التقشّف يتقدّم الإحتفال بعيد الميلاد.. والأسعار نار

التقشّف يتقدّم الإحتفال بعيد الميلاد.. والأسعار نار


تعد فترة الأعياد وتحديداً عيدي الميلاد ورأس السنة، فرصة، للخروج من أعباء الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعصف بلبنان منذ سنوات، وهذا لم يكن سهلاً على اللبنانيين تحديداً بعد العدوان الإسرائيلي في شهر أيلول، وبعد التغييرات الجيوسياسية في منطقة، إثر سقوط نظام بشار الأسد في سوريا والانعكاسات على لبنان. ورغم ذلك، بدأت العديد من المحال التجارية والمؤسسات وحتى البلديات بإضاءة زينة الميلاد في الشوارع العامة، في محاولة لتحريك الوضع الاقتصادي بالدرجة الأولى، وإدخال الفرح إلى قلوب المواطنين، فهل تنجح هذه المحاولات في كسر حلقة الازمات والجمود الاقتصادي؟


محاولات للبحث عن الفرح


تحاول ماري فرح موظفة في إحدى الشركات اللبنانية، إنهاء مهامها الوظيفية باكراً في هذه الفترة من العام، للتوجه إلى الأسواق التجارية وشراء مستلزمات العيد. تقول فرح لـ”المدن”: ” يبدو هذا العيد مختلفاً قليلاً عن السنوات الماضية، على الرغم من اقتراب ليلة الميلاد، فالتحضيرات لا تزال خفيفة، ليس فقط على مستوى الأفراد بل أيضا ًعلى مستوى المحال التجارية”.


بالنسبة إلى فرح كما الكثير من اللبنانيين، يعتبر العيد فرصة لاجتماع العائلة، ولذا من الضروري وجود أطباق معينة مخصصة للعيد مثل الحلويات، إلا أنها تجد صعوبة في الحصول على ما تريد بشكل فوري. تقول “حتى الآن، لم أتمكن من حجز كعكة العيد التقليدية أو كعكة Buche de Noel” إذ، وبحسب تعبيرها، “لا بد من طلبها قبل أيام من محلات الحلويات المتخصصة، قبل شرائها، وبسعر يبدأ من 30 دولاراً”.

أما بالنسبة إلى الأسعار، ترى فرح، بأنها لا تشهد الاختلاف الكبير مقارنة بالعام الماضي، إذ يتراوح سعر الكيلوغرام من حبش العيد بين 5 و 6 دولارات، كذلك بالنسبة إلى الحلويات التي تبدأ من سعر 10 دولارات.


أسعار مرتفعة


تفاجأت كارين خوري خلال جولتها في العاصمة بيروت بأسعار زينة الميلاد هذا العام. خوري، أم لطفلتين، تسعى جاهدة إلى مسح تأثيرات الحرب من ذاكرة بناتها. تقول لـ”المدن”: “على الرغم من أن المنطقة التي نعيش بها، لم تتعرض لضربات جوية إسرائيلية، إلا أن أصوات القذائف كانت مرعبة جداً بالنسبة لي ولعائلتي”. وتضيف “بعد انتهاء الحرب، وجدت أن فرصة عيدي الميلاد ورأس السنة، قد تكون مناسبة جداً لإدخال الفرح لعائلتي”، لكنها تفاجأت بالأسعار التي وصفتها ب”المرتفعة إلى حد غير معقول، إذ يتطلب شراء زينة الميلاد لا يقل عن 300 دولاراً، ناهيك عن أسعار شجر الميلاد”.


وفي جولة لـ”المدن” للتعرف على أسعار زينة الميلاد هذا العام، تبين اختلاف الأسعار بين المناطق، ففي العاصمة بيروت، ترتفع الأسعار مقارنة مع مناطق أخرى على حدود العاصمة شرقاً، وكذلك مقارنة مع قرى الجنوب. ويعود السبب في ذلك بحسب بشارة درباس، وهو تاجر زينة بالجملة، إلى أن بعض المحال التجارية فضلت الاكتفاء بشراء الأساسيات للعيد هذا العام، فيما مؤسسات لا تزال تحتفظ بزينة من العام الماضي لعرضها وبيعها. يقول درباس: “أدت الحرب إلى تأخير حركة الاستيراد والتصدير، وهو ما نتج عنه ندرة في البضائع هذا العام، وبالتالي نشهد ارتفاعاً في أسعار بعض الأساسيات الخاصة بالميلاد”.

أما محال الزينة، فتبين وجود اختلافات في الأسعار ما بين المنتجات المستوردة وتلك المحلية. يبدأ سعر النجمة التي يتم وضعها على قمة شجرة الميلاد من 4 دولارات وتصل إلى 10 دولارات (محلية الصنع) فيما أسعار النجمة المستوردة فيتخطى سعرها 20 دولاراً، كذلك الأمر بالنسبة إلى أسعار الكرات الملونة الصغيرة، إذ يباع سعر العلبة التي تحتوي على 12 كرة، بنحو 48 دولاراً، أما بالنسبة إلى الكرات المحلية أو المستوردة ولكن بأقل جودة، تباع العلبة بنحو 18 دولاراً.

أما أشجار الميلاد، فتتباين أسعارها حسب المناطق، تبدأ من 10 دولارات وترتفع إلى 100 دولار، وفي مناطق تعرضت للقصف الإسرائيلي، تباع أشجار الميلاد الاصطناعية بأسعار مرتفعة مقارنة مع العاصمة، ويمكن شراء الشجرة الصغيرة بنحو 20 دولاراً، أي ضعفي السعر في بيروت. كذلك الأمر بالنسبة إلى مغارة العيد، والتي تعد رمزاً أساسياً في الميلاد، تبدأ الأسعار من 15 دولاراً وترتفع بحسب الجودة والحجم.


الهدايا بعيدة المنال


الخوف من الأوضاع السياسية في المنطقة ولبنان، دفعت تيريزا ديب، إلى التقنين في شراء الهدايا هذا العام، واكتفت بشراء هديتين لأحفادها فقط، مستغنية بذلك عن الهدايا التي كانت تخصص لها ميزانية سنوية، لتقديمها لعائلتها. تقول لـ”المدن”: أخشى من تكرار سيناريو الحرب، ونحتاج إلى توفير السيولة للانتقال من مكان إلى أخر”. في عدوان إسرائيل الأخير، اضطرت إلى ترك قريتها ومنزلها في منطقة مرجعيون، والانتقال إلى بيروت، وتخشى من أن تعيش السيناريو نفسه، ولذا، تسعى إلى توفير الأموال على الأقل حتى انتهاء فترة الـ 60 يوماً المتفق عليها بشأن قرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان.


يكافح اللبنانيون للحصول على بصيص أمل والقليل من الفرح، بعد سلسلة من التحديات والمآسي التي عاشوها في الفترة السابقة، ويمثل عيد الميلاد ورأس السنة فرصة، لكنها لا تزال خجولة بسبب الأوضاع الإقليمية والتغييرات الحاصلة في المنطقة.