هل سندفع القروض المدفوعة مرة أخرى؟

هل سندفع القروض المدفوعة مرة أخرى؟


أثار التصريح المنسوب إل حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، بشأن تأييده لفكرة إصدار قانون يُجبر من سدّد قرضه بغير قيمته الفعلية على إعادة دفع ما يُفترض أنها “القيمة الحقيقية”، موجة من الجدل في الأوساط القانونية والاقتصادية، وفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات حول مدى واقعية مثل هذا الاقتراح، ومدى دستوريته وجدواه.

وقالت مصادر اقتصادية لـ”اللبنانية” إن “طرح مثل هذا القانون اليوم، وبعد مرور سنوات على السماح بتسديد القروض على سعر صرف 1500 ليرة، لا ينسجم مع القواعد القانونية المعمول بها، وقد يُعتبر ضربًا لمبدأ استقرار المعاملات المالية، لأن ما تم دفعه ابقا كان برضى كافة الاطراف وتحت مظلة القانون.” وأشارت هذه المصادر إلى أن العديد من المواطنين سددوا التزاماتهم وفقًا لتعاميم صادرة عن مصرف لبنان نفسه، وبالتالي لا يمكن تحميلهم مسؤولية الانهيار اللاحق.



تعود جذور هذا الملف إلى 26 آب 2020، حين أصدر مصرف لبنان تعميمًا سمح بموجبه للمقترضين بالدولار، والذين لا يملكون حسابات مصرفية بالعملة الصعبة، بتسديد قروضهم بالليرة اللبنانية على سعر 1500 ليرة للدولار، شرط ألا تتجاوز قيمة القرض 800 ألف دولار. هذا الإجراء، الذي سعى في حينه إلى تخفيف الأعباء عن المقترضين، استفاد منه عدد كبير من المواطنين الذين سددوا قروض سيارات ومنازل وسواها بكلفة زهيدة قياسًا إلى سعر الدولار في السوق.



لكن اليوم، مع دعوات إلى “تصحيح الخلل” وفرض إعادة الدفع بالقيمة الحقيقية، تنبّهت مصادر اقتصادية عبر “اللبنانية” إلى أن ما يُطرح لا يتعدى كونه “فكرة شعبوية قد تُرضي مشاعر بعض المودعين، لكنها لا تصمد أمام الامتحان القانوني والواقعي.” وأوضحت أن “القانون لا يُطبق بأثر رجعي على معاملات مالية جرت وفقًا لإطار تنظيمي شرعي وقائم في حينه.”



أما من ناحية المسؤوليات، فترى هذه المصادر أن التقصير الأساسي لم يكن في سلوك الأفراد بل في أداء مصرف لبنان. وقال مصدر اقتصادي بارز لـ”اللبنانية”: “لو كان المصرف المركزي يقوم بدوره فعليًا، لكان عليه أن يحسم مسألة توحيد سعر الصرف في تلك المرحلة أو يذهب نحو خيار الدولرة الشاملة. أما ما حصل، فهو ترك الأسواق في فوضى مقوننة، استفاد منها البعض وتضرر منها كثيرون، لكن لا يمكن اليوم إصلاح ذلك بتحميل الناس وحدهم الكلفة.”

وخلصت المصادر إلى القول إن “أي توجه نحو سنّ قانون من هذا النوع سيفتح باب الطعن به أمام المجلس الدستوري، وسيتسبب بهزة إضافية لثقة المواطنين بالنظام المالي والقانوني في البلاد.”