تغيّر المناخ يُهدّد بشتاءٍ قاسٍ… أعاصير وسيول تغيّر وجه الكوكب!
يشهد كوكب الارض تحولات جذرية لم يسبق لها مثيل، حيث بات تغير المناخ يفرض نفسه كأزمة عالمية تهدد الوجود. فارتفاع درجة حرارة الأرض، وذوبان الأنهار الجليدية، وارتفاع مستوى سطح البحر، وزيادة حدة الظواهر الجوية المتطرفة، كلها مؤشرات واضحة على أن الارض يعيش تحولات جذرية، تتجاوز آثار تغير المناخ التغيرات المناخية الموسمية المعتادة، لتصل إلى تهديد مباشر لحياتنا وسبل عيشنا.
مع كل شتاء يمر، تتزايد المخاوف بشأن تأثيرات تغير المناخ على هذا الفصل الحيوي. فارتفاع درجات الحرارة العالمية، وإن بدت ظاهرة بعيدة، لها تداعيات مباشرة على أنماط الطقس الشتوي. فهل ستؤدي هذه التغيرات إلى زيادة في العواصف الثلجية المدمرة؟ أم أنها ستقلل من كمية الأمطار والثلوج التي تسقط؟ وماذا يعني ذلك بالنسبة للزراعة والمياه والبيئة بشكل عام؟
صيف 2024: جرس إنذار عالمي!
رغم أنه لا يمكن التأكد أن كل حدث مناخي قاسٍ هو نتيجة مباشرة لتغير المناخ، إلا أن الاحتباس الحراري يزيد من احتمالية حدوث هذه الظواهر وشدتها. فزيادة انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري، تساهم بشكل كبير في ارتفاع درجة حرارة الكوكب، مما يجعل الظواهر الجوية المتطرفة أكثر شيوعا وقوة. فعلى سبيل المثال، كان الصيف حارا بشكل استثنائي في النصف الشمالي من الكرة الأرضية العام الماضي، ومن المتوقع أن يكون هذا العام أكثر حرارة.
وأكدت خدمة كوبرنيكوس للتغير المناخي، وهي الجهة المعنية برصد التغيرات المناخية في الاتحاد الأوروبي، أن صيف نصف الكرة الشمالي لعام 2023 قد حطم الرقم القياسي لأعلى درجة حرارة مسجلة على الإطلاق. فمع ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، تجاوز هذا الصيف كل السجلات السابقة، مما يشير إلى تسارع وتيرة الاحتباس الحراري. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يكون عام 2023 هو العام الأكثر حرارة في تاريخ البشرية.
ماذا عن الشتاء المقبل؟
حذر الخبير البيئي البروفيسور ضومط كامل في حديثه لـ “الديار”، من أن الشتاء المقبل قد يشهد أحداثاً جوية متطرفة غير مسبوقة نتيجة لتغير المناخ. فمن المتوقع أن تشهد مناطق عديدة أمطاراً غزيرة وسيولاً مفاجئة ورياحاً عاصفة، قد تتسبب في أضرار واسعة بالممتلكات والبنية التحتية. هذه التغيرات المناخية تؤثر بشكل مباشر على دورة المياه، مما يزيد من حدة الجفاف في بعض المناطق والفيضانات في مناطق أخرى.
وبحسب الخبير البيئي، فإن ارتفاع درجة حرارة الكوكب أدى إلى زيادة الطاقة الحرارية في الغلاف الجوي، مما يزيد من حدة الظواهر الجوية المتطرفة. كان القطب الشمالي والجنوبي يعملان على تبريد الكوكب وتساقط الثلوج، إلا أن ارتفاع درجات الحرارة أدى إلى ذوبان الجليد وتقليل قدرة المحيطات على امتصاص ثاني أكسيد الكربون. هذا التغير في توازن النظام المناخي أدى إلى زيادة تواتر وشدة العواصف والأعاصير.
اضاف: كما أن ظاهرة النينو، وهي ظاهرة دورية ترتبط بارتفاع درجة حرارة سطح المحيط، تساهم في زيادة حدة الظواهر الجوية المتطرفة في مناطق مختلفة من العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط. وكشف أن الشرق المتوسط مهدداً بأعاصير في فصل الشتاء المقبل قريباً تتأثر بها دول الجوار.
لذا، يجب على الجميع الاستعداد لمواجهة هذه التحديات من خلال اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة، والتعاون مع الجهات المعنية لتقليل الآثار السلبية لهذه الأحداث.
أبرز الكوارث البيئية العالمية
شهدت البرازيل في عام 2024 أحداثاً جوية متطرفة غير مسبوقة، حيث اجتاحت الفيضانات العديد من المناطق، مما أدى إلى خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات وتشريد آلاف الأشخاص. هذه الكارثة الطبيعية ليست حدثاً معزولاً، بل هي جزء من سلسلة من الأحداث المتطرفة، التي تشهدها دول العالم نتيجة لتغير المناخ. فتؤكد الفيضانات التي شهدتها البرازيل على العلاقة الوثيقة بين الأحداث الجوية المتطرفة وتغير المناخ. فارتفاع درجة حرارة الأرض يؤدي إلى زيادة تبخر المياه من المحيطات، مما يزيد من كمية الأمطار التي تسقط في بعض المناطق، ويؤدي إلى حدوث الفيضانات. كما أن تغير أنماط التيارات المحيطية يؤثر على توزيع الأمطار، مما يزيد من خطر حدوث الفيضانات في بعض المناطق وتناقصها في مناطق أخرى.
هذا وكان للهند حصة كبيرة من الكوارث البيئة، التي شهدها كوكب الأرض بسبب التغير المناخي، إذ شهدت الهند موجة حر شديدة غير مسبوقة، حيث ارتفعت درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، متجاوزة 52.9 درجة مئوية في العاصمة دلهي. هذه الموجة الحارة، التي امتدت لتشمل أجزاء واسعة من البلاد، أثارت مخاوف بالغة بشأن تداعياتها على الصحة العامة، والزراعة، والاقتصاد، والبيئة.
كما شهدت الولايات المتحدة هذا العام موجة غير مسبوقة من الأعاصير، حيث ضربت أكثر من مئة عاصفة منطقة الغرب الأوسط والسهل الكبير خلال أربعة أيام فقط. وتسببت هذه الأعاصير في دمار هائل وخسائر فادحة في الأرواح والممتلكات. ففي مدينة أوماها بولاية نبراسكا على سبيل المثال، أصدرت خدمة الطقس الوطنية تحذيرات من الأعاصير بشكل متكرر، مما يدل على شدة العاصفة وسرعتها في الانتشار.
شانتال عاصي – الديار