استعدادات ميدانية للحرب وأول الغيث منتجع للإعلاميين في رميش...

جوانا فرحات
لم يعد الكلام عن الاستعدادات للحرب مجرد بالون اختبار أو "أخبار إعلامية مضخّمة". فإسرائيل تصعّد من عملياتها العسكرية ولا يكاد يمر يوم من دون وقوع غارة تستهدف مسؤول مدني أو عسكري في حزب الله. ورسائل التحذير الأميركية والأوروبية باتت تُقرأ "ع المكشوف" فإما أن يفك رجالات الدولة في لبنان أحرفها ويقرأها يتمعّن وإلا فإن القضاء على ما تبقى من سلاح حزب الله سيكون على أيدي الإسرائيليين وبالضربة القاضية هذه المرة.
واللافت وسط هذه المشهدية العسكرية دخول روسيا للمرة الأولى على خط التحذيرات حيث أبلغت "من يهمه الأمر" قلقها من تعاظم قدرات "حزب الله" ووصولها إلى مرحلة تصعيد خطير في الجنوب حيث لا مكان سيكون محصنا".
إزاء كل هذه التطورات بدا لافتا ما تم تسريبه عن "حجز فرق إعلامية من قنوات عربية ومحلية غرفا في أحد المنتجعات في بلدة رميش الحدودية وهو الذي اعتمده الصحافيون كمركز للتغطية خلال حرب الإسناد". فهل يكون واحدا من الأسرار الإعلامية أم حقيقة ترتكز على معطيات؟
"الخبر مؤكد" تقول مصادر مطلعة في بلدة رميش لـ"المركزية" والحجز تم في منتجع "ماونتن غيت" الذي كانت تتواجد فيه وسائل إعلام عربية ومحلية خلال حرب الإسناد. وقد وقع الخيار عليه نظراً إلى موقعه المشرف على بلدات وقرى حدودية كانت تتعرض للقصف الإسرائيلي المباشر ومنها بلدة عيتا الشعب ويارون وبنت جبيل. لكن وظيفة الإعلاميين فيه كانت تقتصر على مسائل تقنية وتحريرية إذ لم يكن باستطاعتهم الخروج منه بسبب كثافة النيران والقصف أما مصادر الخبر فكانت تصلهم من خلال المراسلين الموجودين على الأرض".
أهمية موقع المنتجع جغرافيا لم تعد نفسها اليوم بحسب المصادر " فالحرب الإسرائيلية المتوقعة تختلف في استراتيجياتها وأهدافها العسكريتارية. لذلك يُرجح أن يكون اختيار المنتجع من قبل وسائل إعلامية للإقامة فيه أكثر من كونه مطلاً على قرى وبلدات مرجح أن تتعرض للقصف كونها دُمرت بالكامل، أضف إلى ذلك أنه المنتجع الوحيد الذي يعمل صيفا شتاء".
هذا على صعيد الإعلام أما بالنسبة إلى السكان فتؤكد المصادر "أن الوضع طبيعي في رميش ودبل وعين ابل وأكثر من مستقر باستثناء أصوات المسيرات التي تحوم فوق رؤوسهم على مدى ساعات النهار والليل. ونفت وجود تحركات لعناصر مسلحة في البلدة أو على تخومها بعدما باتت كل القرى والبلدات مدمرة كليا ولا يمكن دخول أي عنصر مسلح إليها حتى أننا لم نعد نرى سيارات غريبة تجول في الأرجاء. وفي حال تم رصد أي تحركات مشبوهة لأفراد مسلحة أو لسيارة غريبة يتم قصفها من قبل الجيش الإسرائيلي "لأنو ما بقا في شي مخبا".
