زحلة تحتفل بـ"يوم العرق اللبناني" و"اليوم العالمي للتذوق" برعاية وزارة الزراعة

في مشهد احتفالي يعكس عمق الانتماء إلى الأرض، ويعيد الاعتبار لمنتج تراثي يعكس هوية الوطن ونكهته الأصيلة، نظّمت وزارة الزراعة اللبنانية، بالتعاون مع بلدية زحلة – المعلقة وتعنايل وغرفة التجارة والصناعة والزراعة في زحلة والبقاع، فعاليات "يوم العرق اللبناني" و"اليوم العالمي للتذوق"، مساء الجمعة في بارك جوزف طعمة سكاف – زحلة، بحضور رسمي وروحي وثقافي واقتصادي وشعبي واسع، شكّل تظاهرة وطنية بامتياز.
رعى الاحتفال وزير الزراعة الدكتور نزار هاني، ممثلاً بالمدير العام للوزارة المهندس لويس لحود، وشارك فيه ممثل وزير الإعلام الدكتور بول مرقص، إلى جانب عدد من النواب الحاليين والسابقين، والوزراء السابقين، وشخصيات دينية يتقدمها أصحاب السيادة المطارنة وممثلون عنهم، ورؤساء رهبانيات ومدارس دينية.
كما سجّل حضور بارز لرئيس بلدية زحلة – المعلقة وتعنايل المهندس سليم غزالة، إلى جانب الرئيس السابق للبلدية، ورئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في زحلة والبقاع السيد منير التيني، وعمداء كليات الزراعة في لبنان، ومستشاري ومدراء وزارة الزراعة، ورؤساء المصالح والدوائر، وبلديين ومخاتير، ونخبة من الإعلاميين والاقتصاديين والثقافيين، فضلًا عن حشد كبير من أبناء زحلة والجوار.
من الخوابي إلى الأسواق: العرق اللبناني في الواجهة
استُهلّ الحفل بالنشيد الوطني اللبناني، تلاه تقديم من الإعلاميَّين نيكول صدقة وطوني بو نعوم، ثم عُرضت أفلام وثائقية تناولت تاريخ العرق اللبناني، من الكروم والكركي إلى الخوابي، وصولًا إلى الانتشار العالمي.
لحود: العرق منتج تراثي سيادي وسفير للهوية
في كلمته، نقل المهندس لويس لحود تحيات الوزير نزار هاني، مشدداً على أنّ هذا الحدث ليس فقط احتفالًا تراثيًا، بل خطوة ضمن خطة وطنية متكاملة لتثبيت حضور العرق اللبناني في الأسواق الدولية.
وقال: "العرق الزحلاوي ليس مجرد مشروب، بل هو رواية الأرض والنار والكرمة. هو ذاكرة اللبنانيين ونكهة السهرات، انتقل من البيوت إلى المعامل، ومن زحلة إلى العالم".
واستعرض لحود تاريخ تطوّر صناعة العرق في زحلة، مشيراً إلى الكركي الذي طوّره خليل نحاس في عشرينيات القرن الماضي، والانتشار الكبير الذي حققته الصناعة لاحقًا، حيث بلغ الإنتاج في الثمانينيات 25 مليون زجاجة سنويًا.
وأضاف: "في 2018 أطلقت الوزارة برنامجًا وطنياً لتسويق العرق، واليوم نعيد تفعيله بثقة. نعمل على إنتاج يحترم التراث ويواكب الأذواق الجديدة، ونسعى إلى جعل العرق اللبناني منتجاً سيادياً يعزز الاقتصاد والهوية."
وأكد استمرار الوزارة في ضبط الجودة، مرافقة المنتجين، وتنظيم الأسواق، مشددًا على أن كل زجاجة عرق تُصدَّر تعني عنبًا مزروعًا، مصنعًا يعمل، وعائلة تبقى في قريتها.
