لبنان يطلق حزمة سياسات مناخية لتعزيز الالتزام باتفاقية باريس وخفض الانبعاثات

أطلقت وزارة البيئة اليوم، "حزمة السياسات المناخية للبنان" في السراي الكبير برعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام، وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP). وتضم الحزمة ثلاث استراتيجيات وطنية: خطة التكيف الوطنية (NAP 2025–2035) والمساهمة المحددة وطنياً المحدثة (NDC 3.0) والاستراتيجية طويلة الأمد للتنمية منخفضة الكربون((LT-LEDS.
وتوفر هذه السياسات معاً خارطة طريق شاملة بشأن المناخ، تُعد الاوسع والأكثر شمولاً في لبنان حتى الآن، حيث ترسم مساراً لخفض الانبعاثات، وتوسيع نطاق الطاقة المتجددة، وتعزيز القدرة على التكيف مع التحديات المناخية.
أطلق هذا الحدث بحضور مسؤولين حكوميين وشركاء دوليين وممثلين عن المجتمع المدني، من بينهم دولة الرئيس نواف سلام، رئيس مجلس الوزراء؛ معالي الدكتورة تمارا الزين، وزيرة البيئة؛ السيدة ساندرا دو وائل، سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان؛ السيد تارسيو كوستا، سفير البرازيل في لبنان؛ السيد عمران ريزا، المنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان؛ والسيدة بليرتا أليكو، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وقد عكس هذا الحضور الواسع التزام لبنان المتجدد بتسريع العمل المناخي، ودفع أجندة التعافي قُدماً، وتجديد التمسك بالتعهدات الواردة في اتفاق باريس ضمن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ.
وفي كلمته، قال رئيس مجلس الوزراء، نواف سلام: "إن تغيّر المناخ بالنسبة إلينا واقع نعيشه ونلمسه يومياً. فكل لبناني اختبر آثاره، إذ شهدنا امتداد موجات الجفاف في مختلف المناطق، وتراجع خزانات مياهنا، وقِصر مواسم الشتاء وتراجع الثلوج، فيما تجتاح الفيضانات ودياننا في فصلي الربيع والخريف.
لقد بدأ تغيّرالمناخ بالفعل بإعادة تشكيل حياتنا واقتصادنا وأمننا. ومن هنا، فإن قضية المناخ بالنسبة إلينا ليست موضوعاً ثانوياً، بل شأناً محورياً وجوهرياً."
وفي كلمتها أشارت وزيرة البيئة، تمارا الزين: "في لبنان نشهد تزايدًا في الأحداث المناخية المتطرفة، وندرك يومًا بعد يوم أن المناخ أصبح جزءًا لا يتجزأ من السياسة والاقتصاد والتنمية، وحتى من جهود إعادة الإعمار والتعافي. وكل ذلك انعكس في البيان الوزاري، الذي يعد سابقة في تاريخ تشكيل الحكومات، حين أكدنا أننا "نريد دولة تعمل على مواجهة مخاطر اضطرابات المناخ والكوارث الطبيعية، وضمن جهود إعادة الإعمار، نريد دولة تعتمد خطط إعمار أكثر استدامة".
وأضافت: "وعلى صعيد وزارة البيئة بصفتها سلطة تنفيذية، نعمل على ترسيخ البعد المناخي في هيكلية الوزارة، ونعلن اليوم إتمام التصور المؤسسي المحدث الذي يواكب متطلبات العصر، ويضم مديرية متخصصة للمناخ، لتصبح الوزارة رسميًا وزارة البيئة والمناخ".
يساهم لبنان بقدر ضئيل في الانبعاثات العالمية، لكنه يعد من بين الدول الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ. وتكلف آثار المناخ بالفعل نحو 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا، ومن المتوقع أن ترتفع الخسائر إلى 32٪ بحلول عام 2080 إذا لم تُتخذ الإجراءات اللازمة. وفي عام 2023 وحده، تسبب الإجهاد الحراري بخسائر إنتاجية بلغت 1.3 مليار دولار أميركي، ما أثر على أكثر من 110,000 وظيفة في قطاعات الزراعة والبناء والخدمات. وتستجيب الحزمة مباشرة لهذه التحديات، محولة مخاطر المناخ إلى فرصة للنمو وتعزيز المرونة.
بدورها أكدت ممثلة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان، السيدة بليرتا أليكو، أنه: "مع وضوح الأدلة العلمية وتوافر الحلول، يؤكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على الواجب الجماعي بالتحرك فورًا لتجنب آثار سلبية عميقة قد تمتد لأجيال قادمة"، وأضافت أن "خطة تنمية مستدامة للبنان، تستثمر في الانتقال إلى الطاقة النظيفة، وتعزيز أنظمة غذائية مستدامة، وتطوير القطاعات الحيوية الأخرى، تمثل عنصرًا أساسيًا لتقليل الانبعاثات وضمان تحقيق نمو أخضر وشامل لجميع أبناء لبنان".
ولتطبيق هذه الاستراتيجيات على أرض الواقع، تولي الحكومة أولوية لاعتماد قانون جديد بشأن تغير المناخ لتعزيز الحوكمة، كما تضع مرفق الاستثمار الأخضر في لبنان (LGIF) في موقع مركزي لحشد التمويل المخصص لمكافحة تغير المناخ. وتساهم هذه الإجراءات في الحد من المخاطر أمام المستثمرين، وتمويل مشاريع الطاقة النظيفة والبنية التحتية الخضراء، وضمان تحقيق فوائد ملموسة للسكان.
وتشير التقديرات إلى أن كل دولار أميركي واحد يتم استثماره قد يحقق عائداً يتجاوز 5 دولارات، مما يبرز الإمكانات الاقتصادية للإصلاحات المناخية.
___________________ متابعة. === عايدة حسيني