بين الواقع المرئي والمسموع ثمة ما هو مكتوب. فالقرى والبلدات المحاذية للشريط الحدودي التي دمرت بالكامل لن يعود إليها سكانها، تجزم المصادر، وتضيف أن ما يُحكى من حركة نزوح من منطقة الضاحية الجنوبية واستئجار عدد من السكان منازل في قضاء المتن وجبل لبنان والشوف لا ينطبق على واقع بلدات الشريط الحدودي لأن القرى التي "خلُصت" من حرب الإسناد لا يزال يعيش فيها سكانها بشكل طبيعي، وبطبيعة الحال ستكون بمنأى عن القصف الإسرائيلي المباشر لأنها غير مستهدفة عسكريا ولا توجد فيها مخازن أسلحة للحزب. أما القرى الأخرى فمدمرة بالكامل ولا إمكانية للعودة إليها .
وفي ما خص الوضع الميداني في بلدة رميش مثلا، تضيف أن هناك مستوصفا للجيش اللبناني وآخر لفرسان مالطا ولم يصر إلى تجهيزها لحالات الطوارئ كما كان الحال خلال حرب الإسناد. كذلك لا توجد استعدادات لتجهيز مستشفيات نقالة أو حالات تموين من قبل السكان"كل شي طبيعي".
وتلفت المصادر إلى أن النقاط التي كان يتمركز فيها الجيش اللبناني لا تزال موجودة وهو يقوم بدوريات روتينية مع قوات حفظ السلام الدولية كما العادة و بوتيرة أخف" وما في شي فوق العادة أو استثنائي أبدا".
"وهذا ما يحتّم السؤال" تختم المصادر" ماذا تغير على الأرض منذ ما قبل وما بعد حرب الإسناد، فالنقاط التي كان يتمركز فيها الجيش اللبناني لا تزال على حالها ولم يطرأ عليها أي تغيير ولم تتوسع مهامه. وحتى الآن ما في شي جديد وحتى أصوات المسيرات التي تحلق في سمائنا تعايشنا مع "أزيزها" منذ العام 2006 حتى اليوم".
خلال الأسابيع الأخيرة، كثّف الجيش الإسرائيلي عملياته داخل الأراضي اللبنانية، متهما حزب الله بإعادة تعزيز قدراته العسكرية على الحدود الشمالية، كما شهد الجنوب تصعيدا واسعا، حيث ضاعفت إسرائيل غاراتها الجوية واستهدافاتها، في وقت تستمر فيه الهجمات شبه اليومية التي تستهدف قرى الجنوب وشرقه، مما يجعل المشهد متوترا ومهددا بانفجار محتمل.
العميد المتقاعد وهبي قاطيشه يؤكد لـ"المركزية" أن الإستعدادات العسكرية الإسرائيلية ليست مجرد تهويل لكن السيناريوهات متعددة فإما أن يكون الضغط الذي تمارسه إسرائيل بهدف القيام بعملية اجتياح بري، أو تكثيف الطلعات الجوية والقصف. وهذا ما بدأنا نلاحظه في الأيام الأخيرة.
لكن الأكيد أن القصف لن يقتصر هذه المرة على مناطق جنوبية لأنها مدمرة في غالبيتها وسيشمل إلى الضاحية الجنوبية بعلبك والهرمل، وقد تكون هناك حرب اغتيالات لمسؤولين في الحزب...لكن ثمة سيناريو يقوم على دخول إسرائيل إلى القرى التي سوّاها بالأرض خلال حرب الإسناد ويحتلها على أن تكون عملية الخروج منها مقابل التوقيع على اتفاقية السلام مع إسرائيل. وهذا السيناريو هو الأقل كلفة في الخسائر البشرية والعتاد بالنسبة إلى إسرائيل لأن عملية إخراج الأهالي من بيوتهم في هذه القرى لا يحتاج لأكثر من تحذير من قبل الناطق بإسم جيش الدفاع الإسرائيلي وما تأكيدات أهالي بلدة رميش على حجوزات الإعلاميين لغرف في أحد منتجعاتها إلا جرس إنذار بأن "ثمة حربا إسرائيلية قادمة على لبنان" لكن لا أحد يعلم وفق أي توقيت وأي من هذه السيناريوهات".