غزالة: زحلة عاصمة الذوق وواحة التراث
بدوره، أعرب المهندس سليم غزالة عن فخر زحلة باحتضان هذا الحدث، مؤكدًا أنّ العرق يشكل جزءًا لا يتجزأ من الثقافة الزحلاوية، ومن تقاليد الكرم اللبناني.
وقال: "زحلة لا تحتفل وحدها، بل تفتح ذراعيها لكل منتجي العرق في لبنان. نؤيد جهود وزارة الزراعة في ضبط الجودة ومكافحة الغش، حفاظًا على سمعة لبنان وثقة المستهلك".
وقدم أرقامًا توثق تطور هذا القطاع الحيوي:
• ارتفعت صادرات العرق من 700 ألف زجاجة عام 2016 إلى 980 ألف زجاجة في 2024
• زادت القيمة التصديرية من 3.7 مليون إلى 6.2 مليون دولار (بنسبة نمو بلغت 67%)
• الإنتاج المحلي ارتفع إلى ما بين 4.5 و5 ملايين زجاجة سنويًا
وختم بدعوة لتحويل "يوم العرق اللبناني" إلى مهرجان وطني دائم يعزز السياحة الذوقية ويحفظ التراث.
التيني: الصناعة الريفية رافعة اقتصادية ومجتمعية
رئيس الغرفة منير التيني شدّد على أن العرق اللبناني ليس فقط إرثاً ثقافياً، بل قطاعاً واعداً يستحق الدعم.
وقال: "نقدّر جهود وزارة الزراعة، ونضع إمكانات الغرفة في خدمة هذا القطاع. نؤمن بأهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتطوير جودة الإنتاج وفتح أسواق جديدة".
خاتمة: العرق اللبناني... هوية تُعبّر واقتصاد يُثمر
في هذا المشهد الوطني الذي جمع الطعم الأصيل بالرؤية المستقبلية، أكدت وزارة الزراعة اللبنانية أن العرق ليس مجرد منتج، بل عنصر سيادي يجمع بين الهوية والاقتصاد والأرض.
ومن زحلة، مدينة الشعر والنكهة والكروم، تتجدّد الدعوة إلى حماية الصناعات التراثية، وتمكين المزارعين، وتحويل الذوق اللبناني إلى قوة ناعمة تسوّق للبنان بأبهى صوره.
بو نادر: العرق قيمة مضافة للاقتصاد وجب رعايتها
كذلك شارك رئيس نقابة أصحاب الصناعات الغذائيّة اللبنانيّة رامز بو نادر في هذا الحدث، وألقى كلمة جاء فيها: "تعود صناعة العرق في لبنان الى زمن بعيد. وأصبحت من التراث، وإرثاً نحافظ عليه ونورثه لأولادنا وأحفادنا. وإن لم يكن لبنان المنتج الوحيد للعرق، إلا أنه البلد المرجع لهذه الصناعة.
يشهد الذوّاقون له كميزة. ونحن كنقابة قطاعيّة، نعتبر العرق قيمة مضافة للاقتصاد وجب رعايتها لضمان ديمومتها وتكبير حجم أعمالها وزيادة رواجها محلّياً وعالميّاً لتساهم أكثر بزيادة فرص العمل والانتاج في الزراعة والصناعة والسياحة. ويتطلّب تحقيق هذا المسار جهوداً اضافية مشتركة بين القطاعين العام والخاص، ومن قبل كلّ قطاع على حدة، وتنويع المستهلكين لمشروباتهم الروحيّة، وصولاً إلى إعطاء العرق مكانة بارزة.
ونشجّع المستهلكين على منح المنتجات الوطنية الأفضليّة في اختيارهم أمام رفوف نقاط البيع، لا سيّما الصناعات الغذائيّة والمشروبات الكحوليّة كالعرق والنبيذ والبيرة.
وننوّه بمؤسّس نقابة الكحول والخمور والمشروبات الروحيّة الذي توفّاه الله كارلوس العظم مؤخّراً، والذي عمل بكلّ تفانٍ ومثابرة ووضع رؤية واضحة من أجل تطوير القطاع".