أمين سلام في دائرة الضغط: الخناق يزداد”

تمكّنت لجنة الاقتصاد النيابية برئاسة النائب فريد البستاني من إيصال ملف الرشاوى والفساد في وزارة الاقتصاد إلى خواتيمه، مع إصدار قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي أمس مذكّرة توقيف وجاهية بحق كريم سلام، شقيق وزير الاقتصاد السابق أمين سلام، بعد استجوابه في دعوى النيابة العامة المالية ضدّه بجرم الاختلاس وابتزاز شركات التأمين والإثراء غير المشروع.
ويعقد حلاوي جلسة الخميس المقبل للاستماع إلى ثلاثة شهود في الملف، هم جورج ماتوسيان صاحب «شركة المشرق للتأمين»، وفادي تميم مستشار وزير الاقتصاد السابق، ونقيب خبراء المحاسبة إيلي عبود.
وقد وردت أسماء الثلاثة في التحقيق إذ إن ماتوسيان واحد من أصحاب شركات التأمين الذين تعرّضوا للابتزاز من شقيق الوزير ومستشاره، ما دفعه إلى تقديم شكوى ضدهما مستنداً إلى مقطع فيديو يظهر فيه تميم وهو يتقاضى الرشاوى منه في مكتبه، علماً أن الخلاف كان على قيمة الرشوة.
أما تميم الذي سبق أن أوقف وقضى عقوبته في السجن وخرج قبل مدة قصيرة، فكان يعمل تحت إمرة كريم سلام بغطاء رسمي كامل من الوزير السابق.
فيما يعتقد بأن عبود المنتمي إلى القوات اللبنانية أعدّ وسلام استراتيجية الانقضاض على شركات التأمين التي تعثّرت بعد انفجار المرفأ، وكان عرّاب صفقة إخضاع هذه الشركات للتدقيق تحت طائل سحب التراخيص منها أو عدم تجديدها في حال لم تلتزم بالمبلغ المفروض عليها، ما حقّق للمرتكبين أرباحاً طائلة.
وقد حضر عبود أمس إلى شعبة المعلومات للاستماع إليه بعد إحالة الملف إليها من النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار بعد الإخبار الذي قدّمه بستاني ولجنة الاقتصاد.
ما سبق ينتهي عند الوزير سلام كونه «الراعي الرسمي» لكل هذه الأعمال التي لم تكن لتحصل سوى بموافقته وبحمايته وبتأمينه غطاء لشقيقه وتميم وعبود لابتزاز الشركات بقوة الدولة.
وقد رفض الوزير السابق مراراً حضور جلسات لجنة الاقتصاد رغم استدعائه أكثر من مرة، محتمياً بحصانته الوزارية، ومعتبراً أن ثمة «مؤامرة» ضده.
ومع دخوله نادي الوزراء السابقين، بدأ البحث عن حصانة أخرى. فبعدما كان قد علّق قيده في نقابة المحامين في بيروت عند تعيينه وزيراً، أعاد تفعيله غداة تركه الوزارة وطلب نقل تدرّجه من نقابة بيروت إلى نقابة المحامين في طرابلس التي وافقت على انتسابه.
لجنة الاقتصاد تفتح ملف ابتزاز صناعيين للحصول على تراخيص والمتاجرة بإجازات الاستيراد والتصدير.
وفور موافقة نقابة الشمال على الملف، علت الاعتراضات حول قبوله مع شكوك حول سرعة إتمام الإجراءات، خصوصاً أن صاحب الطلب تحوم حوله شبهات وجرى منعه من السفر ويحقّق القضاء في ملف يشمله ومستشاره الشخصي وشقيقه الذي جمّدت هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان حساباته الخاصة وحساباً يديره لمصلحة الوزير.
وتقدّمت المحامية باسكال أيوب عضو مجلس نقابة طرابلس قبل أسبوع بدعوى أمام محكمة الاستئناف المدنية لإبطال قرار النقابة قبول طلب انتساب سلام إليها.
وقالت أيوب في معرض الدعوى إن الوزير السابق أعاد قيده كمتدرّج لدى نقابة المحامين في بيروت بعد تشكيل حكومة جديدة، ثم قُبل انتسابه إلى نقابة المحامين في طرابلس وليس فقط نقل قيده، مع رفض ديوان النقابة إطلاعها على ملفّ طلبه.
وطلبت أيوب من النقيب سامي الحسن «إطلاع المجلس على التقرير الذي تعدّه النقابة بشأن سلام أو إطلاعنا على قرار قبول التدرّج لنبني تعليقنا وفق الأصول قبولاً أو رفضاً وليُبنى على الشيء مقتضاه».
غير أن مصادر مجلس النقابة أكّدت اطّلاع أيوب وموافقتها في الجلستين المنعقدتين لمناقشة ملف سلام على انتسابه و«ثمة محاضر تثبت ذلك».
وأوضحت أن الموافقة «أُعطيت للوزير السابق بعد تأمين كل المستندات وإفادة من نقابة بيروت تثبت أن لا حكم عليه، وبالتالي أتيح له الانتساب إلى النقابة في طرابلس، وهو أمر بديهي، وحصل بإجماع الأعضاء الخمسة بمن فيهم أيوب التي وقّعت مرتين على الموافقة»، فضلاً عن أنها «تقدّمت بدعوى بعد انقضاء المهلة القانونية للاعتراض أي عند تقدّم لجنة الاقتصاد بإخبار بحق سلام لأغراض شعبوية».
ووصفت المصادر ما يحصل بأنه «افتراء على نقابة طرابلس، إذ ما الفرق إذا كان منتسباً إلى نقابة بيروت أم نقابة الشمال؟ ألا يمتلك الحصانة نفسها في الحالتين؟ فضلاً عن أن النقابة لا تمنحه الحصانة ولا تحميه إذا لم يرتكب أي جرم خلال ممارسته مهنة المحاماة، فكيف إذا كان الجرم – إن ثبت – حصل عندما كان تدرّجه معلّقاً؟».
وستشكّل هذه المسألة محور اجتماع لجنة الاقتصاد النيابية اليوم.
وقال البستاني لـ«الأخبار» إنه في صدد التوجه بالكلام إلى نقابة المحامين في الشمال بعد قبول انتساب سلام.
كما ستتطرق الجلسة إلى ملف فساد آخر في وزارة الصناعة في عهد الوزير السابق النائب جورج بوشكيان الذي «سيحضر الاجتماع ويُستمع إليه بكل حسن نية» كما قال البستاني الذي رفض الإفصاح عن فحوى القضية، فيما قالت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» إن بوشكيان «يواجه اتهامات تتعلق بابتزاز صناعيين للحصول على تراخيص منشآت صناعية، إضافة إلى المتاجرة بإجازات الاستيراد والتصدير».