بلديّة بيروت و”سطل” الكرابيج

كنّا صغاراً نقف على رصيف الشارع وعيوننا تراقب مداخله، حتّى يصرخ أحدنا: “وصل الشيخ”، فنهرول جميعاً تجاه الشيخ فؤاد القادم من الشوف بقلنسوته الصوفيّة البيضاء حاملاً “سطلاً” بلاستيكياً وكيساً مليئاً بقراطيس البسكوت. كانت “الكرابيج” التي يبيعها الحلوى المفضّلة عند كلّ أطفال الحيّ.
نصف ليرة تمنحك الفرصة لرمي الزهر الذي يعطيك إيّاه الشيخ، والرقم الذي تحصل عليه عند رمي الزهر تحصل مقابله على عدد مماثل من قراطيس الكرابيج. المهمّ أن لا أحد يخسر، ومن يحصّل رقماً دون الثلاثة يرضيه الشيخ فؤاد بقرطاس أو قرطاسين كجائزة ترضية.
تخوض القوى السياسية والشعبية والمجتمعية في بيروت الانتخابات البلدية كما كنّا نفعل صغاراً مع الشيخ فؤاد و”سطل” الكرابيج. كلّ واحد منها يحصل على حصّة وفقاً لنتيجة رمي حجر الزهر على الأرض. طبعاً مع الحرص على عدم إغضاب أحد، تماماً كما كان يفعل الشيخ فؤاد مع أصحاب الأرقام الصغيرة، فهم بالنهاية دفعوا نصف ليرة كما فعل الفائزون بالأرقام الكبيرة.
ولادة مرتقبة
إن سارت الأمور وفقاً لما هو مرسوم ولم تحصل مفاجأة كبرى، مع الإشارة إلى أنّ زمن المفاجآت انتهى منذ زمن بعيد، فإنّ اللائحة التوافقية للانتخابات البلدية في بيروت ستولد مطلع الأسبوع المقبل، وفقاً لثلاثة معطيات:
1- إصرار الرئيس نبيه برّي على الوصول إلى لائحة توافقية تحصّن المناصفة في بيروت، وتؤكّد الصورة الوطنية الشاملة المعروفة عن العاصمة، وتأكيد الوقوف إلى جانب الأكثريّة السنّية الناخبة المتمثّلة بمرجعيةّ دار الفتوى والقوى السياسية كالنائب فؤاد مخزومي ومعه المرجعيّات الاقتصادية والاجتماعية وصولاً إلى جمعيّة المشاريع.
2- تأكيد النائب فؤاد مخزومي في آخر اجتماع للفعّاليات المشاركة في تشكيل اللائحة أنّه لن يرشّح شخصيّة بعينها ولا يريد حصّة خاصّة ولا أسماء معيّنة له، وأنّ كلّ الأسماء التي سيتمّ التوافق عليها، وتحديداً الأسماء السنّيّة، تمثّله ويكنّ لها كلّ تقدير واحترام.
أشارت مصادر خاصّة بـ”أساس” إلى أنّ اجتماعاً حصل في الساعات الـ48 الماضية بين النائبين فؤاد مخزومي ونبيل بدر
3- إعلان المهندس بسّام برغوت الانسحاب من الترشّح، وهو ما أفسح المجال الأوسع لتوافق على اسم الرئيس المرتقب للّائحة الذي يبدو أنّ إعلان اسمه سيكون في الساعات الأخيرة قبل إعلان اللائحة.
أشارت مصادر خاصّة بـ”أساس” إلى أنّ اجتماعاً حصل في الساعات الـ48 الماضية بين النائبين فؤاد مخزومي ونبيل بدر، ولم يدُم الاجتماع أكثر من 30 دقيقة، وعرض فيه مخزومي على النائب بدر اختيار اسم يمثّله للانضمام إلى اللائحة التوافقية، فيما طلب الأخير إشراك “الجماعة الإسلامية” في اللائحة والتوافق معه على اسم رئيس اللائحة، وهو أمر لم يُقبل.
