كراس إضافية في وسيلة النقل. كما يقتضي أن يبقى الممر الوسطي مفتوحاً لدخول التلامذة وخروجهم من دون أي عائق.