في المقابل، أبدى نائب “الجماعة الإسلامية” الدكتور عماد الحوت في لقاء مع عدد من الجمعيّات الإسلامية استغرابه لما يروَّج عن فيتو عربي على مشاركة “الجماعة” في اللائحة التوافقية، مؤكّداً أنّه خلال تواصله مع أحد المعنيّين بذلك لمس حرصاً على مشاركة الجميع بمن فيهم “الجماعة” لتحقيق التوافق وتحصين المناصفة في بيروت.
الأسماء المرشّحة لدخول اللائحة التوافقية محسومة بنسبة 99% في المقاعد الإسلامية (سنّة وشيعة ودروزاً) مع إمكان حصول تغييرات طفيفة في الساعات المقبلة، وهي:
– السُنّة: محمد مشاقة، أحمد شاتيلا (أحباش)، حسين البطل، رشا فتوح، محيي الدين سلام (تراجعت حظوظه فجأة)، أحمد زيدان، ندى يمّوت، وسيّدة من آل الحلبي.
الشيعة: يوسف بيضون، خليل شحرور، عماد فقيه.
الدروز: رامي الغاوي أو شخص من العائلة نفسها.
في المقابل، حُسم تمثيل العائلات البيروتية الأرثوذكسية في المصيطبة ورأس بيروت عبر نقولا بخعازي وكريستيان منصور.
اللّوائح المتنافسة
أشار مسار الترشيحات والمنافسة إلى أنّ المعركة ستُخاض بين ثلاث لوائح:
1- اللائحة التوافقية.
2- لائحة نوّاب التغيير وفيصل سنّو.
3- لائحة “الجماعة الإسلامية” ونبيل بدر.
تتقدّم حظوظ اللائحة التوافقية بالفوز الصريح على منافسيها بشرط توافر أربعة أمور:
1- التزام البلوك الشيعي بقيادة الرئيس نبيه برّي التصويت بشكل كامل للّائحة والعمل على حشد المقترعين الشيعة بجدّية وتنظيم محكم.
2- التزام “جمعية المشاريع” التصويت للّائحة بكلّ أعضائها كبلوك متجانس.
الأسماء المرشّحة لدخول اللائحة التوافقية محسومة بنسبة 99% في المقاعد الإسلامية مع إمكان حصول تغييرات طفيفة في الساعات المقبلة
3- رعاية دار الفتوى للتوافق لمنع تشكّل بلوك إسلامي مضادّ يدعم لائحة “الجماعة الإسلامية” ونبيل بدر، خاصّة أنّ الجمعيّات الإسلامية الكبرى مُستبعدة عن التشكيلة كجمعيّة الفتوّة والإرشاد والاتّحاد وغيرها.
4- قدرة “القوّات اللبنانية” و”الكتائب” و”الطاشناق” والنائب السابق ميشال فرعون على حشد أكثريّة مسيحية داعمة للّائحة التوافقية، خاصة أنّه خلال الانتخابات البلديّة الأخيرة كانت أكثريّة أصوات لائحة “بيروت مدينتي” مسيحية فيما لم تمنح القوى السياسية المسيحية لائحة التوافق في حينه أكثر من ألف صوت. والتزام الأحزاب المسيحية التصويت للّائحة التوافقية يُفقد لائحة التغييرين ثقلها، خاصة أنّ فيصل سنّو شخصيّة غير محبوبة في بيروت حتّى داخل جمعية المقاصد.
يقفل باب الترشيح للانتخابات البلدية في بيروت يوم الأربعاء في 7 أيّار، وفي الساعات الأخيرة قبل نهاية المهلة المحدّدة ستظهر أسماء قد تحمل كلّ المفاجآت والأجوبة الغائبة.
زياد عيتاني